إلغاء «المعاشات الاستثنائية» للمدنيين وإبقاؤها للعسكريين

«المالية البرلمانية»: وقف المادة 80 سيترتب عليه بقاء حالات عديدة دون معاش تقاعدي
• اللجنة أبقت معاشات العسكريين غير الكويتيين بتكلفة 23 مليون دينار سنوياً
• سحبها غير جائز بوصفها حقاً مكتسباً صدر مكتمل العناصر دون سقف زمني
• «التأمينات»: وقفها عن البعض وإبقاؤها لآخرين إهدار للحقوق ومفارقة غير مبررة

نشر في 07-01-2024
آخر تحديث 06-01-2024 | 20:28

«المالية» في اجتماع سابق
«المالية» في اجتماع سابق

رغم تحذير المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية من أنه لا يجوز دستورياً سحب قرارات منح المعاشات الاستثنائية، وتأكيدها أن إلغاء المادة 80 من قانون التأمينات سيترتب عليه بقاء حالات عديدة دون معاش تقاعدي، انتهت لجنة الشؤون المالية والاقتصادية البرلمانية إلى الموافقة على إلغاء تلك المعاشات للمدنيين، مع إبقائها للعسكريين.

ولم تقف اللجنة عند هذا الحد، بل نص قانونها على «صدور قرار من مجلس الوزراء بسحب قرارات منح المعاشات الاستثنائية الصادرة بناء على أحكام المادة 80 من قانون التأمينات، على أن تتم تسوية رواتب المشمولين بقرارات الاستثناء الصادرة عن مجلس الوزراء بإعادتها للمعاشات التقاعدية القانونية قبل الاستثناء»، وهو ما يعني وقف صرفها بأثر رجعي.

وأكدت «التأمينات»، في رأيها المثبت بتقرير اللجنة والمدرج على جدول أعمال المجلس، أن إلغاء المادة 80 للمدنيين مع إبقائها للعسكريين فيه مفارقة غير مبررة في ضوء اتحاد العلة والغرض، مشددة على أن قرار السحب يتضمن مساساً بالحقوق المكتسبة ويمثل إهداراً لها.

وأشارت إلى أنه سبق أن أبدت إدارة الفتوى والتشريع رأيها في هذا الشأن، حيث أكدت «عدم جواز سحب أو إلغاء أو تعديل القرارات الصادرة عن مجلس الوزراء بمنح المعاشات الاستثنائية، لأنها نشأت مكتملة ومستوفية لجميع عناصرها دون سقف زمني تنتهي عنده، وهو ما يعني أنها صدرت سليمة وتولد عنها حق ومركز شخصي لا يجوز معهما سحبها أو إلغاؤها أو الانتقاص منها في أي وقت، بعد أن أصبحت التزاماً على الجهة التي تقرر عليها مترتباً في ذمتها وأضحت حقوقاً تم اكتسابها فعلاً، وأن المساس بهذا الحق يعد هدماً لوجوده وعدواناً على الحقوق، وهو ما لا يجوز قانونياً».

وبموجب الأرقام الواردة في تقرير اللجنة المالية، فإن هناك نحو 11 فئة ستضرر من إلغاء تلك المادة المطبقة منذ عام 1976، أبرزها الوزراء والنواب وأعضاء المجلس البلدي والقياديون وموظفو وقياديو الديوان الأميري والمختارون والقضاة والعاملون بمؤسسة البترول، إلى جانب حالات فردية وأعضاء هيئة التدريس وذوي الشهداء، بما لا يقل عن 1672 مستفيداً بكلفة سنوية تقدر بـ 21.7 مليون دينار.

وأوضحت اللجنة، في تقريرها، أن إلغاء المادة 80 سيترتب عليه بقاء حالات دون معاش تقاعدي، وهي الحالات التي لم تستحق المعاش التقاعدي لعدم اكتمال شروط استحقاقه، ولاسيما السن القانونية ومنهم القياديون، كما ستحرم منها حالات فردية ومستحقون يعتمد بعضهم على هذا المعاش اعتماداً كاملاً، بعكس الفئات الأخرى المستحقة من ذوي الإعاقة أو من يرعاهم وذوي الشهداء، والعسكريين الكويتيين، إلى جانب العسكريين غير الكويتيين (الذين تقدر تكلفة معاشاتهم بـ 23 مليون دينار سنوياً)، حيث إن تلك الفئات تطبق عليها قوانين أخرى تنظم حصولها على معاشات أو مكافآت استثنائية.

