مصر: هدوء في أول أيام «الرئاسية» و«هيئة الانتخابات» تشيد بالإقبال الكثيف
قاضٍ لكل صندوق من التصويت حتى النتيجة وكبار السن والنساء يتصدرون اليوم الأول من «الرئاسية»
وسط هدوء أمني وسياسي، انطلقت، أمس، عملية التصويت في الانتخابات الرئاسية المصرية، بإقبال وصفته الهيئة الوطنية للانتخابات بأنه «كثيف» في يومها الأول تقدمه كبار السن والنساء، فيما يستعد الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي للفوز بولاية ثالثة تنتظرها تحديات داخلية وإقليمية بالغة التعقيد.
وبين حشود لمؤيديه، أدلى السيسي بصوته في مصر الجديدة الراقي، فيما صوّت منافسوه رؤساء أحزاب الوفد عبد السند يمامة بضاحية الدقي، والمصري الديمقراطي فريد زهران في حي المقطم، والشعب الجمهوري حازم عمر بالتجمع الخامس.
ووفقاً للجدول الزمني فإن، عملية التصويت المستمرة حتى يوم غد، تجري تحت إشراف قضائي كامل بمختلف المحافظات في 9367 مركزاً انتخابياً، تضم 11631 لجنة اقتراع فرعية، موزعة على مراكز الشباب والمدارس والوحدات الصحية.
وأعلنت الهيئة الوطنية للانتخابات، في بيان، انتظام سير عملية التصويت، في كل لجان الاقتراع على مستوى أنحاء الجمهورية. وأكدت وجود «إقبال كثيف غير مسبوق» من جمهور الناخبين في مختلف المحافظات، مما دفعها للمسارعة بالدفع بالعديد من القضاة وأعضاء الهيئات القضائية الاحتياطيين إلى عدد من اللجان الفرعية، لتسريع وتيرة عملية التصويت والتخفيف من زحام طوابير الناخبين أمام هذه اللجان.
وأشادت الهيئة «بما أظهره المصريون من وعي عميق بأهمية المشاركة الإيجابية الفاعلة في هذا الاستحقاق الانتخابي المهم، والتمسك بأعمال حقوقهم الدستورية والقانونية».
ويحق لنحو 67 مليون ناخب مصري الإدلاء بأصواتهم في نحو 11 ألفاً و631 لجنة انتخابية داخل 9 آلاف و376 مركزاً انتخابياً في أنحاء مصر، بحسب الهيئة الوطنية للانتخابات.
ويتولى نحو 15 ألف قاض الإشراف على الانتخابات الرئاسية داخل البلاد، من قاض لكل صندوق.
وفي تفاصيل الخبر:
في أجواء غير عادية هيمنت عليها الأزمة الاقتصادية الخانقة والحرب الدائرة على حدودهم الشرقية مع قطاع غزة، بدأ المصريون أمس، التصويت في خامس انتخابات رئاسية تعددية في تاريخ الجمهورية الحديث، في ماراثون من المتوقع أن يضمن من خلاله الرئيس عبدالفتاح السيسي بقاءه في السلطة 6 سنوات أخرى.
وينافس السيسي «69 عاماً» 3 مرشحين هم رئيس حزب الوفد عبدالسند يمامة (71 عاماً)، ورئيس الحزب الديموقراطي الاجتماعي فريد زهران (66 عاماً)، ورئيس حزب الشعب الجمهوري حازم عمر (59 عاماً).
ووفقاً للجدول الزمني المقرر من الهيئة الوطنية للانتخابات، انطلقت عملية التصويت، التي تستمر ثلاثة أيام، في التاسعة صباح أمس بمختلف المحافظات وحتى التاسعة مساء في 9367 مركزاً انتخابياً، تضم 11631 لجنة اقتراع فرعية، موزعة على مراكز الشباب والمدارس والوحدات الصحية.
