وفاة أليكسي نافالني في محبسه.. والغرب ينتقد نظام بوتين

الكرملين: «لا توجد معلومات لدينا عن سبب الوفاة»

نشر في 16-02-2024 | 18:22
آخر تحديث 16-02-2024 | 22:25
المعارض الروسي المسجون أليكسي نافالني «أرشيف»
المعارض الروسي المسجون أليكسي نافالني «أرشيف»
توفي المعارض الروسي الأبرز والعدو الأول للكرملين أليكسي نافالني الجمعة في سجن الدائرة القطبية الشمالية قبل شهر من الاستحقاق الرئاسي الذي سيرسخ حكم فلاديمير بوتين أكثر.

ووفاته عن 47 عاماً بعد ثلاث سنوات من الاعتقال ومحاولة التسميم التي اتهم الحكومة بها، تحرم المعارضة من قائدها، بعد أن مارست السلطات الروسية قمعا بلا رحمة لمنتقديها، لا سيّما منذ بدء الهجوم على أوكرانيا قبل عامين.

وأكّدت زوجة نافالني الجمعة بعد وفاته في سجن روسي ضرورة «معاقبة» الرئيس الروسي فلاديمير بوتين و«محاسبته شخصياً على الفظائع» التي ارتكبت بحق المعارض الروسي.

وقالت يوليا نافالنايا في مؤتمر ميونيخ للأمن «أودّ أن يعلم بوتين وجميع موظفيه أنهم سيُعاقبون على ما فعلوه ببلدنا وبعائلتي وبزوجي»، مضيفة «علينا محاربة هذا النظام المروّع في روسيا اليوم، يجب محاسبة فلاديمير بوتين شخصياً على كل الفظائع المرتكبة في بلدنا في السنوات الأخيرة».

ولم تُقدّم السلطات الروسية أي تفاصيل تقريباً عن ظروف وفاة نافالني وأصدرت بياناً مقتضباً للتأكيد أنها فعلت كل شيء لإنعاش هذا الرجل الهزيل الذي تراجعت صحته بسبب تسميمه وسجنه، بعد شعوره بالإعياء.

وأفادت سلطات السجون لمنطقة يامال في القطب الشمالي في بيان «في 16 فبراير 2024 شعر السجين نافالني أ.أ. بوعكة بعد نزهة وفقد الوعي بشكل شبه فوري»، وأضافت «كل إجراءات الانعاش اتخذت لكن لم تعط نتائج إيجابية، وأكد أطباء الطوارئ وفاة السجين ويجري التثبت من أسباب الوفاة».

وقال المستشفى المجاور للسجن في بلدة لابيتنانغي، إنه تم إرسال مسعفين إلى المكان خلال سبع دقائق بعد تلقي اتصال من معسكر الاعتقال.

وذكر لوكالات أنباء روسية إن «الأطباء الذين وصلوا إلى المكان واصلوا عمليات الإنعاش التي كان باشرها أطباء السجن واستمروا فيها لأكثر من 30 دقيقة، إلا أن المريض توفي».

وذكرت وكالة أنباء ريا نوفوستي الجمعة أن نافالني شارك عبر الفيديو الخميس في جلستي استماع أمام محكمة في منطقة فلاديمير وأنه لم يشك من حالته الصحية.

وقالت والدة نافالني، ليوميلا نافالنايا، «رأيت ابني في 12 (الشهر الجاري) في المستعمرة الجزائية، التقينا، كان حياً وبصحة جيدة وبشوشاً»، وفق ما كتبت على «فيسبوك» بحسب صحيفة «نوفايا غازيتا».

فريق نافالني لم يبلغ رسمياً بوفاته

وكان الناشط البالغ 47 عاماً يمضي عقوبة بالسجن 19 عاماً بعد إدانته بتهمة «التطرف» في سجن ناء في المنطقة القطبية الشمالية من روسيا في ظروف بالغة الصعوبة، واعتبرت محاكماته الكثيرة ذات دوافع سياسية ووسيلة لمعاقبته لمعارضته الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.

وقال فريق نافالني إنه لم يبلغ رسمياً بوفاته وإن محاميه في طريقه إلى السجن.

وكتبت الناطقة باسمه عبر منصة إكس «سنتواصل ما إن تتوفر لدينا معلومات».

وأعلن ديمتري بيسكوف المتحدث باسم بوتين أن الرئيس الروسي الذي كان الجمعة في منطقة الأورال «أبلغ بوفاة نافالني».

وحذّرت سلطات موسكو الجمعة سكان العاصمة الروسية من أي تظاهرات «غير مرخصة» بعد إعلان وفاة نافالني.

وقالت النيابة العامة في موسكو إن «تنظيم أي تجمعات غير مرخصة والدعوات إلى أحداث مماثلة أو المشاركة فيها تُشكّل تجاوزاً إدارياً»، محذّرة «من أي انتهاك للقانون».

