قطر... خطوات ثابتة وواثقة نحو المستقبل
يصادف يوم 18 ديسمبر من كل عام ذكرى اليوم الوطني لدولة قطر، ذكرى تولي مؤسس الدولة الشيخ جاسم بن محمد بن ثاني مقاليد الحكم في البلاد.
وبتوجيه من صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى، قررت دولة قطر تأجيل الاحتفالات باليوم الوطني للقوات المسلحة ومظاهر الاحتفال لهذا العام تضامناً مع الفلسطينيين في قطاع غزة.
وفي هذا العام، وعلى غير العادة، بدأ صاحب السمو أمير البلاد المفدى خطابه أمام مجلس الشورى، في الرابع والعشرين من أكتوبر الماضي، بالأوضاع في فلسطين، قائلاً: «أشقاؤنا في فلسطين يعيشون ظروفاً عصيبة تفوق التصور، ولا يجوز السكوت عن القصف الهمجي غير المسبوق الذي يتعرض له المدنيون في قطاع غزة، ولا يجوز تجاهل الأعداد المهولة من ضحاياه الأبرياء من الأطفال والنساء».
وشدد سموه على أنه: «لا يجوز أن تُمنح إسرائيل ضوءاً أخضر غير مشروط وإجازةً غير مقيدة بالقتل، ولا يجوز استمرار تجاهل واقع الاحتلال والحصار والاستيطان. ولا يُفترض أن يُسمح في عصرنا باستخدام قطع الماء ومنع الدواء والغذاء أسلحةً ضد شعب بأسره».
ودعا سموه «إلى وقفة جادة إقليمياً ودولياً أمام هذا التصعيد الخطير الذي نشهده والذي يهدد أمن المنطقة والعالم، وإلى وقف هذه الحرب التي تجاوزت كل الحدود».
العدوان الإسرائيلي الغاشم
ومنذ بداية العدوان الإسرائيلي الغاشم على قطاع غزة في السابع من أكتوبر الماضي والحصار الشامل الذي فرضه الاحتلال على القطاع، ظلت دولة قطر تبذل كل جهد ومسعى ممكن لخفض التصعيد وصولاً إلى وقف دائم لإطلاق النار وإطلاق سراح المحتجزين والأسرى، والعمل على تخفيف المعاناة عن المدنيين الفلسطينيين العزل.
ونجحت وساطة دولة قطر المشتركة مع جمهورية مصر العربية الشقيقة، والولايات المتحدة الأميركية الصديقة، في التوصل إلى هدنة إنسانية أفضت إلى الإفراج عن عدد كبير من المحتجزين لدى حركة المقاومة الإسلامية «حماس» وأسرى فلسطينيين لدى إسرائيل، وقد لاقت هذه الجهود، التي لا تزال مستمرة، ترحيباً واسعاً وإشادة من معظم دول العالم.
لقد خطت دولة قطر بقيادة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد، خطوات ثابتة وواثقة نحو المستقبل، وحققت تقدماً ملحوظاً في كافة المجالات، وتبوأت مراكز متقدمة في المؤشرات الدولية والتنافسية العالمية في مختلف المجالات التنموية، وفقاً للتقارير الدولية.
فالإنجازات الكبرى التي حققتها دولة قطر في المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والرياضية والصحية والتعليمية والتشريعية والعدلية وغيرها، تعكس التكاتف والتلاحم بين القيادة الرشيدة والشعب الوفي، وترسم صورة زاهية لمستقبل دولة قطر.
السياسة الخارجية
وفيما يتعلق بالسياسة الخارجية، ظلت دولة قطر تضع تعزيز التعاون الخليجي على رأس أولوياتها، وقد عبّر صاحب السمو أمير البلاد في كلمته أمام القمة الخليجية الـ44 في الدوحة عن أمله في «أن يسهم التواصل والتفاهم بين القادة في تنمية وتعزيز العمل الخليجي المشترك بـما يحقق مصالح دولنا وتطلعات شعوبنا، ويعزز مكانة مجلس التعاون إقليمياً ودولياً، ويسهم في ترسيخ الأمن والاستقرار في المنطقة والعالم».
صنع السلام وحل النزاعات
وفي خطابه أمام مجلس الشورى، قال صاحب السمو أمير قطر: «إننا نسعى، في إطار الموازنة بين مبادئنا ومصالحنا وانتمائنا لبيئتنا الحضارية، إلى أداء دورنا في صنع السلام وحل النزاعات بالطرق السلمية والتشديد على العدالة في العلاقات الدولية. ولقد باتت دولة قطر تعرف اليوم بأنها وسيط موثوق به في صنع السلام والوساطة في فض النزاعات الدولية وتسوية الخلافات عبر القنوات الدبلوماسية»، وقد حققت وساطة دولة قطر نتائج ملموسة في هذا الصدد في مختلف الملفات والقضايا في كل من فلسطين ولبنان وإيران وأفغانستان وأوكرانيا وغيرها.
لقد نظمت دولة قطر خلال عام 2023 الكثير من المؤتمرات والمعارض والفعاليات المحلية والإقليمية والدولية، أبرزها مؤتمر قمة دول مجلس التعاون الـ44 في الدوحة، ومؤتمر الأمم المتحدة الخامس المعني بالبلدان الأقل نمواً، ومنتدى الدوحة 2023، ومعرض «إكسبو الدوحة 2023 للبستنة» في الفترة من 2 أكتوبر 2023 حتى 28 مارس 2024 والذي تشارك فيه دولة الكويت بجناح مميز يشهد إقبالاً كبيراً من الزوار.
علاقات تاريخية مع الكويت
وفي ذكرى اليوم الوطني، أود الإشادة بعمق ومتانة العلاقات التاريخية الأخوية الراسخة التي تربط دولة قطر بدولة الكويت الشقيقة، لأنها تأتي في صدارة اهتماماتنا وبتوجيهات سامية من القيادة السياسية، كما يسرني التأكيد على حرص دولة قطر، أميراً وحكومةً وشعباً، على تقوية وتعزيز هذه العلاقات الوطيدة والمتميزة في كافة المجالات، في ظل القيادتين السياسيتين في كلا البلدين، صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى وأخيه أمير الكويت صاحب السمو الشيخ نواف الأحمد (حفظه الله ورعاه وشفاه)، وسمو ولي العهد الشيخ مشعل الأحمد لما فيه خير ومصلحة الشعبين والبلدين الشقيقين، متمنياً لكلا البلدين مزيداً من التقدم والتطور والازدهار.
كما أتقدم بالشكر لوسائل الإعلام، المقروءة والمرئية والمسموعة، بدولة الكويت الشقيقة على ما تبذله من جهد مقدر في التغطية المتميزة والشاملة لكل ما يجري في بلدهم الثاني دولة قطر وعلى الدور البناء الذي تقوم به في توطيد علاقات التعاون والتعاضد، وتمتين أواصر المحبة والإخاء لمصلحة البلدين والشعبين، متمنيا لهم التوفيق والنجاح في القيام بهذه المهمة.