لا تقدم ولا انهيار في مفاوضات غزة وغليان على جبهة لبنان

عباس يستعجل الجميع خصوصاً «حماس» لإنجاز صفقة الأسرى لتجنب اجتياح رفح و«نكبة جديدة»

نشر في 15-02-2024
آخر تحديث 14-02-2024 | 20:17
أطفال فلسطينيون يلعبون بجوار خيام للنازحين في رفح جنوب غزة قرب الحدود المصرية أمس (رويترز)
أطفال فلسطينيون يلعبون بجوار خيام للنازحين في رفح جنوب غزة قرب الحدود المصرية أمس (رويترز)
تشهد المفاوضات غير المباشرة بين إسرائيل و«حماس»، التي تستضيفها القاهرة حالياً، حالة من «اللا تقدم واللا انهيار»، وسط جهود من الوسطاء لسد الفجوة بشأن عدد الأسرى الذين ستطلق سلطات الاحتلال سراحهم مقابل الإفراج عن المحتجزين الإسرائيليين، في حين شنّت الدولة العبرية سلسلة ضربات جوية رداً على قصف دموي لـ«حزب الله» الذي تمسك بربط جبهة لبنان بحرب غزة.

مع دخول الحرب في غزة يومها الـ131، وسط مخاوف دولية وإقليمية متنامية من اجتياح إسرائيلي وشيك لمدينة رفح المكتظة بأكثر من 1.4 مليون نازح بأقصى جنوب قطاع غزة قرب الشريط الحدودي مع سيناء، أفادت تقارير بأن المفاوضات غير المباشرة بين إسرائيل وحركة حماس التي انطلقت في القاهرة أمس الأول، وتم تمديدها 3 أيام، بهدف الوصول إلى اتفاق يفضي إلى هدنة وتبادل للأسرى لم تشهد «انفراجاً أو انهياراً».

ونقلت «وول ستريت جورنال» عن مسؤول أميركي أمس قوله، إن «الوفد الإسرائيلي غادر القاهرة دون سد أي من الثغرات الرئيسية في المفاوضات».

وأوضح أن اليوم الأول من المفاوضات انتهى دون اتخاذ خطوات كبيرة نحول التوصل لاتفاق.

في موازاة ذلك، ذكرت «نيويورك تايمز» نقلا عن مسؤولين أن «الطرفين مازالا بعيدين بشأن إطلاق سراح الأسرى الفلسطينيين مقابل كل محتجز إسرائيلي»، لكنهم وصفوا مضمون المحادثات بأنه كان جيداً رغم عدم إحراز بعض التقدم.

وأفاد مصدر إسرائيلي تحدث إلى موقع «أكسيوس» بأن الفجوة التي تمنع الانتقال لمفاوضات أكثر جدية هي «عدد الأسرى وهوياتهم الذين تطالب حماس بإطلاقهم»، خصوصاً مقابل المجندات والجنود الموجودين في الأسر.

ورأى أن «التقدم الوحيد الذي أحرز هو فهم الفجوات التي يجب سدها للدخول بمفاوضات قد تؤدي لاتفاق».

واعتبر أن اجتماع القاهرة، الذي حضره رؤساء المخابرات في مصر وإسرائيل وأميركا، ورئيس وزراء قطر محمد عبدالرحمن كان جيداً، وكل الأطراف تحاول تحقيق اختراق، كما كانت هناك مناقشات معمّقة حول الفجوات المختلفة.

وأفادت إذاعة جيش الاحتلال الإسرائيلي، بأنّ تل أبيب مستعدة لزيادة عدد أيام الهدنة في إطار صفقة مع الحركة الإسلامية، شرط خفض عدد الأسرى الفلسطينيين الذين تطالب «حماس» بإطلاق سراحهم لتفادي رفض أعضاء الحكومة من «اليمين الصهيوني» للصفقة المحتملة.

وأشارت الإذاعة إلى أن رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، كان قد وجه الوفد المفاوض بـ«الاستماع فقط» دون طرح أفكار خلال الاجتماع الأول بالقاهرة، وتساءلت عمّا إذا كان سيُرسل فريق عمل بدرجة أقل لمواصلة المباحثات المتواصلة بضغط أميركي بمن حضر.

ولفتت الإذاعة العبرية، نقلاً عن مصادرها، إلى أنّ «الأمر الأسوأ هو طرح صفقة على طاولة الحكومة، وعدم التصديق عليها، ولذلك يصرّون في الجانب الإسرائيلي على تقليص مطالب حماس التي تصل إلى ألف أسير مقابل إطلاق سراح الدفعة الأولى من المحتجزين الإسرائيليين في القطاع، والتي قد تضم نحو 45 محتجزاً، وهنا تكمن النقطة الأساسية، إذ إنّ إسرائيل غير مستعدة لإبداء مرونة فيها».

وفي وقت سابق، نقلت قناة «القاهرة الإخبارية» عن «مسؤول مصري رفيع المستوى» لم تسمِّه أنّ المحادثات جرت «في أجواء إيجابية».

رفض نتنياهو

في السياق، كشفت قناة «كان 11» العبرية، أنّ «الموساد» وجهاز الأمن العام «الشاباك» وجيش الاحتلال صاغوا مقترحاً جديداً لإطلاق سراح المحتجزين الإسرائيليين والهدنة في غزة، لكن نتنياهو رفضه، ما دفع المسؤول عن ملف المحتجزين الإسرائيليين من قبل الجيش الجنرال في الاحتياط نيتسان ألون إلى عدم التوجه إلى القاهرة مع الوفد أمس الأول.

وأشارت إلى أنّ نتنياهو أرسل مستشاره السياسي للتأكد من عدم تجاوز رئيس «الموساد» ديفيد برنيع صلاحياته في القاهرة.

