عزف «ناي» على «الفلوت» تراتيل المحبة والسلام

أبدعت وتألقت الفنانة الفلسطينية ناي البرغوثي في تقديم حفل عزفت فيه على أوتار المشاعر والحنين والرومانسية في آن واحد، لتبهر جمهورها مع كل مقطع موسيقي، ومع كل جملة غنائية، ليس فقط لأنها أدت مجموعة من أعمالها الشهيرة التي تعلق بها جمهورها، بل لأن الإبداع الحقيقي الذي تمتعت به جعلها تجيد وتتفنن في تقديم كلاسيكيات الموسيقى العربية بألحان وتوزيع وأدوات غربية مفعمة بموسيقى «الجاز» التي عشقتها ونجحت في مزجها مع أعتى الألحان الشرقية، لتنجح وتتميز في وضع بصمتها الموسيقية والصوتية على أعمالها الحديثة منها والكلاسيكية.

لم تكن المتعة وحدها هي الشعور المسيطر على جمهور مسرح مركز الشيخ جابر الأحمد الثقافي أمس الأول، بل شعور التجديد والتغيير المبهر والمدهش أحياناً في كل شيء، فالفنانة البرغوثي لديها بصمة طاغية على أعمالها، والروح الغربية التي اكتسبتها من حياتها ودراستها ماجستير الموسيقى في معهد أمستردام للموسيقى بهولندا جعل عزفها على آلة الفلوت، الذي احترفته وموسيقى الجاز الذي عشقته، سمتها الخاصة والفريدة التي تميز أعمالها بمجرد سماعها، وهو ما ظهر جلياً حين قدمت أغنية «حبيتك بالصيف» للرائعة فيروز، وألحان الأخوين رحباني بتوزيع مغاير وأكثر من رائع، ورائعة كوكب الشرق أم كلثوم «انت عمري»، واللحن المخضرم لموسيقار الأجيال محمد عبدالوهاب، حيث لم تتخوف لحظة من قراءتها الخاصة لهذه الأعمال الخالدة، واستطاعت أن تتفوق وتقتنص إعجاب الجمهور بلمستها الساحرة لتلك الكلاسيكيات التي قدمتها في ثوب معاصر وجديد.

رسالة سلام

الحفل الذي تنوع وتنقل بين الأغنيات العاطفية كان مصبوغاً بالوطنية، فناي البرغوثي حملت على عاتقها وسخرت موهبتها الفنية الفذة، التي جمعت بين الغناء والتلحين والعزف لتنقل آهات وأوجاع وطنها الفلسطيني المغتصب حول العالم، فتعزف على الألم أعزب الألحان، وتصف الوجع بأرق الكلمات، وتقدم للعالم رسالة سلام على نغمات صوتها المفعم بالإحساس، وهو ما ظهر أمس الأول في برنامجها للحفل بصحبة فرقة موسيقية بقيادة المايسترو خالد نوري، والذي أعدته متضمناً أغنيات «زهرة المدائن، نشيد الأرض، أحن إلى خبز أمي، قصة عن القدس، أهو ده اللي صار، يما مويل الهوا، قلبي يحدثني، حبيتك بالصيف، انت عمري، لفيروز، معشوقة أنت، ابشري يا عين، فكر بغيرك، برضاك يا خالقي، لونغا حجازكار كرد، بدري علينا».

جاء الحفل الموسيقي الفلسطيني الوطني الذي نظمته شركة «سين» لصاحبها فيصل خاجة ضمن فعاليات الموسم الثقافي لمركز الشيخ جابر، تزامنا مع الاحتفال بالأعياد الوطنية وتحرير الكويت، وهي الفرصة التي تستذكر التجربة الكويتية المريرة في شهر فبراير، والاحتلال الغاشم في 1990-1991، والتي تستحضر أيضاً دور الفن في المقاومة الكويتية، وكيف أن القوة الناعمة لها قدرة خارقة على توصيل صوت الظلم والاحتلال والطغيان إلى شعوب العالم، وهو ما تتفاعل معه ناي البرغوثي من خلال حفلاتها، إذ تعتبر صوتها وفنها راية سلام ونداء بالسلام في فلسطين وجميع أقطاع العالم، ولكنها هذه المرة في ظل الاحتفالات بعيد تحرير الكويت تنادي على تحرير فلسطين من الكويت أرض السلام.

صوت غزة

وحرصت ناي على إلقاء كلمة في بداية الحفل، قالت خلالها: «من هنا نطالب بالعدالة وبنصرة أطفال غزة ضحايا الجرم الصهيوني، من خلال الاستمرار في نقل صوت غزة إلى أرجاء وشعوب العالم، من خلال عروض موسيقية بدأت قبل أيام في العاصمة الهولندية أمستردام، وجاء الحفل الثاني في بلدنا الثاني الكويت، وسيذهب جزء من ريع الأمسية لدعم مشاريع الإغاثة الإنسانية في غزة، ولذلك فإن هذا الحضور الكبير الذي يمتلأ به المسرح هو معنى كبير لدعم فلسطين وسماع الصوت الفلسطيني ونداءاته من أجل الحرية والسلام، وان الذين سقطوا على أرض فلسطين ليسوا مجرد أرقام إنما أرواح تسري فيكم وتعيش بكم ومعكم، حتى تعود فلسطين إلى حضن أبنائها، ومن أجل أطفال غزة نهدي أمسية الحزن والأمل، حزناً على أرواح من فقدناهم، ونأمل تحقيق العدالة والحرية والعودة ورجوع أبناء فلسطين إلى حضن وطنهم رغم الكارثة التي لا توصف».