وفي عدة مدن في البلاد، نفذت حملة اعتقالات.

وأعلن التلفزيون الروسي الوفاة بشكل مقتضب بُعيد بث قناة روسيا 24، جلسة أسئلة وأجوبة مع طلاب وعمال شارك فيها بوتين خلال زيارة مصنع.

وفي جلسات مختلفة في المحاكمات التي شارك فيها عبر الفيديو في الأشهر الأخيرة، بدا أليكسي نافالني الأشقر طويل القامة ذو العينين الزرقاوين الثاقبتين، هزيلاً وظهرت عليه علامات التقدم في السن.



عملية تسميم تعرض لها في 2020

قالت المحللة السياسية الروسية تاتيانا ستانوفايا ان التهديد الذي تعرّض له نافالني كان «واضحاً» منذ عودته إلى روسيا مطلع 2021، حيث تراجعت صحته بسبب الإضراب عن الطعام والتسميم الذي تعرض له ونجا منه بأعجوبة.

وأضافت لوكالة فرانس برس «السؤال الآن هو ما إذا كانت السلطات ستبالغ في القمع، إذا تصرفت بدافع الخوف وبدأت تُنفذ قمعاً عنيفاً ستقوض استقرار وصلابة النظام».

وفي فيلم مخصص له صدر عام 2022، ترك نافالني «وصية» للروس في حال وفاته، قائلاً «لا ترضخوا!».

وعانى نافالني مشاكل صحية متتالية بسبب إضراب عن الطعام وعملية تسميم تعرض لها في 2020 ونجا منها بأعجوبة.

إدانات غربية

وفي الدول الغربية اتهم كثيرون روسيا بأنها مسؤولة عن وفاته.

أكد وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن أن روسيا «مسؤولة» عن وفاة نافالني.

وقال إن «وفاته في سجن روسي والتركيز على رجل واحد والخوف منه يسلّط الضوء على الضعف والتعفّن في قلب المنظومة التي بناها بوتين».

اتّهم الرئيس الفرنسي إيمانويل ماركون روسيا بإصدار أحكام الإعدام «على أصحاب الفكر الحر»، معرباً عن «غضبه» حيال وفاة نافالني في السجن.

رأى الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي أنه من «الواضح» أن نافالني قُتل بأيدي نظام بوتين، مضيفاً أن ذلك يوضح لماذا يتعين دفع بوتين إلى «خسارة كل شيء ومحاسبته على أفعاله».

دان المستشار الألماني أولاف شولتس وفاة نافالني قائلاً إن المعارض الذي عاد إلى روسيا بعدما خضع للعلاج في برلين إثر محاولة تسميم قبل سنوات «دفع الآن حياته ثمناً لشجاعته».

ودعا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش إلى تحقيق «ذي صدقية» في وفاة نافالني.

واعتبر الكرملين الجمعة أن الاتهامات الغربية لموسكو في شأن وفاة المعارض اليكسي نافالني «غير مقبولة إطلاقاً»، مؤكداً أنه يجهل حتى الآن سبب وفاته.

وقال دميتري بيسكوف المتحدث باسم الرئاسة الروسية كما نقلت عنه وكالات الأنباء الروسية «ليس هناك أي معلومة عن سبب الوفاة، ورغم ذلك فإن تصريحات مماثلة تتوالى نعتبر أن هذه التصريحات غير مقبولة إطلاقاً».

دخول السجن

دخوله السجن لم يقض على تصميمه الاستمرار في خط المعارضة.

وخلال جلسات المحاكمة ورسائل بثها عبر وسائل التواصل الاجتماعي بواسطة محاميه استمر نافالني بالتنديد ببوتين واصفاً إيّاه بأنه «مسن مختبئ في ملجأ محصن» لأن الرئيس الروسي نادراً ما يظهر للعلن.

وخلال محاكمة بتهمة «التطرف» اعتبر الغزو الروسي لأوكرانيا «الحرب الأكثر جنونية في القرن الحادي والعشرين».

وفي رسائله عبر الانترنت كان يسخر من العقوبات التي تفرضها عليه إدارة السجون.

وفي رسالة في الأول من فبراير بثها فريقه عبر وسائل التواصل الاجتماعي، دعا إلى تظاهرات في كل أرجاء روسيا خلال الانتخابات الرئاسية المقررة من 15 مارس إلى 17 منه والتي من شأنها السماح لبوتين الاستمرار في السلطة.

ويبدو فوز الرئيس الروسي مضموناً مع زج المعارضين مثل نافالني في السجن أو حملهم على مغادرة البلاد في السنوات الأخيرة والقمع الذي تنامى منذ بدء الهجوم الروسي في أوكرانيا في 24 فبراير 2022.

back to top