إخفاء «الأثر المالي» يربك البورصة والمستثمرين

كيف يمكن لشركة أن تبيع أو تشتري أصولاً أو تفوز بمناقصة ولا تعرف العائد من العملية؟!
• هدر مبادئ الشفافية والإفصاح... والإخفاء يثير الشكوك

نشر في 13-12-2023
آخر تحديث 12-12-2023 | 20:00
بورصة الكويت
بورصة الكويت

يقف الكثير من المستثمرين في منطقة الحيرة والضبابية أمام الصفقات الضخمة التي يتم إبرامها أو اتفاقات الاندماج والتحالفات التي تتم بين شركات مدرجة، ويتم إهدار أحد أبسط حقوق المستثمرين، وهو الأثر المالي، من تلك الصفقات، والذي يتم إخفاؤه عمداً تحت ذريعة لا يمكن تحديده في الوقت الراهن.

مصادر استثمارية مراقبة تؤكد أن هذا الإخفاء للمعلومات يُعد جريمة في حق المستثمر الذي يتعامل في ظلام دامس، وفي ضبابية ضارة للقرارات الاستثمارية، حيث يتم تجهيل المستثمرين عمداً أمام أرقام وصفقات ضخمة بمئات الملايين.

والتساؤلات التي تطرح نفسها ببساطة، هي: هل يمكن أن يقرر مجلس إدارة شركة وجهازها التنفيذي الدخول في صفقة بمئات الملايين دون أن يتم حسابها بدقة، وتقدير المخاطر والأرباح الناجمة عنها، وعليه يتم اتخاذ القرار بالمُضي قُدماً في الصفقة؟ فإذا كان ذلك من أبجديات العمل التجاري والمالي، فلماذا يتم إخفاء الأثر المالي عن المستثمرين والسوق عموماً من باب الشفافية والإفصاح؟ أم أن الشركات تغامر بأموال المساهمين دون دراية بعواقب الصفقة وتبعاتها ونتائجها؟ وهو مستبعد.

ثغرة التهرب من ذكر الأثر المالي من العمليات التشغيلية والتعاقدات والصفقات تحتاج إلى معالجة دقيقة، خصوصاً أنها تؤثر على اتجاهات الأسهم، سلباً وإيجاباً، نتيجة الإشاعات والتفسيرات والتأويلات التي تفتح أبوابها الشركات ذاتها بهذا الغموض.

التساؤل الآخر: هل يُعقل أن يتم الدخول في صفقات بمئات الملايين، وتعريض حقوق المساهمين والشركة لمخاطر ضخمة، ومن ثم يتم حساب الأثر المالي لاحقاً أو تقديره بعد إتمام الاتفاق والدخول في الصفقة؟

في أبواب أخرى يتم تجهيل المستثمرين فيها، مثل العقود والمناقصات التي تحصل عليها الشركات المدرجة، وهي تكون مدروسة بنسبة 100 في المئة، والشركة تنافس عند مستوى سعري وعطاء محسوب بدقة، وتحدد في إطاره العائد والأثر المالي وهامش الربح المحقق، فلماذا يتم إخفاء أثر تلك العقود عن المساهمين والمستثمرين عموماً، وأيضاً هي من أبسط حقوق المستثمرين وأبسط معلومات الشفافية والإفصاح التي تحتمها كل قوانين الأسواق المالية؟

لماذا لا يتم الطلب من الشركات التي توقع عقوداً بمئات الملايين، وتخفي الأثر عن المستثمرين، أن تقدم الدراسات والتقييمات التي تمت، ومحاضر النقاش والتوصيات التي أوصت بأن الصفقة مناسبة، والمبررات والأسانيد التي دفعت مجلس الإدارة للمُضي قُدماً في الموافقة على الصفقة؟

من البديهيات أن دخول شركة في أي صفقة أو تعامل مالي ضخم أن تكون مربحة لها، وإلا لماذا يتم التفاخر بهذه الصفقة أو تلك، وبقيمتها المالية؟

التساؤل الأهم، هو: إلى متى ستستمر الشركات في إخفاء المعلومات الجوهرية، والاكتفاء بالخانة الروتينية، التي لا تُسمن ولا تُغني من جوع، بأن الأثر المالي لا يمكن تحديده حالياً؟

ملف إخفاء المعلومات الجوهرية والأرقام الحقيقية يحتاج إلى وقفة في وجه الشركات التي باتت تقلد بعضها بعضاً في ذلك الملف.

إن قيام البورصة بوقف أقرب شركة عن التداول، حتى تقدم البيانات كاملة وواضحة وتعلن للمساهمين وبالأرقام الأثر المالي المتوقع، سيكون نقطة فاصلة في ملف الإفصاح والشفافية، ورسالة لكل الشركات، بأنه لن تكون هناك معلومات منقوصة أو التفاف في الإيضاحات المقدمة للبورصة بخصوص إعلانات العقود وصفقات الاندماج والاستحواذ والتحالف أو عقود المناقصات، التي - وفق مصادر عليمة - تكون واضحة للشركة الفائزة نسبة أرباحها بدقة 100 في المئة، بدليل أن هناك فائزاً وخاسراً لعطاء كل شركة، وفق تقديرها وتقييمها للكلفة وهامش الربح.

back to top