وجهة نظر: مزايا وتحديات لنظام الميزانية العامة لفترة السنتين

نشر في 28-02-2024
آخر تحديث 27-02-2024 | 20:10
No Image Caption
د. فريد ليان

في عصر يتّسم بديناميكية المشهد الاقتصادي العالمي وما يترتب عليه من تطوّر في المسؤوليات المالية للدول، برز نظام الميزانية العامة لفترة السنتين كخيار يستدعي الدراسة المتأنية، إذ يوفر للجهات الحكومية المختصة إطارًا استشرافيًا أكثر مرونة للموازنة العامة. وهو نظام قائم بالفعل في السويد والنرويج، وتحولت إليه نيوزيلندا عام 2012.

وعادة ما يتأثر قرار تبنّي نظام الميزانية العامة لفترة السنتين بعوامل مختلفة. ومن المهم ملاحظة أن الأسباب المحددة لتبنيه قد تختلف من بلد إلى آخر. ومع ذلك، قد يكون من المفيد مناقشة بعض مزاياه العامة وعيوبه.

غالبًا ما يرتبط اعتماد الحكومات لنظام الميزانية لفترة السنتين، بهدف تعزيز التخطيط الطويل المدى، حيث يوفر للجهات الحكومية المختصة أفقًا تخطيطيًا يسمح لها بتطوير وتنفيذ سياسات وبرامج أطول مدى. فمن خلال ميزانية السنتين، يمكن للوكالات أن تتمتع بثقة أكبر في استقرار القدرة على استمرارية التمويل، كما يسمح النظام بمواءمة أفضل لدورات الميزانية مع مدد تنفيذ المشاريع المتعددة السنوات كتلك المرتبطة بتطوير البنية التحتية.

ولما كان التخطيط الطويل المدى يتضمن تحديد أهداف واضحة، وينطوي على قياس الأداء على مدى يتجاوز فترة السنة، فإن ميزانيات فترة السنتين توفر إطارًا أكثر استقرارًا لتقييم نتائج وتأثيرات البرامج والسياسات الحكومية، مما يسهم في قياس فعالية ادائها.

ويُتوقع من تبنّي نظام ميزانية السنتين، تقليل العبء الإداري المرتبط بعملية اعداد الميزانية العامة. فالميزانيات الأقل تواترا تعني عددًا أقل من المفاوضات والمراجعات، وبالتالي تتيح للجهات الحكومية تخصيص المزيد من الموارد لتنفيذ برامجها وتقييمها. علاوة على ذلك، فإن نهج الميزانية لفترة السنتين يهيئ لالتزام أكثر استدامة بمبادرات السياسات، حيث كثيراً ما تتطلب السياسات والبرامج وقتاً لإظهار النتائج، كما أن بيئة التمويل المستقرة على مدى عامين تدعم التنفيذ المتسق والمركّز لأولويات الحكومة.

ورغم أن نظام إعداد الميزانية لفترة السنتين يقدم مزايا معيّنة، فمن المهم النظر فيما يرتبط به من تحديات محتملة. على سبيل المثال، قد يكون التنبؤ باحتياجات الإيرادات والنفقات على مدى فترة عامين أمرًا ليس بالسهل. وقد يؤثر عدم الدقة في التنبؤ على فعالية التخطيط الطويل المدى. كما أن التغييرات في الحكومة أو التحولات في أولويات السياسات خلال فترة السنتين قد تشكل تحديات أمام استمرارية الخطط الطويلة الأجل ومواءمتها مع المشهد السياسي. أيضًا، قد تؤدي دورة الموازنة الأطول إلى رقابة تشريعية أقل تواترا، مما يفرض ضرورة استحداث آليات تضمن المساءلة والشفافية في التخطيط لميزانيات فترة السنتين.

ومن الضروري أن نلاحظ أن ما قد يصادف ميزانية فترة السنتين من نجاحات أو تحديات يعتمد على السياق المحدد لكل دولة، وبنية إدارتها. ففي حين نفذت نيوزيلندا موازنة فترة السنتين كجزء من إصلاحاتها في الإدارة المالية، فقد يكون لدى البلدان الأخرى اعتبارات مختلفة عند اتخاذ قرارات مرتبطة بدورات الميزانية العامة، في مقدمتها القدرة على معالجة التحديات المحتملة مع الاستفادة من الفوائد المترتبة على أفق تخطيط أكثر اتساعا. ولا غني في جميع الأحوال عن اتخاذ قرارات مستنيرة تبنى على دراسة للآثار المتنوعة المرتبطة بهذا النهج المستحدث في دورة الميزانية العامة.

* كاتب واقتصادي عربي

back to top