السودان: «بلبلة» بشأن انقلاب... وظهور «أمراء حرب»

التحاق مجموعات مسلحة بالقتال أحد أسباب استمرار الصراع وفشل مبادرات الحل

نشر في 07-02-2024
آخر تحديث 06-02-2024 | 19:32
سودانيات يجهزن الطعام لتوزيعه على المحتاجين في أم درمان
سودانيات يجهزن الطعام لتوزيعه على المحتاجين في أم درمان
في خطوة تعكس التوتر الشديد الذي يعيشه السودان مع استمرار الحرب الداخلية وفشل مساعي التسوية، تضاربت الأنباء حول إحباط محاولة انقلاب من قبل ضباط في الجيش، في حين حذّر خبراء من أن دخول جماعات مسلحة في الحرب يعقّد مساعي الحل.

ذكر تقرير إخباري سوداني، أمس، أن استخبارات الجيش السوداني الموالي لعبدالفتاح البرهان في منطقة وادي سيدنا العسكرية في أم درمان، اعتقلت عدداً من الضباط الفاعلين في قيادة متحركات أم درمان، بتهمة الإعداد لـ «انقلاب».

وقالت صحيفة السوداني، نقلا عن مصادر، إن «حملة الاعتقالات استهدفت ضباطاً نشطين في إدارة العمليات بأم درمان بصورة خاصة»، مضيفة أن الموقوفين «من أكفأ الضباط ويمثلون روح متحركات أم درمان الحالية»، مستنتجة وجود «خلل» في اعتقالهم، ومستبعدة أن تكون الاتهامات بالانقلاب حقيقية. في المقابل، نقلت قناة «العربية/ الحدث» عن مصادر نفيها وجود ترتيب لمحاولة انقلابية في البلاد انطلاقاً من أم درمان أو حصول أي اعتقالات في صفوف الضباط، مضيفة أن الهدف من «الشائعات خلق الإحباط والتشويش على عمليات التقدم والانفتاح التي تمت في مدينة أم درمان، أخيراً من جانب القوات المسلحة».

أمراء حرب

جاء ذلك، فيما كشفت الناطقة باسم تنسيقية القوى الديموقراطية المدنية (تقدم)، رشا عوض، عن دخول أطراف عسكرية جديدة إلى دائرة القتال بين الجيش و»الدعم السريع»، موضحة أن «هناك معلومات عن استعانة التيارات الإسلامية في السودان بمسلحين من خارج البلاد للقتال إلى جانب الجيش، كما أن هناك أنباء عن معسكرات لتدريب مسلحين في الأراضي الإريترية للدفع بهم إلى ساحة المعارك». وتحذر عوض من أن «هناك خطراً حقيقياً من حدوث انشقاقات أو خروج تلك المجموعات عن سيطرة قادة الجيش وقادة الدعم السريع، وبالتالي يصبح السودان تحت سطوة أمراء الحرب».

وتشير إلى أن دخول أطراف عسكرية جديدة يعد أحد أسباب استمرار الصراع، وأحد أسباب فشل المبادرات الساعية لحل الأزمة السودانية.

30 تشكيلاً

وأقر مستشار قائد قوات الدعم السريع، الباشا طبيق، بالتحاق حركات أخرى بقوات الدعم السريع، خلال الحرب الحالية، لكنه شدد على أن تلك الحركات تأتمر بأمر قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو، المعروف بـ «حميدتي»، ولا تخالف توجيهاته وقراراته العسكرية، سواء في الحرب أو في حال تم التوصل الى اتفاق سلمي، وكشف عن انضمام أكثر من 30 حركة وتشكيلاً قتالياً وسياسياً إلى «الدعم».

وخلال الأيام الأولى لاندلاع الحرب، ظهرت مقاطع فيديو يظهر فيها قائد «حركة مظلوم» التشادية، حسين الأمين جوجو، وهو يقاتل في صفوف «الدعم» بالخرطوم، وبعدها بحوالي شهر، ظهر قائد ميداني يدعى جلحة يعرف عن نفسه بأنه قائد حركة شجعان كردفان، وهو يقاتل في صفوف «الدعم»، وكشفت تقارير أن حركة تمازج، وهي إحدى الحركات الموقعة على اتفاق سلام مع الحكومة السودانية، تشارك في القتال ضمن صفوف «الدعم السريع».