وفي تفاصيل الخبر:

رغم تأكيدها أن إلغاء المادة 80 من قانون «التأمينات الاجتماعية» والمطبقة منذ 1976 سيترتب عليه بقاء العديد من الحالات دون معاش تقاعدي، فإن لجنة الشؤون المالية والاقتصادية البرلمانية انتهت إلى الموافقة على إلغائها، وسط تحذير المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية من أنه لا يجوز دستورياً سحب قرارات منح المعاشات الاستثنائية، مقترحة الاكتفاء بأن يضع مجلس الوزراء قواعد وشروطاً وأحكام منح المعاشات الاستثنائية وحدودها.



وبحسب رأي مقدم الاقتراح، كما هو وارد بتقرير اللجنة، فقد بلغت كلفة المعاشات الاستثنائية خلال الـ 10 سنوات الأخيرة نحو 3.6 مليارات دينار، أما بحسب الأرقام الرسمية الواردة من المؤسسة والمثبتة بتقرير اللجنة المالية فقد بلغت كلفة المعاشات الاستثنائية للمدنيين والعسكريين خلال العام 2022/ 2023 نحو 779 مليون دينار، نحو 11 مليوناً منها للوزراء و3.7 ملايين للنواب، وبلغ إجمالي عدد المستفيدين من المعاشات الاستثنائية 39651 ألف مستفيد.

«الفتوى والتشريع» اعتبرت المساس بقرار لمجلس الوزراء هدماً لوجوده وعدواناً على الحقوق

وكان واضحاً من نماذج الحالات الفردية المستحقة للمعاش الاستثنائي بموجب قرارات مجلس الوزراء التي صدرت بموجب المادة 80 من قانون التأمينات وجود تفاوت كبير في المعاشات الاستثنائية بين المستفيدين منها، فعلى سبيل المثال هناك من يحصل على معاش استثنائي شهري بمبلغ 4 دنانير بمعدل سنوي 48 ديناراً، فيما هناك من يحصل على معاش استثنائي بقيمة 9948 ديناراً شهرياً بمعدل سنوي 119376 ألف دينار.

الحالات المستفيدة

وبينت اللجنة أن الحالات المشمولة بالمادة (80) هي كالتالي: «حالات الاستعانة بالخبرات، والقياديون والمديرون والدبلوماسيون، وحالات فردية، والوزراء، وأعضاء مجلس الأمة، وأعضاء المجلس البلدي، وموظفون وقياديو الديوان الأميري، والمختارون، والقضاة، والعاملون بمؤسسة البترول الكويتية».

وأشارت اللجنة المالية إلى أن إلغاء المادة (80) سيترتب عليه بقاء العديد من الحالات دون معاش تقاعدي وهي: الحالات التي لم تستحق المعاش التقاعدي بسبب عدم اكتمال الشروط اللازمة لاستحقاق المعاش التقاعدي، لاسيما السن القانونية ومنهم القياديون، كما ستحرم منها الحالات الفردية والمستحقون عنهم، ومنهم الذين يعتمدون في معيشتهم اعتماداً كاملاً على هذا المعاش، بعكس الفئات الأخرى المستحقة من العسكريين الكويتيين وغير الكويتيين وذوي الإعاقة أو من يرعاهم وذوي الشهداء، ذلك أن تلك الفئات يطبق عليها بشأن حصولها على معاشات أو مكافآت استثنائية قوانين أخرى تنظمها.

