الكاتب الصحافي

نشر في 22-11-2022
آخر تحديث 21-11-2022 | 21:42
 د. نجم عبدالكريم هو الذي يجعل القارئ يتابعه من الجملة الأولى حتى يُكمل الموضوع، أما إذا كان القارئ قد عدل عن مواصلة القراءة بعد الأسطر الأولى، أو قلب الصفحة، ففي هذه الحالة يكون الكاتب من النوع الذي يُكرر الموضوعات نفسها، وبنفس المفردات المستهلكة، وما أكثر هذه النوعية ممن لا يختلف مقالهم اليوم كثيراً عن مقالهم يوم أمس، فهم يدورون في نفس فلك الأسلوب المملّ، مما يُشعر القارئ أن هذا الكاتب غير أمين معه فيما يطرح من آراء، لأنه لا يبذل من الجهد الذي يناسب مهنة الكتابة التي تفترض عليه التجديد في كل ما يكتب.

***والأمانة التي أعنيها لدى الكاتب أقصد بها المسؤولية الأخلاقية، فعدم الالتزام بمفاهيم أخلاقية فيما يعرضه الكاتب يشكّل كارثة كبيرة في طبيعة وظيفة الكتابة، فالكاتب والقاضي والطبيب والمحامي، وكل أصحاب الوظائف التي تحرّك المجتمع، إذا تخلّى الواحد فيهم عن الأمانة، فإنّ ذلك هو الفساد المُحكم بأمّ عينه، وهو ما يعني أن الكاتب إذا كذب على قرائه كذباً واعياً مقصوداً، فإنه يُحدث انتهاكاً صارخاً لمبادئ أخلاقيات الكتابة، فالكاتب الذي يتعامل مع هذه المهنة الإبداعية الشريفة، كما يتعامل صانعو المهن الروتينية، هو كاتب كارثي، ووجوده مأساة على المجتمع، وبكل أسف تعج الصحف العربية بكُتّابٍ يعطون العالم دروساً في الكذب والنفاق والتدليس، وتتصدر مقالاتهم صحف عالمنا العربي.

***

وبعض الكتاب - مع الأسف - صار يلجأ إلى استخدام مفردات مسرفة بالعامية، يضمّنونها مقالاتهم، ويظنون أنهم يخاطبون بها نخبة خاصة من المواطنين، ناسين أو متناسين التعبيرات الراقية التي تحتويها لغتنا العربية الفصحى.



***وقد طُرح عليّ هذا السؤال كثيراً:

- لماذا نراك تكتُب قضايا لا تتماشى مع ما يسود في المجتمع؟! فأجيب:

أولاً: لأن ما أكتبه من موضوعات تاريخية يقتضي منّي قراءات مكثفة، واختصارُها لتتواءم مع عدد كلمات الزاوية التي أكتبها يتطلّب جهداً ليس هيّناً.

ثانياً: تناوُلي للتاريخ لا يخلو من موضوعات سياسية واجتماعية، بل وعاطفية كانت سائدة في أزمانٍ مختلفة تبيّن للقارئ أنه لا جديد تحت الشمس، فما يجري اليوم كان سائداً بالأمس.

ثالثاً: بين الحين والآخر تكون لي إطلالات أدلي فيها بدلوي في بعض القضايا الراهنة، مع إيماني بأن هناك مَن تخصصوا بالخوض فيها باحترافية مبدعة، ومن أبرز النماذج في هذا المضمار الكاتبان حسن العيسى وعبداللطيف الدعيج، وهناك بالطبع مَن لا يتّسع المجال لذكرهم.

back to top