صاحب السمو المتواضع

نشر في 20-12-2023
آخر تحديث 19-12-2023 | 20:55
كان تواضع الشيخ نواف فطرياً لا تصنعاً كما يفعل بعض الحكام للبهرجة الإعلامية! وقد كان من أهل الخير والصدقات والصلاة وقراءة القرآن، ويسلم على الصغير والكبير ويصافحهم بابتسامة هادئة.
 د. محمد عبدالرحمن العقيل

فقدت الكويت رجلاً أصيلاً عابداً ومتواضعاً لربه، ومحباً لأسرته ووطنه وشعبه، وبما أني من سكان منطقة العديلية الحبيبة، فقد خسرنا برحيل الشيخ نواف الأحمد الصباح، رحمه الله، خسارتين، الأولى خسارة خروجه من منطقة العديلية التي بات أغلب عمره فيها، والثانية خسارة رحيله من الدنيا.

كان، رحمه الله، ودوداً وقريباً من الناس وأهل المنطقة، فقد أَلِفنا وألفناه، وأحببنا فيه طيبة قلبه الصادقة، وشخصيته الهادئة، وتصرفاته المتواضعة التي تخرج منه بعفوية صادقة، وهذا ما عهدناه عنه، رحمه الله، قبل أن يكون ولياً للعهد، وبعدما صار أميراً، فلم تغيره المناصب أبداً.

كان، رحمه الله، من أشد الناس تواضعاً ورأفة، وكان يحرص على تعزية سكان المنطقة بحضوره شخصيا إلى منازلهم، فكان تواضعه فطرياً لا تصنعاً كما يفعل بعض الحكام للبهرجة الإعلامية! وقد كان من أهل الخير والصدقات والصلاة وقراءة القرآن، وكان يسلم على الصغير والكبير ويصافحهم بابتسامة هادئة.

كان، رحمه الله، يعيش بسلام داخلي مع نفسه ومع من حوله، وكان زاهداً، لا يتشدد في الإجراءات الأمنية التي تحمي كبار الشخصيات والأمراء، فكان يترك أهل منطقة العديلية وغيرهم من المصلين يركنون سياراتهم المتراصّة أمام بيته المقابل لمسجد الشايع في مبنى الهيئة العامة للتعليم التطبيقي، في كل صلاة مفروضة، حتى بعدما صار ولياً للعهد ثم أميراً للبلاد.

إن هذه المشاهد وهذا التواضع الحقيقي لا نراه إلا في حكامنا المتواضعين المحبين لشعبهم والواثقين بهم وبأمانهم، وهذا ما يميز الكويت الغالية عن غيرها، فحب الكويتيين صادق لأرضهم ولحكامهم، حب طبيعي يولد معنا، صحيح أننا نعيش في أرض صغيرة الحجم، لكننا في مساحة واسعة من الحرية والإفصاح والتعبير عن الرأي، فنقول ما يعجبنا وما لا يعجبنا، وهذا ما تربينا عليه، وهذا ما يزيد المواطن عزة وكرامة، وافتخاراً بوطنه وحكامه، فحكامنا قريبون منا، نراهم في مساجدنا ومجالسنا وبيوتنا.

رحم الله الشيخ نواف الأحمد الصباح، وكل من أعز أبناء بلده، ونسأل الله أن يوفق أميرنا الشيخ مشعل الأحمد الصباح في إكمال المسيرة، وأن يرزقه البطانة الصالحة.

back to top