مذهب اللذة الإبيقوري

نشر في 20-02-2024
آخر تحديث 19-02-2024 | 20:21
 د. نجم عبدالكريم

إبيقوروس هو الفيلسوف الذي أسس مذهباً أخلاقياً قائماً على «اللذة»، التي يعتبرها إحدى أهم ركائز السعادة الإنسانية، وقد اختار هذه الفلسفة كمفتاح لمذهبه الأخلاقي عند اليونان، وذلك وفقاً للطريقة التقليدية لنظرية الأخلاق السائدة في ذلك الزمن.

***

وكان اختيار إبيقوروس لمبدأ اللذة كغاية أخلاقية جعل الكثير من الناس يوجهون إليه أصابع الاتهام، بأنه قد فتح باباً مُفسداً للأخلاق في فلسفته الداعية إلى اللذة، وما يترتب عليها من أنواع الترف والسرور الجسدي في المجتمع اليوناني.

***

فيرد إبيقوروس على منتقديه، بأن «المخلوقات عندما تُولد تجد ارتياحاً في اللذة، وتقاوم الألم بدافع طبيعي. إن لذة الجسم، مثل: السمع، والبصر، والميول الحميمية، كلها تدعو إلى السعادة النفسية، لكن ليس بالانغماس المبالغ فيه، والذي قد يقودنا إلى الألم».

***

واتسعت دائرة فلسفة اللذة الإبيقورية، وصار لها أتباع في شتى بلاد اليونان، وكتب البعض فيها: «وإبيقوروس يُعالج فلسفة اللذة بحذق ومنطق، بحيث يجعلها نوعاً من السعادة النفسية، فصارت فلسفة تأخذ مكانتها بين النظريات الفلسفية الأخرى».

***

ومما كتبه إبيقوروس، بعد أن أخذت فلسفة اللذة تنتشر: «ليست كل لذة تُنشد، وليس كل ألم يُتجنب، فبعض اللذات تورث الألم، كما أن بعض الآلام قد تحمل معها اللذة، فالشراهة مثلاً تورث المرض، فيجب اجتناب اللذة التي تجر ألماً، واعتبارها وسيلة سيئة للسعادة».

***

وقد قسَّم دعاة اللذة عناصرها إلى ثلاثة:

- طبيعية ضرورية، مثل: الرغبة في الأطعمة، والملبس، والمسكن.

- رغبات طبيعية، مثل: العلاقات الحميمية، لكنها ليست ضرورية.

- رغبات ليست طبيعية، أو غير ضرورية، مثل: الطعام المترف، والمبالغة في الملابس الفاخرة.

***

وفيلسوف اللذة لا يمكن ألا يضمّن فلسفته شيئاً من الحُب، فكتب يقول: «مَنْ يتلقى ضربة من سهام فينوس ويتفجر من هذه الضربة بما يؤذن باللذة الصامتة التي تتلوها توجه من تلقائها نحو أعطاف فينوس المتدفقة لذة».

***

قد يتصوَّر بعض الناس أن مبدأ فلسفة اللذة انتهى بانتهاء زمن حضارة الإغريق. لا يا عزيزي، إن حزب فلسفة اللذة الإبيقوري في الزمن الراهن له من الأتباع ممن يعدون بالملايين.

back to top