داحي سمراء: لن ينجح أديب لا يتمثّل في روح طفل

كاتبة جزائرية خصصت قلمها للكتابة عن فلسطين

نشر في 06-12-2023
آخر تحديث 05-12-2023 | 20:28
داحي سمراء
داحي سمراء
قالت الأديبة الجزائرية داحي سمراء إنه لا معنى لإبداعها لو لم يكن في خدمة دين وقضية ووطن، في وقت أكدت أن الكاتب لن ينجح ما لم يتمثّل في روح طفل أثناء الكتابة.

من فرط عشقها للأرض العربية المحتلة، اختارت الأديبة الجزائرية داحي سمراء، الكتابةَ تحت اسم استعاري هو «فلسطين»، ليقترن اسمها بالعزّة والكرامة والصمود، ولم تكتفِ بذلك، بل قررت أن يقتصر إبداعها حول فلسطين فقط... وفيما يلي نَصّ الحوار الذي أجرته معها «الجريدة» من القاهرة.

• لماذا اخترت فلسطين اسمًا استعاريًا توقّعين به كل إبداعاتكِ؟

- في الحقيقة أنا لم أختر اسم «فلسطين» لكوني لا أرى ذاتي أرقى لأكون بطهر بلد أوله شهيد وآخره شهيد، لكنّ الاسم مَن اختارني منذ الصغر، نظرًا لارتدائي الكوفية الفلسطينية حول عنقي أينما حللت، بالتالي أُطلِق عليّ في بادئ الأمر اسم «الفلسطينية»، وانتشر في وسطي القريب مع كل الحملات التطوعية التي كنا نقوم بها مع كل قصف تتعرّض له المنصورة، بحول الله، غزة، وتجلّى أكثر مع تخصصي في تطويع المعارف التاريخية إلى دورات تدريب تعليمية لحشد الشباب حول رفع الراية مع كل الأحداث المفصلية التي شهدها وطننا الجريح من تهويد إلى تطبيع، لكن على الرغم من ذلك، لم أرفق هذا الاسم في عملي الأدبي الأول لقناعتي الشخصية أنها الباقية وكلنا زائلون، وأنها الحقيقة ونحن العدم، لكنني سرعان ما أرفقته بأعمالي الثلاثة الأخيرة تلبية لطلب من والدي، أنار الله دربه.

• وجهتِ قلمكِ للكتابة عن فلسطين فقط، ألا يُعدّ قرارًا صعبًا على المبدع الذي يحصر إبداعه في نطاق وحيّز واحد؟

- قد يكون قرارًا صعبًا لمبدع، لكنّه قرارٌ مقدّس بالنسبة إلى قلم يحمل رسالة، ومقاوم يحمل راية، وعربي يحمل جرح أمة، ومسلم عيونه على القدس، فلا معنى لإبداعي لو لم يكن في خدمة دين وعِرْض، هو نذر أطلقته منذ الثانية عشرة من عمري ألّا اكتب إلا عن فلسطين حتى تُحرّر، فإن لم أكن ضمن قوافل الشهداء، سيشهد الله أني حاولت بما وهبني من نعمة، وبفضل الله وُفِقتُ في عملي الأول (رواية «كي لا ننسى أبعد من الاحتلال») في سرد كل تفاصيل خيوط المؤامرة من وعد ترامب حتى تحويل القدس عاصمة للكيان الصهيوني ضمن قالب أدبي تاريخي بامتياز، وقد لقي تشجيعًا جعلني أطلق سلسلة قصصية للأطفال ضد حملات التطبيع والتهويد لأعرِّف صغارنا بحقيقة القضية الفلسطينية... وعهدًا عليّ ألّا أكون سوى صوتها المجروح حتى تنطق نصرها.


غلاف «نفق الأبطال» - غلاف «قدس البطلة» -  غلاف «غربة» غلاف «نفق الأبطال» - غلاف «قدس البطلة» - غلاف «غربة»

• لكِ أيضًا نشاط أدبي داعم للقضية الفلسطينية... حدثينا عن أبرز الفعاليات التي قمت بتنظيمها في الجزائر بهذا الإطار وكيف كانت أصداؤها.