لقاء واستعجال

وفي حين تسربت أنباء عن مطالبة «حماس» بهدنة تمتد لـ«3 سنوات»، أجرى وفد الحركة برئاسة مسؤول المكتب السياسي، خليل الحية اجتماعاً مع رئيسي الاستخبارات المصرية والقطرية أمس.

في غضون ذلك، نقلت وكالة الأنباء الفلسطينية «وفا»، عن الرئيس محمود عباس، أمس، مطالبته الجميع بسرعة إنجاز صفقة لتبادل المحتجزين لمنع التهجير، ووقوع «نكبة أخرى».

وقال عباس: «أمام الحرب الشاملة التي تُشن على الشعب الفلسطيني في غزة والضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية، فإننا نطالب حماس بسرعة إنجاز صفقة الأسرى، لتجنيب شعبنا الفلسطيني ويلات وقوع كارثة أخرى لا تُحمد عقباها، ولا تقل خطورة عن نكبة عام 1948».

وأضاف أن «الإسراع بإنجاز صفقة تبادل المحتجزين سيؤدي إلى تجنب هجوم إسرائيلي على مدينة رفح، ومن ثم تجنب وقوع آلاف الضحايا والمعاناة والتشرد لأبناء شعبنا».

وطالب عباس أيضاً الإدارة الأميركية والدول العربية بالعمل بجدية لإنجاز صفقة الأسرى بأقصى سرعة.

وحمَّل عباس الجميع مسؤولية وضع أي عراقيل من قبل أي جهة كانت لتعطيل الصفقة، «لأن الأمور لم تعد تحتمل، وقد آن الأوان أن يتحمل الجميع المسؤولية».

مزاعم ومراجعة

في المقابل، زعم السفير الإسرائيلي لدى الولايات المتحدة، مايكل هرتسوغ، أن إدارة الرئيس الديموقراطي جو بايدن، التي تتعرض لانتقادات داخلية مع قرب موسم الانتخابات، «لا تمارس ضغوطاً على إسرائيل من أجل إنهاء القتال في غزة، وإن كانت تسعى لفترة تهدئة وتطرح تساؤلات حول الجانب الإنساني لإدارة الحرب».

من جهة أخرى، طالب رئيسا وزراء إسبانيا وأيرلندا المفوضية الأوروبية بإجراء مراجعة عاجلة لمدى امتثال إسرائيل لالتزاماتها في مجال حقوق الإنسان في غزة.

وقالا في رسالة مشتركة: «إننا نشعر بقلق عميق إزاء تدهور الوضع في إسرائيل وفي غزة والعملية العسكرية الإسرائيلية الموسعة في منطقة رفح تشكل تهديداً خطيراً ووشيكاً يجب على المجتمع الدولي التصدي له بشكل عاجل».

ميدانياً، أجبر جيش الاحتلال آلاف النازحين على الخروج قسراً من مجمع ناصر الطبي في مدينة خان يونس، جنوبي غزة، ونفذ قصفاً مكثفاً على مناطق بوسط وجنوبي القطاع، مما أسفر عن وقوع قتلى وجرحى.

وأقرّ الجيش الإسرائيلي بإصابة 15 جندياً خلال المعارك الدائرة بعموم القطاع في الـ24 ساعة الماضية.

تسخين لبناني

وعلى وقع المراوحة التي تشهدها الجهود الدبلوماسية الرامية لإبرام اتفاق هدنة قد ينجح في تفادي اجتياح إسرائيل المرتقب لرفح التي توصف بأنها المعقل الأخير لـ«حماس»، المدعومة من إيران والجماعات المتحالفة معها، أطلق «حزب الله» اللبناني 10 صواريخ باتجاه أهداف عسكرية إسرائيلية في مناطق بينها المنارة وصفد أمس.

وتسببت الصواريخ التي أصابت مقر قيادة الجيش الإسرائيلي بالمنطقة الشمالية بصفد في مقتل مجندة وجرح 7 بينهم إصابة خطيرة.

وفور وقوع الهجوم الصاروخي الذي استهدف النقطة الواقعة على بعد 13 كيلومتراً من الحدود الفاصلة بين الجانبين، وهو ما يعني تجاوز حد تبادل إطلاق النار المتواصل بين الجانبين منذ اندلاع حرب غزة بقليل، أعلن الجيش الإسرائيلي أن «الطائرات المقاتلة بدأت موجة واسعة من الهجمات في عمق الجنوب اللبناني» طالت مناطق مأهولة، بعضها يقع على مسافة نحو ثلاثين كيلومتراً من الحدود.

وأفاد الدفاع المدني في جنوب لبنان بسقوط قتيل و9 جرحى جراء الغارات على بلدة عدشيت.

على المستوى السياسي، وصف وزير الأمن القومي الإسرائيلي، إيتمار بن غفير، هجوم صفد بأنه «إعلان حرب»، وطالب نتنياهو بعقد اجتماع معه لبحث التصعيد على الجبهة الشمالية الذي جاء بعد خطاب أمين عام «حزب الله» حسن نصرالله، والذي أكد فيه أنّ «التهديد والتهويل حتى شنّ الحرب» لن يوقف الجبهة الجنوبية، وأن «توقفها مرتبط فقط بتوقف العدوان على غزة».

ونقل عن بن غفير قوله: «إما أن نبدأ حرباً شاملة ضد حزب الله، أو يقال للمجتمع الإسرائيلي إنه لا توجد حكومة»، مضيفاً «لقد أصبحنا كيس ملاكمة يتلقى ضربات من حزب الله كل يوم».

الفجوة الرئيسية المتبقية هي عدد الأسرى مقابل كل محتجز... وبايدن لا يضغط لوقف القتال

back to top