ما المطلوب من حكومة الشيخ د. محمد الصباح؟

نشر في 21-01-2024
آخر تحديث 20-01-2024 | 18:47
على حكومة الشيخ د. محمد الصباح أن تصنع لها هوية اقتصادية تسهم في استمرارية القدرة الاقتصادية للدولة، بعيداً عن المخاطر المتوقعة لتقلبات أسعار النفط، أو بسبب انصراف العالم وتحوله عنه خلال السنوات القليلة القادمة.
 أ. د. فيصل الشريفي

قبل الإجابة عن عنوان المقال لا بد من ذكر بعض الحقائق التي تشكل علامة فارقة تميز دولة الكويت عن معظم دول العالم، ومنها أن المواطن والمقيم يعيشان تحت مظلة القانون، فلا جريمة دون برهان، وحرية التعبير كفلها الدستور ضمن ضوابط أخلاقية وقانونية تسري على الجميع.

وهنا لا بد من الإشارة إلى أن الدولة تقدم الخدمات التعليمية والصحية لمواطنيها بالمجان، ورواتب الموظفين والمتعاقدين تصرف بمواعيدها، وتقدم الرعاية الاجتماعية للفئات الأخرى تحت بند المساعدات، وتوفير الرعاية السكنية للأسر الكويتية، وبدل الإيجار لمن لا يملك سكنا، وتدعم أسعار بعض السلع الضرورية من خلال البطاقة التموينية، فلا يأتي كائن من كان ليتقول خلاف ذلك.

في 13 أبريل 2018 كتبت مقالاً بعنوان «الهوية الاقتصادية الوطنية» تطرقت فيه إلى ضرورة أن ينصب العمل الحكومي والبرلماني على مسارين: الأول تحسين جودة الخدمات التي تقدمها الدولة للمواطنين، وتعزيز مفهوم حرية التعبير وحرية العبادة باعتبارها قواعد أساسية نحو تحقيق مفهوم الرفاهية المجتمعية، والثاني أن تصنع لها هوية اقتصادية تساهم في استمرارية القدرة الاقتصادية للدولة بعيداً عن المخاطر المتوقعة لتقلبات أسعار النفط أو بسبب انصراف العالم وتحوله عنه خلال السنوات القليلة القادمة.

هذه المسارات تتطلب من مؤسسات الدولة التنفيذية والرقابية والتشريعية توجيه كل طاقاتها نحو تحقيقها من خلال وضع خريطة تشريعية وتنفيذية لإدارة الموارد البشرية والمالية والطبيعية بما يتناسب وأهداف رؤية الكويت وبرنامج العمل الحكومي.

لنرجع إلى عنوان المقال «ما المطلوب من حكومة سمو الشيخ الدكتور محمد الصباح؟» وهنا الحديث يتجاوز شكل الحكومة ونوعيتها لينصب على المهام والمستهدفات التي يصفها البعض بالمهمة الصعبة من خلال تكرار جملة «التركة ثقيلة» وكأن الكويت خربة لا قدر الله.

بداية الإصلاح فلتكن مع الأشياء المرئية والملموسة:

• إصلاح الشوارع والاهتمام بالنظافة العامة وحماية البيئة من التعديات، واحترام قانون المرور والإقامة ومكافحة آفة المخدرات.

• تحسين جودة التعليم والخدمات الطبية، وتوفير البدائل السكنية المناسبة، وتفعيل النظم الإدارية والتطبيقات الإلكترونية للحد من الروتين الإداري.

• غربلة الجهاز الإداري في الدولة من خلال إقالة كل القيادات الفاشلة والفاسدة، ولا فرق هنا بينهما فكلاهما أتيا بالواسطة والمحسوبية.

• متابعة ومراقبة ومحاسبة القيادات المسؤولة عن برامج التنمية وخططها، ومن يستصعب الحلول أو من لا يملك القدرة والكفاءة على تنفيذها يجب ألا يكون له مكان في أي موقع حكومي، ففاقد الشيء لا يعطيه.

أما فيما يخص الهوية الاقتصادية فسأكتفي بالتعريف الذي أطلقه «كارجليو أيت أل» من جامعة أمستردام 2011 عن المدينة الذكية بأنها «ذكية عندما تساهم الاستثمارات في تدعيم رأس المال البشري والاجتماعي والبنية الأساسية لوسائل النقل الحديثة وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات، للوصول إلى التنمية الاقتصادية المستدامة من خلال إيجاد نوعية راقية من الحياة بواسطة الإدارة الحكيمة للموارد الطبيعية، والتزام الإدارة القائمة على العمل الجماعي».

وعلى مسار التعريف ذاته أضاف الاتحاد الأوروبي له بأن الصناعة والمواطن في تفاعل مشترك مع القطاع الاقتصادي الذي تعتمد على الابتكار كي تتسق فكرة الاقتصاد الذكي، ويكتمل مفهومها باعتماد الخطوات التالية (الجاذبية والمنافسة، الإنتاجية، تنمية روح الابتكار، زيادة الأعمال)، وبذلك نخرج من التفكير المتكرر إلى فضاء الاقتصاد المستدام والمتجدد والمبدع.

ودمتم سالمين.

back to top