ضرورة الإلغاء

وتابعت، بعد البحث والدراسة رأت اللجنة ضرورة إلغاء المادة (80) من قانون التأمينات الاجتماعية للأسباب الآتية: إطلاق يد مجلس الوزراء في إصدار قرارات في منح المعاشات أو المكافآت الاستثنائية يخلق التمييز بين أفراد المجتمع ولا يحقق العدل والمساواة بينهم، علاوة على عدم وجود ضوابط أو أحكام واضحة في منح المعاشات أو المكافآت الاستثنائية سواء للمؤمن عليهم أو أصحاب المعاشات التقاعدية أو المستحقين عنهم، مشددة على أن إلغاء منح المعاشات والمكافآت الاستثنائية يمنع تعارض المصالح ويكفل تحقيق الإدارة الرشيدة وإرساء مبدأ الشفافية.

ستحرم منها الحالات الفردية والمستحقون عنهم ومنهم من يعتمد في معيشته كلياً على هذا المعاش

وفي ختام تقريرها قالت اللجنة المالية، إنه بعد المناقشة وتبادل الآراء انتهت اللجنة إلى الموافقة بإجماع الأعضاء الحاضرين على الاقتراح بقانون بإلغاء المادة (80) من قانون التأمينات الاجتماعية الصادر بالأمر الأميري بالقانون رقم (61) لسنة 1976، مع وجوب الأخذ بعين الاعتبار أن إلغاء المادة سيترتب عليه بقاء العديد من الحالات دون معاش تقاعدي وهي الحالات التي لم تستحق المعاش التقاعدي بسبب عدم اكتمال الشروط اللازمة لاستحقاق المعاش التقاعدي، والحالات الفردية والمستحقون عنهم.

رأي «التأمينات»

وكان لافتاً رأي المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية المثبت بتقرير اللجنة، الذي جاء فيه: أكدت المؤسسة أن دورها بالنسبة للمعاشات والمكافآت الاستثنائية بشكل عام يقتصر على صرفها مع تحمّل الخزانة العامة بتكلفتها، وكان مجلس الوزراء هو الجهة المقرر لها قانونياً سلطة المنح، ومن ثم أية ضوابط ترتبط بما يرى تحقيقه من أغراض أو معالجات عن طريق المعاشات أو المكافآت الاستثنائية باعتباره المهيمن على مصالح الدولة والمختص برسم السياسية العامة للحكومة.



وتابعت المؤسسة، وكان في إلغاء المادة (80) من قانون التأمينات الاجتماعية إلغاء لهذه السلطة التي لا تتحمل المؤسسة بالأثر المالي لها، فإنه يخرج عن اختصاص المؤسسة إبداء الرأي في مقترح إلغاء السلطة المذكورة أو وضع ثمة ضوابط بشأنها، مشددة على أن إلغاء المادة 80 بالنسبة للمدنيين مع بقائها بالنسبة للعسكريين فيه مفارقة غير مبررة في ضوء اتحاد العلة والغرض، لأن نص هذه المادة يسري على المدنيين ويقابله بالنسبة للعسكريين مع بعض الاختلاف نص المادة (14) من قانون معاشات ومكافآت التقاعد للعسكريين الصادر بالمرسوم رقم (69) لسنة 1980.

سحب القرارات

وشددت المؤسسة على أن سحب قرارات منح المعاشات الاستثنائية الصادرة بناء على أحكام المادة (80) من قانون التأمينات الاجتماعية يتضمن مساساً بالحقوق المكتسبة وإهداراً لها، وقد سبق أن أبدت إدارة الفتوى والتشريع رأيها في هذا الشأن بعدم جواز سحب أو إلغاء أو تعديل القرارات الصادرة من مجلس الوزراء بمنح المعاشات الاستثنائية ذلك أن تلك القرارات قد نشأت مكتملة ومستوفية لجميع عناصرها دون سقف زمني تنتهي عنده، مما يعني أنها صدرت سليمة وتولد عنها حقّ ومركز شخصي لا يجوز معه سحبها أو إلغاؤها أو الانتقاص منها في أي وقت بعد أن أصبحت التزاماً على الجهة التي تقرر عليها مترتباً في ذمتها وأضحت حقوقاً تم اكتسابها فعلاً، وأن المساس بهذا الحق يعد هدما لوجوده وعدواناً على الحقوق وهو ما لا يجوز قانونياً.