- بداياتي كانت مع تفطّني لقدرتنا على تحويل مفاتيح القضية الفلسطينية وتطويعها ضمن أنشطة علمية وأدبية.. كانت لي ورش تدريب عديدة بخصوص التوعية بالتاريخ الحقيقي للقضية لفئة الشباب، وكذا تصحيح أسماء المناطق المهوّدة وتحفيظ الخريطة الصحيحة للأطفال ضمن نشاط «قُلها بالفلسطيني»، ثم نشاط «احكي يا فلسطين»، الذي حمل معاناة الشعب الفلسطيني كما هي، لكن ضمن قالب طفولي، وآخرها نشاط «أنا الحكاية»، وهو دورة في الكتابة الإبداعية للكبار، وتم اختيار الفائزين وجمعهم ضمن مجموعة قصصية تحت عنوان «فوانيس العودة»، التي تكفلتُ بإخراجها وطباعتها في دار نشر جزائرية. والحمد لله، فقد كان لكل أنشطتي أصداء طيبة، حيث جرى تعميمها في العديد من الولايات الجزائرية.

• يتنوع إبداعُكِ بين الرواية والسيناريو والمسرح... إلى أي مدى أفادك هذا التنوع في إثراء تجربتك الإبداعية؟

- إنّ تنوع ممارساتي في الكتابة الإبداعية جاء كحتميةٍ فرضها عليّ تعقيد القضية ذاتها وتنوّع جمهورها، إذ اعتمدت على المسرح الصامت وكتابة السيناريو المترجَم لتوصيل الفكرة إلى شريحة الصُمّ والبكم وغير الناطقين بالعربية، والرواية للكبار، والقصة المصوَّرة للصغار. وبطبيعة الحال استطعتُ أن أكسب شريحة أكبر من الناس، وتعلّمت توصيل الرسالة لكلٍ على طريقته، وباتت إبداعاتي تتسم بالمرونة، إذ أستطيع صب المعلومة ذاتها في القالب الذي أريد ويكون لها نفس الصدى.

• في ضوء ما قدّمتِه في أدب الطفل، برأيك، ما أهم المواصفات التي يجب أن يتمتع بها مَن يكتب للصغار؟

- من سلسلتي القصصية «احكي يا فلسطين»، وهي 9 قصص، كل واحدة منها تعالج جانبًا معينًا، أستطيع أن أقول إن الكاتب الذي لا يتمثل في روح طفل صغير أثناء الكتابة لن ينجح، إذ يجب أن تكون هو حتى تفهمه، وعليك الاهتمام بما يبني شخصية الطفل كقائد من حيث المعارف التي يجب أن يتلقاها في حشده ضمن صفوف فاتحي الغد من جهة، وما يؤثر في شخصيته سلبًا كالمشاهد الدموية وما إلى ذلك من مظاهر العنف التي يجب أن تصل لكن بأسلوب خفيف، وبطبيعة الحال أتحدثُ عنّي ككاتبة ضمن قضية حسّاسة يجب أن يحملها الطفل العربي المسلم كبوصلة نحو إحياء أمجاد دولة عربية إسلامية.

• أخيرًا، ما الذي تنشغلين بكتابته راهنًا؟

- حاليَا لي عملان سأُعلن عنهما قريبًا، ولم يصلا إلى أيدي القرّاء بعد، وهما كتاب «غربة»، ومجموعة قصصية مكوّنة من 9 قصص، وكل واحدة منها تعالج جانبًا مهمًا كالأسماء الحقيقية للمدن على الخريطة، وسِير بعض أبطال الثورة وبعض الدروس في الوحدة العربية بعنوان «احكي يا فلسطين». ولي كتاب بقيت فيه بعض اللمسات الأخيرة، وهو رواية «حنين إلى فلسطين»، كما سأخوض تجربة ترجمة عملي الأول، رواية «كي لا ننسى»، إلى اللغة الإنكليزية.

back to top