دردشة: رسالة «غير مبطنة»
بعد أن أقسمت الحكومة أمام صاحب السمو أمير البلاد- حفظه الله ورعاه- ثم أقسمت أمام الشعب في مجلس الأمة، أصبح لزاماً علينا أن نقول هذه الرسالة غير المبطنة، التي ستكون واضحة وصريحة لا تحمل في طياتها أي مجاملة أو نفاق اجتماعي، بل من غير أي تعسف أو تزييف للحقائق.
سمو رئيس مجلس الوزراء الشيخ د.محمد الصباح: يعلم الله أن غالب الشعب الكويتي يحبكم ويقدركم لما لكم من مكانة علمية وثقافية فضلاً عما لكم من نسب لأمير راحل أحبه الشعب بقدر ما هو أحب الشعب، وهذا لا يمنعنا من أن نوجه لسموكم هذه الرسالة، فعندما قبلتم رئاسة مجلس الوزراء وإدارة شؤون البلاد، يعلم سموكم علم اليقين أن هذا الأمر ليس تشريفاً لكم- فأنتم في غنى عن ذلك فلكم من الشرف ما لكم- بل هو تكليف وأمانة، وهي يوم القيامة ندامة إلا من أداها بحقها، وهنا نُذكركم بقوله تعالى: «وقفوهم إنهم مسؤولون»، فنسأل الله أن يعينكم على حمل الأمانة التي عجز عن حملها الجبال الراسيات والسماوات المرفوعات وحملها الإنسان إنه كان ظلوماً جهولاً.
سمو الرئيس: الكل يعلم أنكم على اطلاع تام على ما آلت اليه البلاد، وما يعانيه المواطن بمختلف أطيافه، كما أنكم بلا شك تعلمون حجم الفساد الذي نخر في وزارات الدولة ومؤسساتها، فالمحسوبية بشتى أنواعها أصبحت السمة الواضحة والبارزة في كل وزارات ومؤسسات وهيئات الدولة، فلا تخلو وزارة أو مؤسسة أو هيئة إلا رضخت لفئة من المجتمع دون غيرها، والقياديون فيها يعملون لمصلحة تلك الفئة دون غيرها، وهذا الأمر استفحل في كل الوزارات والمؤسسات والهيئات بما فيها ذات الطابع الحساس، والشواهد على ما نقول كثيرة، وقد مر منها على سموكم ما قد يشيب له الولدان.
يا سمو الرئيس: اليوم أصبح من المؤكد والضروري إبعاد العواطف في معالجة ومحاربة الفساد بشتى المجالات، وتفعيل سياسة الثواب والعقاب، واستبعاد كل القياديين الفاسدين والمفسدين دون أن تنظر إليهم عين الرحمة أو الرأفة، فمن أضاع حق العباد والبلاد، وآثر مصلحته الشخصية على المصلحة العامة، فلا بد من رميه في مزبلة التاريخ دون أي تحسف أو ندم.
فهناك قياديون بالأصالة والتكليف في مختلف الوزارات والهيئات قد (فاحت ريحتهم) لكنهم لا يستحون، ومن الأجدر التعامل مع مثل هذه الشخصيات (بالضرب على الراس) حتى يستقيم الحال، فمنهم من عشش في منصبه دون أي جدوى تذكر في إصلاح أو معالجة للفساد، بل على العكس ساهموا في تأصيل وتجذير ذلك الفساد لأنهم ولدوا من رحمه، فأبدوا كل الحرص على إبعاد النزيه والشريف والمحب للعمل والبلد، والحريص على المصلحة العامة وإنعاشه، وتطبيق القانون واللوائح والنظم، حتى تخلو لهم الساحة وتمهيداً لأذنابهم من بعدهم، وكأن هذه المناصب إرث يورث.
سمو رئيس مجلس الوزراء: نعلم أن تركة الفساد كبيرة ولا تستطيع حملها الجمال، ولكن هذا قدركم الذي قدره الله لكم، وعلى الرغم من ذلك فإن قبولكم رئاسة الحكومة أثلج صدور الكثير من الشعب، فكونوا عند حسن ظن الشعب بكم كما عهدكم، واعلموا أن في البلاد رجالاً صدقوا ما عاهدوا الله عليه في مختلف المجالات، وعليكم أن تبحثوا بين جميع الأوساط، ولا تغرنّكم الشهادات وما حولها، فقد أثبت واقع الحال (المرير) أنه لا يحتمل أي تنظير أو أفكار أكاديمية، بل إصلاح الحال يتم بأيدي أبناء الميدان الثقات الذين يعملون بصمت دون بهرجة أو إعلام... وما أنا لكم إلا ناصح أمين.