بايدن يحذر إيران بعد ضرب الحوثيين

«الجريدة•» تكشف إبلاغ الأميركيين طهران مسبقاً بالقصف على اليمن
• مسؤول إيراني: لا نريد حرباً شاملة
• «أنصار الله» تتعهد بمواصلة هجماتها البحرية

نشر في 14-01-2024
آخر تحديث 13-01-2024 | 20:46

رفعت الضربات الأميركية والبريطانية ضد جماعة «أنصار الله» الحوثية في اليمن، احتمالات حصول مواجهة مباشرة مكلفة جداً بين الولايات المتحدة وإيران لطالما حاول البلدان تجنبها.

وقال الرئيس الأميركي جو بايدن للصحافيين في واشنطن أمس، إن بلاده سلمت رسالة، بشكل خاص، إلى إيران بشأن جماعة الحوثي التي تعهدت بمواصلة شن هجمات على السفن في البحر الأحمر. وقال بايدن: «سلمنا الرسالة بشكل خاص، ونحن واثقون من أننا مستعدون جيداً».

وكانت «الجريدة» كشفت في 22 ديسمبر الماضي في تقرير عنوانه «واشنطن لطهران: لجم وكلائكم أو المواجهة المباشرة»، أن واشنطن أبلغت طهران أن عدم لجمها للحوثيين سيؤدي إلى مواجهة مباشرة بين البلدين.

اقرأ أيضا

رغم ذلك، كشفت مصادر إيرانية لـ «الجريدة» أمس، أن واشنطن أبلغت طهران سابقاً عبر دولة عربية بالضربات على الحوثيين، في حين نقلت «رويترز» عن مسؤول إيراني كبير قوله، إن بلاده تدعم الحوثيين، لكنها لا تريد الدخول في حرب إقليمية شاملة.

ووجهت واشنطن ضربة إضافية لجماعة «أنصار الله» الحوثية في «قاعدة الدليمي» الجوية قرب صنعاء، أمس، بعد يوم من شنها بمشاركة بريطانيا، موجة قصف واسعة استهدفت 30 موقعاً بهدف تقليص قدرة الجماعة اليمنية على استهداف السفن التجارية والعسكرية في البحر الأحمر.

في المقابل، تعهدت الجماعة بأنها ستواصل عملياتها العسكرية ضد إسرائيل، ومنع مرور سفنها أو سفن الدول الأخرى المتجهة إليها في البحر الأحمر، مشيرة إلى أن جميع المصالح الأميركية والبريطانية باتت «أهدافاً مشروعة» لها، وأن «العدوان الأميركي والبريطاني لن يمر دون عقاب».

وقلل المتحدث باسم الحوثيين محمد عبدالسلام الحوثي من أهمية الضربات الأميركية والبريطانية، واصفاً إياها بأنها غير مؤثرة، رابطاً وقف العمليات في البحر الأحمر بإنهاء حرب غزة.

وفي حين أفيد بأن سفينة ترفع علم بنما رصدت سقوط صاروخ أُطلق من مناطق سيطرة الحوثيين في الحديدة على بعد 500 متر منها، أعلنت القيادة الأميركية الوسطى فقدان جنديين من مشاة البحرية خلال عمليات قبالة سواحل الصومال قرب باب المندب واليمن.

من ناحيته، دعا وزير الدفاع البريطاني إيران إلى لجم الحوثيين و«حزب الله»، في حين رأت الصين أن الضربات على اليمن لا تحمي الملاحة بل «فاقمت المخاطر الأمنية في مياه البحر الأحمر».

وفي تفاصيل الخبر:

غداة شن الولايات المتحدة وبريطانيا هجوماً واسعاً على مواقع ومنشآت للجماعة اليمنية المتمردة، يستهدف إضعاف قدرتها على استهداف الممر البحري العالمي في البحر الأحمر، نفذت القوات الأميركية ضربة إضافية ضد قوات حركة «أنصار الله» الحوثية فجر أمس.

وقالت القيادة المركزية الأميركية، في بيان على موقع «إكس»، إن مدمرة الصواريخ الموجهة «كارني» استخدمت صواريخ «توماهوك» في الضربة الإضافية «لتقليص قدرة الحوثيين على مهاجمة السفن البحرية العسكرية والتجارية» التي تقول الجماعة إنها مرتبطة بإسرائيل أو متجهة منها أو إليها للضغط عليها بهدف وقف حرب غزة.

وأفاد مسؤولان أميركيان بأن الجيش نفذ الضربة الإضافية استكمالاً لموجة القصف التي شنت فجر الجمعة وشملت نحو 150 ضربة على 30 موقعاً.

وأوضحت «البنتاغون» أن ضربة الجمعة بدأت باستهداف 16 موقعاً للحوثيين وبعد فترة وجيزة، تم تحديد 12 موقعاً إضافياً وتمت مهاجمتها.

تهوين وتهديد

في المقابل، هون الناطق الرسمي باسم «أنصار الله»، محمد عبدالسلام، من الضربات الأميركية البريطانية، التي استهدف آخرها «قاعدة الديلمي» الجوية شمال العاصمة صنعاء، الخاضعة لسيطرة المتمردين منذ عام 2014، وقال إنها «لم يكن لها تأثير يذكر»، في وقت أفيد بأن سفينة ترفع علم «بنما» رصدت سقوط صاروخ على بعد 500 متر منها قبالة سواحل اليمن.

