قمة الدوحة: عواقب وخيمة لتوسُّع حرب غزة

بيانها الختامي دعا إلى حماية المدنيين الفلسطينيين العُزَّل من العقاب الجماعي الإسرائيلي
• تميم: ضرورة إجبار تل أبيب على التفاوض بشأن «الدولتين»
• أردوغان: نتنياهو يخاطر بمستقبل المنطقة
• «حقل الدرة للكويت والسعودية وعلى العراق احترام اتفاقية خور عبدالله واستكمال ترسيم الحدود»
• «الحفاظ على أمن الممرات المائية... وبسط حكومة لبنان سيطرتها على جميع أراضي بلادها»

نشر في 06-12-2023
آخر تحديث 05-12-2023 | 20:28

عقد قادة دول مجلس التعاون الخليجي، أمس، قمتهم الدورية الـ 44، في الدوحة، برئاسة أمير قطر الشيخ تميم بن حمد، وحضور ممثل سمو أمير البلاد الشيخ نواف الأحمد؛ وزير الخارجية الشيخ سالم الصباح، والعاهل البحريني الملك حمد بن عيسى، الذي يزور الدوحة لأول مرة منذ الأزمة الخليجية عام 2017، إضافة إلى رئيس دولة الإمارات الشيخ محمد بن زايد، وولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، ونائب رئيس الوزراء لشؤون مجلس الوزراء العماني فهد بن سعيد، نيابة عن سلطان عمان هيثم بن طارق، بمشاركة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ضيفَ شرف.

البيان الختامي

وفي البيان الختامي للقمة، حذّر قادة مجلس التعاون، من مخاطر توسّع الصراع في غزة إلى مناطق أخرى بالشرق الأوسط، وأكدوا موقفهم الثابت تجاه القضية الفلسطينية بإنهاء الاحتلال وحلّ الدولتين.

ودان قادة المجلس العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، وأكدوا وقوفهم إلى جانب الشعب الفلسطيني خلال التطورات الراهنة، مطالبين بالوقف الفوري لإطلاق النار وضمان توفير المساعدات الإنسانية والإغاثية والاحتياجات الأساسية، واستئناف عمل خطوط الكهرباء والمياه، والسماح بدخول الوقود والغذاء والدواء لسكان غزة، ودعوة المنظمات الدولية إلى المشاركة في هذه العملية.

وطالب البيان الختامي للقمة الخليجية الـ 44، التي شارك فيها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان كضيف شرف، بإنهاء الحصار الإسرائيلي غير القانوني لغزة، واستخدام تجويع المدنيين أسلوبا من أساليب القتال، وهو المحظور بموجب القانون الإنساني.

ووجّه المجلس بسرعة تنفيذ مخرجات القمة العربية والإسلامية بالسعودية في الرياض، وقرار الأمم المتحدة بشأن هدنة إنسانية فورية لوقف الأعمال العدائية، وحماية المدنيين، وفتح الممرات الإنسانية.

وأكد ضرورة الالتزام بتنفيذ قرار مجلس الأمن رقم 2712 بتاريخ 15 نوفمبر 2023، بما في ذلك إقامة هُدن وممرات إنسانية عاجلة ممتدة في جميع أنحاء قطاع غزة، ودعا كل الأطراف إلى الالتزام بتطبيق القرار، وطالب الأمين العام للأمم المتحدة بوضع الآليات الملائمة لمراقبة تنفيذ بنوده، والعمل على الوقف الفوري للعدوان الإسرائيلي على غزة لاحتواء الحرب ومنع امتدادها إلى الدول المجاورة.

ورفض المجلس أي مبررات وذرائع لوصف العدوان على غزة بأنه دفاع عن النفس، وطالب المجتمع الدولي باتخاذ الإجراءات اللازمة للردّ على الممارسات الإسرائيلية وسياسة العقاب الجماعي لسكان غزة العُزّل، ودعم ثبات الشعب الفلسطيني على أرضه، ورفض إجراءات تشريد السكان أو تهجيرهم.

ودعا المجلس إلى توفير الحماية الدولية للشعب الفلسطيني الشقيق، وحمّل اسرائيل المسؤولية القانونية عن اعتداءاتها المستمرة التي طالت المدنيين الأبرياء، وأسفرت عن قتل آلاف المدنيين في قطاع غزة، معظمهم من النساء والأطفال، في انتهاك صريح للقانون الدولي والقانون الإنساني.

وطالب القادة مجلس الأمن بإصدار قرار باستكمال الاعتراف الدولي بدولة فلسطين المستقلة، وأن تنال العضوية الكاملة في هيئة الأمم المتحدة.

حقل الدرّة

من جهة ثانية، أكد قادة المجلس أن حقل الدرّة يقع بأكمله في المناطق البحرية للكويت، وأن ملكية الثروات الطبيعية في المنطقة المغمورة المحاذية للمنطقة المقسومة السعودية - الكويتية، بما فيها حقل الدرّة بكامله، هي ملكية مشتركة بين المملكة العربية السعودية ودولة الكويت فقط، ولهما وحدهما كامل الحقوق لاستغلال الثروات الطبيعية في تلك المنطقة، وفقاً لأحكام القانون الدولي، واستناداً الى الاتفاقيات المبرمة والنافذة بينهما.

وشدد المجلس على رفضه القاطع لأي ادعاءات بوجود حقوق لأي طرف آخر في هذا الحقل أو المنطقة المغمورة المحاذية للمنطقة المقسومة بحدودها المعيّنة بين السعودية والكويت.

كما شدد على أهمية احترام العراق لسيادة الكويت ووحدة أراضيها، والالتزام بالتعهدات والاتفاقيات الثنائية والدولية وكل قرارات الأمم المتحدة، خاصة قرار مجلس الأمن رقم 833 لعام 1993 بشأن ترسيم الحدود البرية والبحرية.

