إيران تربط قصف أربيل باغتيال موسوي... وخامنئي فاجأ «الحرس» بأمر الهجوم

بغداد تحتج رسمياً وتستدعي سفيرها لدى طهران للتشاور
• واشنطن تشن ضربة جديدة على الحوثيين وتصادر أسلحة

نشر في 17-01-2024
آخر تحديث 16-01-2024 | 20:52

كشف مصدر رفيع المستوى في مكتب المرشد الإيراني علي خامنئي أن القصف الإيراني الذي استهدف أربيل، عاصمة إقليم كردستان العراق في وقت متأخر من مساء أمس الأول، جاء بأمر مباشر وعاجل من خامنئي نفسه، حتى إن كبار قادة الحرس الثوري والقوات المسلحة لم يكونوا على علم بالقرار.

وبحسب رواية المصدر، فإن القرار جاء بعد تلقي خامنئي معلومات استخباراتية عن اجتماع لمجموعات انفصالية إيرانية وضباط استخبارات إسرائيليين في قبو منزل في أربيل. ووفق السلطات الكردية والعراقية، استهدف القصف منزل رجل الأعمال الكردي البارز بيشرو دزيي، مما أدى إلى مقتله مع عدد من أفراد عائلته، إضافة إلى التاجر العراقي المسيحي كرم ميخائيل الذي يحمل الجنسية البريطانية، في وقت قال «الحرس الثوري»، في بيان، إنه استهدف «مقراً للموساد».

وأفاد المصدر بأن خامنئي أمر قائد القوات الجوفضائية للحرس اللواء أمير علي حاجي زاده بشن الضربة، وتم إبلاغ قائد «فيلق القدس» اللواء اسماعيل قآني بالهجوم، حيث قامت طائرات مسيّرة تابعة للفيلق بتأمين المعلومات اللازمة للقوات الجوفضائية لشن الضربة.

وأكد أن الأجهزة الاستخباراتية الإيرانية توصلت إلى أن منفذي هجوم كرمان الذي استهدف ضريح الجنرال قاسم سليماني في ذكرى اغتياله وأدى إلى مقتل نحو 100 شخص، انطلقوا من إدلب في سورية لا من أفغانستان عبر كردستان العراق، ثم انتقلوا إلى داخل إيران.

وبحسب المصدر، فإن استهداف إدلب كان على جدول الأعمال، على عكس قصف أربيل الذي ارتبط بالاجتماع المفترض لضباط «الموساد».

وكانت «الجريدة» نشرت خبراً في 27 ديسمبر الماضي يؤكد أن الأجهزة الأمنية الإيرانية قدمت 5 سيناريوهات للرد على اغتيال رضى موسوي، أرفع ضابط للحرس الثوري في سورية، من جانب إسرائيل، بينها استهداف ضباط للموساد في أربيل، مشيرة إلى أن السيناريو الأخير هو الأكثر ترجيحاً.

وأثار الهجوم الإيراني غضباً غير مسبوق في بغداد، إذ أعلنت الحكومة العراقية استدعاء سفيرها في طهران نصير عبدالمحسن للتشاور، كما استدعت القائم بالأعمال الإيراني في العاصمة العراقية أبوالفضل عزيزي وسلمت إليه احتجاجاً رسمياً.

واعتبرت حكومة محمد شياع السوداني ما جرى انتهاكاً لسيادة العراق، وخرقاً للاتفاق الأمني الموقع بين البلدين، مؤكدة أنها تعد شكوى ضد طهران في مجلس الأمن.

وقال مستشار الأمن الوطني قاسم الأعرجي، الذي زار أربيل أمس وتفقد مواقع الضربات، إن الادعاءات التي تتحدث عن استهداف مقر للموساد في أربيل «لا أساس لها من الصحة»، مؤكداً أنه جرى استهداف منزل.

على جبهة أخرى، وفي وقت اتسعت لائحة الشركات العالمية التي توقف شحناتها عبر البحر الأحمر، وغداة إصابة سفينة شحن أميركية بصاروخ أطلقه الحوثيون، قالت شركة أمبري البريطانية للأمن البحري، في مذكرة أمس، إن ناقلة بضائع ترفع علم مالطا ومملوكة لليونان استُهدفت بصاروخ أثناء عبورها شمالاً بالبحر الأحمر.

وفي تطور متصل، أبلغ مسؤولان أميركيان «رويترز» أن الجيش الأميركي نفذ أمس ضربة جديدة على الحوثيين استهدفت أربعة صواريخ مضادة للسفن.

وقالت القيادة الوسطى الأميركية، أمس، إنها ضبطت قبل أيام شحنة أسلحة إيرانية تضم «مكونات صواريخ بالستية وصواريخ كروز» كانت في طريقها للحوثيين باليمن، مضيفة أن هذه هي أول عملية ضبط لـ «أسلحة تقليدية متقدمة فتاكة تقدمها إيران» للحوثيين منذ بدء الهجمات على السفن.

في المقابل، أشاد خامنئي (84 عاماً)، أمس، بهجمات الحوثيين، وحثهم على المواصلة «حتى تحقيق النصر».

وفي تفاصيل الخبر:

كذبت الحكومة العراقية، اليوم، الادعاءات الإيرانية حول قصف مدينة أربيل عاصمة إقليم كردستان العراق مساء أمس، بعدما أعلن الحرس الثوري الإيراني، استهداف مراكز تجسس إسرائيلية وتجمعات لجماعات إرهابية مناهضة لطهران في المدينة الكردية علاوة على قصف مواقع لتنظيم «داعش» في سورية.