العاصمة الإدارية الجديدة تشهد أول حدث نوعي وطوابير طويلة أمام لجان الحي الحكومي
وأدلى السيسي، الذي يرى مؤيدوه أنه مهندس عودة الهدوء إلى مصر بعد فوضى عارمة أعقبت ثورة يناير 2011 واستمرت حتى سقوط حكم جماعة الإخوان المسلمين في 2013، بصوته باللجنة المقيد بها بمدرسة الشهيد مصطفى يسرى أبو عميرة في حي مصر الجديدة الراقي، وحرص على تحية الجماهير.
وسيمنح الفوز السيسي ولاية مدتها ست سنوات تتمثل الأولويات العاجلة خلالها في ترويض التضخم شبه القياسي ومعالجة النقص المزمن في العملة الأجنبية ومواجهة تداعيات الصراع بين إسرائيل وحركة حماس في غزة.
وفي حين أدلى يمامة وزهران بصوتيهما، دعا منافسها عمر المصريين إلى المشاركة بقوة في التصويت، قائلاً: «انزلوا.. اختاروا، الشعب هو السيد وإرادتكم لن تتحقق إلا بمشاركتكم».
إشراف قضائي
ويحق لنحو 67 مليون مصري التصويت في الانتخابات، التي تجرى تحت إشراف 15 ألف قاض، وتتابعها 14 منظمة دولية و62 محلية، وتغطيها 115 وسيلة إعلامية أجنبية و70 محلية.
وأوفد عدد من المنظمات الإقليمية مبعوثين لمتابعة الانتخابات، أهمها الجامعة العربية، والبرلمان العربي، والاتحاد الإفريقي، والجمعية البرلمانية لاتحاد المتوسط.
ومع بدء التصويت، تصدر كبار السن والنساء المشهد في القاهرة، وتجمعت حشود صغيرة في مراكز الاقتراع، التي انتشرت خارجها صور السيسي، وتواجدت قوات مكافحة الشغب بكثافة على مداخل ميدان التحرير وسط العاصمة.
وفي أول حدث من نوعه بعد نقل الوزارات والعاملين فيها إليها، تم تخصيص 3 لجان فرعية بالعاصمة الإدارية الجديدة، في مقر الجهاز التنفيذي والحي الحكومي ومقر بنك فيصل.
وفي الحي الحكومي، الذى يشمل 10 مجمعات تضم 34 وزارة بالإضافة إلى رئاستي الحكومة والبرلمان، احتشد الناخبون في طوابير طويلة مع فتح اللجان أمامهم للإدلاء بأصواتهم في ظل تواجد أمني كثيف لتأمين العملية الانتخابية.
ولاحقاً، أعلنت هيئة الانتخابات عن انتظام سير عملية التصويت في كل لجان الاقتراع على مستوى جميع محافظات الجمهورية، مؤكدة أنها دفعت بعدد من القضاة الاحتياطيين لتسريع التصويت بسبب الزحام.
وإذ شكرت جموع المشاركين بحقهم الانتخابي نعت الهيئة مصرية ومصرياً وافتهما المنية أثناء وجودهما للإدلاء بصوتيهما في مدينة نصر بالقاهرة ومدينة نبروه في محافظة الدقهلية.
التصويت واللجان
وفي وقت سابق، أكد رئيس هيئة الانتخابات حازم بدوي تجهيز اللجان الفرعية وكل اللوجستيات ومعاينتها، والعمل على تيسير تمكين كبار السن وذوي الهمم والمكفوفين من التصويت بمراكز ولجان مجهزة، مبيناً أن الهيئة استجابت لكل طلبات تغيير مقار اللجان، وسيكون التصويت ببطاقة الرقم القومي ولو كانت منتهية أو جواز سفر سارٍ.
ولفت إلى أن الانتخابات ستجري في ظل ضمانات عديدة لتأمين نزاهتها وشفافيتها، وأولها الإشراف القضائي الكامل وفقاً لمبدأ قاض لكل صندوق منذ بدء التصويت، وطوال الأيام الثلاثة، مروراً بفرز الأصوات وحتى إعلان النتيجة الرسمية النهائية.
