ماذا بعد إيقاف إجراء الضبط والإحضار؟

نشر في 22-11-2022
آخر تحديث 21-11-2022 | 21:15
إجراء الضبط ‏والإحضار
إجراء الضبط ‏والإحضار
بعد دخول قانون الإفلاس رقم 71/ 2020 حيِّز التنفيذ منذ أكثر من عام تقريباً، تم إيقاف العمل بإجراء ‏الضبط والإحضار بالنسبة للمدينين بالدعاوى المدنية والتجارية، عندما نصَّت المادة الخامسة من مواد ‏الإصدار على: «وتلغى المواد (292، الفقرة الأولى والثانية والرابعة من المادة 293، 294، 295، ‏‏296) من المرسوم بقانون رقم 38 لسنة 1980 المشار إليه....».‏

حيث فُهم منه أنه تم النص على إلغاء المواد التابعة للإجراء الأخير من قانون المرافعات المدنية والتجارية ‏بشكل كُلي وليس جزئياً.‏

من خلال ممارستنا للمهنة أفرز الواقع العلمي عن تباطؤ وانعدام التنفيذ بموجب سندات تنفيذية، سواء كانت ‏أحكاماً مدنية وتجارية أو إقرارات دين أو أحكاماً صادرة في مواد الأحوال الشخصية، مما أدى إلى إهدار ‏الحقوق وإهدار حجية الأحكام القضائية وقوتها التنفيذية، الأمر الذي أدى إلى إطالة أمد التنفيذ، بامتناع ‏المنفذ ضده بتنفيذ السند التنفيذي إلى أجل غير مسمى، مما حدا ببعض المنفذين أو المحكوم لهم إلى ترك ‏حقوقهم بأن يتوقفوا عن المُضي في إجراءات التنفيذ الأخرى لسبب: إما أن تكون تلك الإجراءات أقل ‏فاعلية أو منعدمة الفاعلية.‏

على إدارة التنفيذ تطبيق صحيح القانون وإرجاع العمل بإجراء الضبط ‏والإحضار على جميع المنفذ ضدهم

لذلك قُمنا بإعداد اقتراح بقانون بالتعاون مع النائب د. بدر الملا مشكوراً، لتقديمه إلى مجلس الأمة، وفعلاً ‏تم ذلك، إلا أنه ومنذ إحالته من قِبل رئيس مجلس الأمة إلى اللجنة التشريعية بصفة الاستعجال بتاريخ ‏‏28/ 12/ 2021 لم يُدرج بجدول أعمال الجلسات لمناقشته والتصويت عليه من مجلس الأمة.

ولا ‏يخفى على القارئ أن الوضع السياسي قد يقتل الطموح لأي قانون يخدم المصلحة العامة، ولا يمنعنا ذلك ‏من التفاؤل بالقادم.‏

يحتوي الاقتراح على عدة إجراءات لحث المنفذ ضده على تنفيذ الحُكم القضائي، أياً كان محل منطوق ‏الحُكم، بعد الاطلاع على قوانين الدول الأخرى، ودراسة ما يتناسب مع واقعنا، حيث يتضمن الاقتراح ‏صدور تعميم شهري من إدارة التنفيذ بشكل دوري بأسماء المنفذ ضدهم المتخلفين عن التنفيذ يخاطب فيه ‏جميع الوزارات والهيئات والمؤسسات والبنوك، ليقوموا بمنع المنفذ ضدهم من القيام أو الاستفادة من الإجراءات لديهم والحجز على حساباتهم البنكية وغيرها، وذلك كُله وفق التفصيل الوارد ‏في الاقتراح بقانون المشار إليه.‏

إن الغرض من هذا الاقتراح بقانون هو إرجاع الحقوق لأصحابها، وتفعيل حجية الأحكام والسندات ‏التنفيذية، مما يؤدي إلى إرساء العدالة، وصولاً لاستقرار المعاملات، وبالتالي استقرار المجتمع، لأن المنفذ ‏سيشعر بالطمأنينة، لقدرته على إرجاع حقه المثبت بموجب السندات التنفيذية واحترام أحكام القضاء ‏وحجيتها في التنفيذ.‏