وفي وقت سابق، شدد عبدالسلام، على أن العمليات في البحر الأحمر لن تتوقف إلا بعد فك الحصار عن غزة، قائلاً إن من يدفع المنطقة لحرب أوسع هو من يسمح باستمرار «العدوان والحصار» لأكثر من مئة يوم في غزة.

وأضاف أن الحركة تسعى للضغط على الإسرائيليين والأميركيين للموافقة على وقف إطلاق النار، ورفع الحصار، والتحرك صوب السلام والحوار.

كما حذر عضو المكتب السياسي للحوثيين، حازم الأسد واشنطن ولندن من رد مدمر يطول مصالحهما في كل مكان. وقال إن «واشنطن تحاول خلق نصر وهمي ورفع معنويات إسرائيل. إن ادعاء الأميركيين بأن إيران تملي علينا ما يجب أن نفعله هو بمنزلة أسطوانة مكسورة».

مخاوف وانزلاق

وجاء ذلك في وقت تعززت مخاوف من دخول أزمة البحر الأحمر إلى دائرة مفرغة وسلسلة من الهجمات والردود تتعدى حدوده البحرية.

ورأى توبياس بورك الخبير في شؤون الأمن بمنطقة الشرق الأوسط في المعهد الملكي في بريطانيا أن «الحوثيين يريدون تصوير أنفسهم على أنهم مناصرون للقضية الفلسطينية لكنهم مهتمون في الأساس بالاحتفاظ بالسلطة»، فيما حذر خبراء من احتمال مواصلة واشنطن لهجماتها التي قد تشمل مواقع يمنية تتواجد بها كوادر إيرانية، مما يعني احتمال انزلاق واشنطن وطهران لمواجهة مباشرة يقول الطرفان إنهما لا يرغبان بها.

استدراج وآمال

وفي وقت تولي إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن، الذي تولى منصبه في 2021، اهتماماً بتنفيذ وعدها الانتخابي بالتفاوض لإنهاء الحرب الأهلية الدامية في اليمن وتواجه معضلة بمحاولة ردع الحوثيين من دون الدخول في حرب مباشرة مع طهران، ذكرت مصادر إيرانية لوكالة «رويترز»، أن طهران لا تريد التدخل المباشر في المواجهة الجارية بين الحوثيين والولايات المتحدة.

وقال مسؤول إيراني كبير، إن الحوثيين يتخذون قراراتهم بأنفسهم وطهران تدعم قتالهم، لكنها لا تريد «حرباً شاملة في المنطقة» يعتقد البعض أنها قد تجر على وجه الخصوص «حزب الله» اللبناني، إضافة إلى الفصائل العراقية المتحالفة مع إيران.

وأضاف المسؤول الإيراني الذي تهدد بلاده بتوسيع نزاع غزة إذا لم تتوقف الحملة الإسرائيلية الرامية لإنهاء حكم «حماس» أن الأمر متروك لإسرائيل والولايات المتحدة لوقف «عدوانهما».

ولاحقاً، حذر المساعد السياسي لمكتب الرئيس الإيراني محمد جمشيدي من أن «سعي أميركا وبريطانيا لتوسيع الحرب في غرب آسيا هو خطأ في الحسابات ستكون له عواقب وخيمة على مصالحهم».

ويرى خبراء أن إدارة بايدن والمتمردين الحوثيين، وداعمي الجماعة في إيران، دخلوا في اتفاق ضمني حساس وخطر، يعتقد كل طرف فيه أنه بحاجة إلى استخدام القوة مع افتراض أن الآخر لن يرغب في التصعيد وصولاً إلى المواجهة الشاملة.

لكن الخبراء حذروا من أن الضربات الأميركية ـ البريطانية الموجهة إلى الحوثيين «ستخفف فقط» ولن تسمح على الأرجح بوقف التهديدات التي يمثلونها في البحر الأحمر، إذ إن هؤلاء المتمردين صمدوا لسنوات طويلة في وجه عمليات قصف شنها «تحالف دعم الحكومة الشرعية» بقيادة السعودية والإمارات.

تحذير ودفاع

في هذه الأثناء، صرح وزير الدفاع البريطاني جرانت شابس بأن إيران بحاجة إلى أن تطلب من «حزب الله» اللبناني والحوثيين ووكلائها الآخرين في سورية والعراق أن «يتوقفوا ويكفوا تحركاتهم التي تجاوزت الحد بالفعل لأن صبرنا بدأ ينفد».

في موازاة ذلك، دافع وزير الخارجية البريطاني ديفيد كاميرون عن شن الضربات على اليمن وقال إنها «ضرورية وقانونية ومتناسبة».

وأمس، دافعت سفيرة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة، ليندا توماس غرينفيلد، عن الضربات وقالت إنها تأتي رداً على إجبار أكثر من 2000 سفينة على تغيير مسارها وسلوك طريق رأس الرجاء الصالح الأطول والمكلف.

وجاء ذلك، بعد أن قال سفير روسيا لدى الأمم المتحدة فاسيلي نيبينزيا، إن الولايات المتحدة وبريطانيا «تسببتا بمفردهما في امتداد الصراع في غزة إلى المنطقة بأكملها بعد شنهما لعدوان مسلح لا يندرج ضمن قواعد القانون الدولي للدفاع عن النفس».

back to top