ويتولى نحو 15 ألف قاض هذه المسؤولية ويعاونهم في الإشراف على العملية الانتخابية، نحو 60 ألف موظف باللجان الفرعية والعامة ولجان الحفظ والمتابعة.
الأمن والتحول
من جهته، أكد وزير الداخلية محمود توفيق، أن كل مديريات الأمن استعدت للعملية الانتخابية، وتأمين المحاور الرئيسية المحيطة بالمقرات بتشكيلات ومجموعات سريعة الحركة والانتشار، بالإضافة إلى تكثيف الدوريات الأمنية للطرق والمحاور، وتفعيل نقاط التفتيش الثابتة والمتحركة.
وكلف الوزير القيادات الأمنية بتشكيل غرف عمليات فرعية، والتواصل على مدار اليوم مع غرفة العمليات الرئيسيةـ لمتابعة تنفيذ خطط توفير الأمن لمراكز الاقتراع واللجان الانتخابية.
بدوره، قال رئيس هيئة الاستعلامات ضياء رشوان، إن الانتخابات خطوة رئيسية في مسار التحول الديموقراطي والتعددية الحزبية والتنافسية، بعد حوار وطني جاد وغير مسبوق شمل كل مكونات المجتمع.
وأعلنت وزارة الصحة خطة للتأمين الطبي من خلال غرفة تحكم، ورفع درجة الاستعداد والجاهزية خلال أيام الاقتراع، مما يتطلب الاحتياط والتخطيط والاستعداد لأي أمور طارئة.
واعتبر النائب السابق أحمد الطنطاوي، الذي فشل في الحصول على التوكيلات الشعبية الكافية للترشح للانتخابات الرئاسية، أن النتائج «محسومة»، وعملية الاقتراع «إجراءات لإعادة تنصيب الرئيس السيسي، لدورة ثالثة».
واتهم الطنطاوي السلطة باستبعاده لأنه «مرشح جاد قادر على الفوز»، ما جعل الانتخابات «انتهت عملياً»، ولذلك يتعامل معها المواطنون على أنها «مجرد تحصيل حاصل».
العدوان والاقتصاد
وبعد تعبئة شعبية كبيرة، انطفأت اندفاعة المصريين على هذه الانتخابات بسبب إلقاء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة والمجاور المتواصلة فيه، بظلاله على الحملة الانتخابية التي أجريت في نوفمبر الماضي.
كما تتصدر المشاكل الاقتصادية الاهتمامات في بلد يواجه أكبر أزمة اقتصادية في تاريخه، مع معدل تضخم يلامس 40% وعملة محلية فقدت 50 بالمئة من قيمتها، ما أدى الى انفلات الأسعار، بالإضافة إلى الفقر المنتشر حيث يعيش 60 بالمئة من سكان مصر الذين يناهز عددهم 106 ملايين نسمة، حول خط الفقر.
وجرت أول انتخابات رئاسية تعددية في عام 2005، وأسفرت عن فوز الرئيس الراحل حسني مبارك، والثانية في 2012 وأسفرت عن فوز الرئيس الراحل محمد مرسي، والثالثة والرابعة في 2014 و2018 وفاز فيهما الرئيس السيسي.
وكانت الانتخابات الرئاسية في الخارج انطلقت في الأول ديسمبر الجاري واستمرت لمدة ثلاثة أيام في نحو 137 سفارة وقنصلية في 121 دولة حول العالم.
ووفقا للمادة (38) من قانون الانتخابات، تعلن لجنة الانتخابات الرئاسية دون غيرها النتيجة العامة خلال الخمسة أيام التالية لوصول جميع محاضر اللجان العامة إليها وتنشر النتيجة في الجريدة الرسمية.
وبحسب المادة (39)، يعلن انتخاب رئيس الجمهورية بحصول المرشح على الأغلبية المطلقة لعدد الأصوات الصحيحة فإذا لم يحصل أي من المرشحين على هذه الأغلبية أعيد الانتخاب بعد سبعة أيام على الأقل بين المرشحين اللذين حصلا على أكبر عدد من الأصوات.