وذكر الحرس الثوري في أربعة بيانات متتالية، أن قصفه طال «أماكن تجمّع قيادات ومسؤولين على علاقة بالموساد الإسرائيلي وإرهابيين في أربيل وفي الأراضي السورية»، مشيراً إلى استهداف «مواقع لتنظيم داعش رداً على الهجمات الإرهابية التي شنّها التنظيم في الآونة الأخيرة » خلال إحياء ذكرى اغتيال قاسم سليماني في كرمان.

وأبلغ قائد القوة الجوفضائية، العميد أمير علي حاجي زادة،

قائد الحرس، اللواء حسن سلامي، أنه «تم إطلاق 4 صواريخ من طراز خيبر شكن من جنوب خوزستان على مقر داعش بإدلب السورية. وتم إطلاق 4 صواريخ من كرمانشاه و7 صواريخ من محافظة أذربيجان شرقي على المقر الصهيوني» في أربيل.

وأشار إلى قصف مقر مجموعة ثانية من تابعة لـ «هيئة تحرير الشام» في سورية بـ 9 صواريخ.

وأكد المتحدث باسم «الخارجية» الإيرانية، ناصر كنعاني، أن «طهران تحترم سيادة الدول الأخرى ووحدة أراضيها، لكنها في الوقت نفسه تستخدم حقها المشروع والقانوني لردع تهديدات الأمن القومي، عبر توجيه ضربات دقيقة بقدرات استخباراتية عالية».

وتسبب أحدث استهداف تنفذه إيران في المنطقة العراقية التي تتمتع بحكم شبه ذاتي وتنشط بها جماعات كردية - إيرانية انفصالية، في تعطّل محدود لمطار أربيل الرئيسي وفي انطلاق صفارات الإنذار بالقنصلية الأميركية التي سقطت صواريخ بمحيطها.

وأعلن جهاز مكافحة الإرهاب في «كردستان العراق»، أنه جرى إسقاط 3 طائرات مسيّرة فوق مطار أربيل، حيث تتمركز قوات أميركية ودولية أخرى.

وأكد عضو المكتب السياسي لـ «الحزب الديموقراطي» الكردستاني، هيمن هورامي، مقتل رجل الأعمال الكردي البارز بيشرو دزيي، والتاجر العراقي البريطاني كرم ميخائيل، و4 من أفراد عائلتهما باستهداف صاروخ إيراني لمنزل الأول، فيما أشارت مصادر أمنية عراقية إلى أن صاروخاً سقط على منزل مسؤول كبير في مخابرات الإقليم، وآخر استهدف موقعاً لجماعة كردية.

واتهم الزعيم الكردي التاريخي مسعود البارزاني، المسؤولين الإيرانيين بشنّ الهجوم للتغطية على أزماتهم الداخلية، وقال: «رسالتي إلى مرتكبي الهجوم الصاروخي: ليس هناك فخر بقتل المدنيين، بإمكانكم قتلنا، لكن تأكدوا أن إرادة شعب كردستان ستبقى ثابتة». وشدد على أن «ضبط النفس له حدود».

من جهته، قال رئيس وزراء كردستان العراق، مسرور البارزاني، خلال مشاركته في منتدى دافوس الاقتصادي: «لسنا جزءاً من هذا الصراع، ولا نعرف لماذا تنتقم إيران من المدنيين في أربيل»، ودعا المجتمع الدولي للتدخل.

احتجاج وتحقيق

وفي بغداد، نددت الحكومة الاتحادية بالاعتداءات، معتبرة أنها خرق للسيادة وللاتفاق الأمني الموقّع بين البلدين. وقال رئيس الحكومة العراقية محمد شياع السوداني إن ما جرى هو عدوان قد يقوض العلاقات بين البلدين.

وفي أول إجراء من نوعه استدعت بغداد سفيرها في طهران نصير عبدالمحسن، كما استدعت القائم بالأعمال الإيراني في العاصمة العراقية أبوالفضل عزيزي وابلغته احتجاجاً رسمياً.

وأكدت حكومة السوداني أنها «ستتخذ جميع الإجراءات القانونية تجاه القصف، ومن ضمنها تقديم شكوى إلى مجلس الأمن»، مشيرةً إلى أن «رئيس مجلس الوزراء قرر تشكيل لجنة برئاسة مستشار الأمن الوطني قاسم الأعرجي للتحقيق في الهجوم وجمع المعلومات».

وأمس زار الأعرجي أربيل وتفقّد مواقع الضربات، وأكد أن الادعاءات التي تتحدث عن استهداف مقر لـ «الموساد» في أربيل «لا أساس لها من الصحة»، مشيراً إلى أنه اطّلع ميدانياً برفقة لجنة التحقيق التي تم تشكيلها على الأضرار التي لحقت بمنزل رجل الأعمال دزيي المستهدف ورفيقه التاجر كرم ميخائيل وهو مسيحي يحمل الجنسية البريطانية.

ونددت عدة دول بالهجمات الإيرانية التي زادت المخاوف المتنامية من احتمال اتساع نطاق حرب غزة وتحوّلها إلى مواجهات فوضوية تشارك بها فصائل وجماعات إقليمية متحالفة مع طهران، وتستهدف المصالح والقوات الأميركية والغربية بالمنطقة.

وأكدت «الخارجية» الأميركية عدم إصابة أي أميركي في الضربات الصاروخية الإيرانية، مضيفة أن قنصليتها في أربيل ومجمع القنصلية الجديد قيد الإنشاء لم يتعرّضا لأي ضرر، معربة عن إدانتها للاعتداء الإيراني، ومعارضتها لـ «الضربات المتهورة» التي تقوّض استقرار العراق.

back to top