ويشير المحلل السياسي المختص في الشأن السوداني، عزالدين المرضي، إلى أن عدداً من الحركات التي كانت تقاتل في ليبيا عادت إلى السودان، وباتت تقاتل إلى جانب «الدعم»، بعضها من منطلقات قبلية، وبعضها بحثاً عن المال.

ويتهم الجيش السوداني «الدعم» بالاستعانة بمسلحين من دول أجنبية، مثل النيجر وتشاد، وهو حديث جرى كثيرا على لسان البرهان ومساعده الفريق ياسر العطا.

ويحذر المحلل السياسي السوداني، أسامة عبدالماجد، من أن مشاركة أجانب في الحرب «تؤثر على علاقات السودان الخارجية، إذ وجه البرهان وقادة الجيش اتهامات واضحة إلى بعض تلك الدول بالتورط في الحرب على خلفية تلك المشاركة».

«كتائب» إسلامية

في المقابل، ظهرت تشكيلات مسلحة تقاتل إلى جانب الجيش السوداني، مثل كتيبة «البراء بن مالك» التي يقودها المصباح أبوزيد، والتي يعتقد أنها مرتبطة بالحركة الإسلامية في السودان. ويؤكد أبوزيد، في صفحته على «فيسبوك»، أن عناصر كتيبته «تلقوا تدريبهم بواسطة الجيش السوداني، وفي ظل دستوره وقانونه».

وسبق أن زار البرهان أبوزيد في المستشفى، حين كان يتلقى العلاج من إصابته في القتال إلى جانب الجيش، مما أعاد الجدل بشأن علاقة الحركة الإسلامية بالجيش.

لكن عبدالماجد يرى أن المشاركة في القتال إلى جانب الجيش ليست حكراً على الإسلاميين وحدهم، وقال إن هناك مجموعات أخرى تقاتل مع الجيش، مثل حركة «غاضبون»، المحسوبة على التيارات الثورية التي كانت ترفض حكم البشير.

وكشفت تقارير إعلامية عن مشاركة عناصر من «البنيان المرصوص» في القتال إلى جانب الجيش، وهي كتيبة تشكلت في تسعينيات القرن الماضي، لمساندة الجيش السوداني في حربه ضد «الحركة الشعبية لتحرير السودان» بقيادة الراحل جون قرنق، قبل انفصال جنوب السودان عن السودان عام 2011.

ومؤخرا ظهر أحد قادة المجموعات المسلحة، ويدعى رضوان أبو قرون، في مقطع فيديو، معلنا انضمام حركته إلى القتال مع الجيش.

ويتخوف سياسيون وناشطون من أن يؤدي وجود تلك التشكيلات المسلحة في دائرة القتال إلى إطالة أمد الصراع في السودان، على نحو ما حدث في عدد من الدول، خاصة مع انتشار ثقافة القتال من أجل الغنيمة أو بالدوافع القبلية، أو الأيديولوجية.

ويرى المرضي أن التشكيلات التي تقاتل مع الطرفين تمثل عقبة حقيقية أمام جهود الحل، وتوقع أن «تطالب تلك التشكيلات بعدم حصر التفاوض بين الجيش و»الدعم» فقط، وأن تتمسك بإشراكها كأجسام منفصلة في أي مفاوضات جادة، وإلا فإنها ستتحول إلى عقبة كبيرة أمام تنفيذ أي اتفاق يتوصل له الطرفان».

وأودت الحرب في السودان بحياة 13 ألف شخص على الأقل، كما تسببت في نزوح ولجوء حوالي 8 ملايين شخص، ويعاني نحو 18 مليون شخص في أنحاء السودان، الذي يبلغ عدد سكانه 48 مليون نسمة «الجوع الحاد»، كما يواجه أكثر من 5 ملايين شخص مستويات طارئة من الجوع في المناطق الأكثر تضررا من الصراع، بحسب وكالات الأمم المتحدة.

back to top