فوارق كبيرة بين المستفيدين منها... قيمتها الشهرية 4 دنانير لشخص و9948 لآخر

وقالت المؤسسة، يترتب على سحب قرارات منح المعاشات الاستثنائية بناء على أحكام المادة (80) المشار إليها بقاء العديد دون معاش تقاعدي باعتبار أن تلك الحالات لم تستحق المعاش التقاعدي بسبب عدم اكتمال الشروط اللازمة لاستحقاق المعاش التقاعدي وكذلك عدم إمكانية الجمع بين المعاش التقاعدي وبين المرتب بالنسبة لغير الحالات التي يسري بشأنها القرار رقم (5) لسنة 1978 في شأن تحديد قواعد الجمع وتعيين الحد الأدنى للنصيب، وكذا القانون رقم (47) لسنة 2005 في شأن إعادة تعيين أعضاء هيئة التدريس السابقين بجامعة الكويت والهيئة العامة للتعليم التطبيقي والتدريب إلى العمل الذين تقرر لهم الجمع استثناء من أحكام القانون بموجب نص المادة (80) من القانون، ومن ذلك أيضاً ذوو الشهداء.



سحب المعاشات الاستثنائية لم يعالج العديد من الحالات والمراكز القانونية التي نشأت في ظل تلك القرارات مثل حالات توزيع المعاش الاستثنائية على المستحقين بعد وفاة صاحب المعاش، وأصحاب المعاشات الاستثنائية الذين استفادوا من صرف مبلغ الاستبدال ويقومون بالسداد خصما من هذا المعاش، والحالات التي صدرت بشأنها أحكام قضائية نهائية باستحقاق المعاش الاستثنائي.

واقترحت المؤسسة في حال الرغبة في وضع لوائح منظمة للمادة (80)، إضافة فقرة ثالثة لنص المادة (80) من القانون تقضي بأن يضع مجلس الوزراء بقرار يصدر منه قواعد وشروط وأحكام منح المعاشات الاستثنائية وحدودها.

نص «إلغاء المادة 80» كما انتهت إليه اللجنة

نص الاقتراح بقانون بإلغاء المادة (80) من قانون التأمينات الاجتماعية الصادر بالأمر الأميري بالقانون رقم (61) لسنة 1976، كما انتهت إليه لجنة الشؤون المالية والاقتصادية البرلمانية، والمدرج على جدول أعمال مجلس الأمة في مادته الأولى على ان «تلغى المادة (80) من قانون التأمينات الاجتماعية الصادر بالأمر الأميري بالقانون رقم (61) لسنة 1976».

أما بمادته الثانية، فقالت: «يصدر قرار من مجلس الوزراء بسحب قرارات منح المعاشات الاستثنائية الصادرة بناء على أحكام المادة (80) من قانون التأمينات الاجتماعية، ويتم تسوية رواتب المشمولين بقرارات الاستثناء الصادرة عن مجلس الوزراء بإعادتها للمعاشات التقاعدية القانونية قبل الاستثناء».

اللجنة حاولت الالتفاف على الدستور

حاولت اللجنة المالية البرلمانية، في تقريرها، الالتفاف على النصوص الدستورية، عبر مطالبتها الحكومة بسحب قرارات المعاشات الاستثنائية، ولم تلجأ إلى النص على سحب تلك القرارات بقانون، إذ يتطلب ذلك أغلبية خاصة لإقراره نظراً لما أوردته المادة الثانية من إلزام لمجلس الوزراء بإلغاء كل القرارات السابقة الصادرة وفق المادة 80.

وبما أن هذا النص يعني الإلغاء بأثر رجعي فإنه يتطلب موافقة أغلبية الأعضاء وفق المادة 179 من الدستور، والتي تنص على أنه «لا تسري أحكام القوانين إلا على ما يقع من تاريخ العمل بها، ولا يترتب عليها أثر فيما وقع قبل هذا التاريخ، ويجوز، في غير المواد الجزائية النص في القانون على خلاف ذلك بموافقة أغلبية الأعضاء الذين يتألف منهم مجلس الأمة».

back to top