ومن الأهمية أن نقوم بالتعريج على الحُكم القضائي الصادر من محكمة الاستئناف، الذي فسَّر مدى اتساع ‏نطاق إلغاء المواد الخاصة بحبس المدين الواردة في المادة الخامسة من مواد الإصدار من قانون الإفلاس ‏الجديد، الذي قرر أن أثر هذا الإلغاء لا ينصرف إلا بشأن ما نظمه القانون الخاص، ولا يمتد أثر إلغاء ‏النص إلى إلغاء النص في القانون العام، وإلا كان المشرِّع قد ألغى هذا النص في القانون العام.

بالتالي، فإن ‏مؤدى ذلك ومفاده أن نصوص القانون الخاص، وهو قانون الإفلاس، تطبق في نطاقه، ولا تلزم بإلغاء ‏القانون العام، وهو قانون المرافعات المدنية والتجارية، وعليه يكون هذا الحُكم حجة على الكافة – ‏خصوصاً فيما لو تم تأييده من محكمة التمييز – حتى وإن سلَّمنا بنسبية الأحكام التي لا تكون حجيتها إلا ‏على أطراف النزاع، إلا أنه يتعيَّن أن نطبق القاعدة التي أرساها الحُكم النهائي، من خلال تفسيره على كل ‏الأنزعة، وعليه يتوجب على إدارة التنفيذ التطبيق الصحيح للقانون وإرجاع العمل بإجراء الضبط ‏والإحضار على جميع المنفذ ضدهم، باستثناء مَنْ صدرت ضدهم أحكام قضائية وفق قانون الإفلاس، وهو ‏ما نصَّت عليه المادة 2 من قانون الإفلاس الجديد.‏

بعد دخول قانون الإفلاس رقم 71/ 2020 حيِّز التنفيذ تم إيقاف العمل بإجراء ‏الضبط والإحضار بالنسبة للمدينين بالدعاوى المدنية والتجارية

يبدو جلياً بعد الاطلاع وسماع آراء الفقهاء والقائمين على إعداد قانون الإفلاس، أن غرض المشرِّع من ‏بند الإلغاء وجود رغبة لديه بالاتجاه نحو إلغاء فكرة حبس المدين، مواكبةً للتطور وتبني فكر قانوني جديد، ‏ونحن نؤيد فكرة التطور وإلغاء فكرة حبس المدين، لكن ألا يترك الأمر سدى، فيتوجب على المشرِّع عند ‏إلغاء فكرة الحبس إيجاد بديل ناجح وفعَّال أكثر لاستيفاء الحقوق وحفظ حجية الأحكام والسندات التنفيذية، ‏ومن هذا المنطلق اقترحنا تعديل قانون المرافعات بإضافة مادة جديدة.‏

وختاماً، فإننا نتعاون ونتعاضد مع بعضنا لبعض للنهوض بهذا المجتمع، لإرساء وتطبيق القوانين بالشكل ‏المُراد به لحفظ الحقوق، ومنا دعوة إلى كل مسؤول له صلاحيات واختصاصات بالتعاون معنا لإتمام ‏الأمر، وبالأخص مدراء تنفيذ الأحكام وأعضاء مجلس الأمة.‏

إن الهدف من هذا المقال أن تتم إعادة العمل حالاً بإجراء الضبط والإحضار لكل منفذ ضده مديناً، باستثناء ‏من حُكم ضدهم وفق قانون الإفلاس، حتى يتم صدور التعديل لقانون المرافعات، والعمل بغير ذلك يعني ‏الاستمرار بإضعاف وربما إهدار حجية الأحكام والسندات التنفيذية وتأجيل ضياع الحقوق إلى أجل غير ‏مسمى.‏

اللهم قد بلغت اللهم فاشهد.

* المحامية عائشة مساعد البناي

back to top