ودعا العراق إلى العمل الجاد لاستكمال ترسيم الحدود البحرية لما بعد العلامة 162، وإلى الالتزام باتفاقية تنظيم الملاحة البحرية في خور عبدالله، الموقّعة مع الكويت بتاريخ 29 أبريل 2012، والتي دخلت حيّز النفاذ في 5 ديسمبر 2013 بعد مصادقتها من البرلمانين الكويتي والعراقي، وتم إيداعها بشكل مشترك لدى الأمم المتحدة بتاريخ 18 ديسمبر 2013.

كما رفض المجلس حكم المحكمة الاتحادية العليا في العراق بهذا الشأن، وعبّر عن رفضه للمغالطات التاريخية الواردة في الحكم، واعتبار أي قرارات أو ممارسات أو أعمال أحادية الجانب يقوم بها العراق، المتعلقة باتفاقية خور عبدالله، باطلة ولاغية، إضافة إلى رفضه الإجراء العراقي الأحادي الجانب بإلغاء العمل ببروتوكول المبادلة الأمني الموقّع عام 2008 وخريطته المعتمدة في الخطة المشتركة لضمان سلامة الملاحة في خور عبدالله الموقّعة بين الجانبين بتاريخ 28 ديسمبر 2014، اللتين تضمّنتا آلية واضحة ومحددة للتعديل والإلغاء.

وجدد المجلس دعمه لقرار مجلس الأمن رقم 2107/2013 الذي كلّف الممثل الخاص للأمين العام ورئيس بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق (UNAMI) بتعزيز ودعم وتسهيل الجهود المتعلقة بالبحث عن المفقودين الكويتيين ورعايا الدول الثالثة وتحديد مصيرهم أو إعادة رفاتهم ضمن إطار اللجنة الثلاثية واللجنة الفنية الفرعية المنبثقة عنها برعاية اللجنة الدولية للصليب الأحمر، وإعادة الممتلكات الكويتية، بما في ذلك الأرشيف الوطني، وأهمية استمرار متابعة مجلس الأمن للملف المتعلق بقضية المفقودين الكويتيين ورعايا الدول الثالثة الإنسانية، من خلال إعداد تقارير دورية يقدّمها الأمين العام للأمم المتحدة حول آخر مستجدات هذا الملف الإنساني القائم والجهود التي تقوم بها بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق (UNAMI) في هذا الشأن، عملاً بالفقرة الرابعة من قرار مجلس الأمن 2017/2013، ودعوة العراق والأمم المتحدة لبذل أقصى الجهود للوصول الى حل نهائي لجميع هذه القضايا والملفات غير المنتهية.

واذ أكد مواقفه الثابتة وقراراته السابقة بشأن إدانة استمرار احتلال إيران للجزر الإماراتية، شدد المجلس على ضرورة التزام إيران بمبادئ حُسن الجوار، واحترام سيادة الدول، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية، وحلّ الخلافات بالطرق السلمية، وعدم استخدام القوة أو التهديد بها، ونبذ الطائفية.

ورحّب المجلس بتطور العلاقات السعودية - الإيرانية، وأعرب عن ضرورة مشاركة دول المجلس في كل المفاوضات والمباحثات والاجتماعات الإقليمية والدولية بشأن الملف النووي الإيراني، وكذلك المتعلقة بالصواريخ الباليستية والكروز والطائرات المسيّرة، وسلامة الملاحة الدولية والمنشآت النفطية.

وأكد أهمية التزام إيران بعدم تجاوز نسب تخصيب اليورانيوم التي تتطلبها الاستخدامات السلمية، وضرورة الوفاء بالتزاماتها والتعاون الكامل مع الوكالة الدولية للطاقة الذرّية.

وشدّد على أهمية الحفاظ على الأمن البحري والممرات المائية في المنطقة، والتصدي للأنشطة التي تهدد أمن واستقرار المنطقة والعالم، بما في ذلك استهداف السفن التجارية وتهديد خطوط الملاحة البحرية والتجارة الدولية، والمنشآت النفطية في دول المجلس.

لبنان العراق وسورية

وأكد البيان أهمية تنفيذ إصلاحات سياسية واقتصادية هيكلية شاملة تضمن تغلب لبنان على أزمته السياسية والاقتصادية، وعدم تحوله إلى نقطة انطلاق للإرهابيين أو تهريب المخدرات أو الأنشطة الإجرامية الأخرى التي تهدد أمن واستقرار المنطقة، مشدداً على أهمية بسط سيطرة الحكومة على جميع الأراضي اللبنانية، بما في ذلك تنفيذ أحكام قرارات مجلس الأمن ذات الصلة واتفاق الطائف، من أجل أن تمارس سيادتها الكاملة فلا يكون هناك أسلحة إلا بموافقة الحكومة اللبنانية، ولا تكون هناك سلطة سوى سلطتها.

ورحب البيان بالاجتماع الثاني للمجموعة الخماسية بشأن لبنان الذي حث على التعجيل في إجراء الانتخابات الرئاسية وتنفيذ الإصلاحات.

وأكد المجلس مواقفه وقراراته الثابتة تجاه العراق، ودعم الجهود القائمة لمكافحة الإرهاب وتحقيق الأمن والاستقرار فيه، مشدداً على أهمية الحفاظ على سلامة ووحدة أراضيه، وإدانة كل العمليات الإرهابية التي يتعرّض لها وتستهدف المدنيين وقوات الأمن وجميع الاعتداءات الخارجية.

كما شدد على مواقفه الثابتة تجاه الحفاظ على وحدة أراضي سورية، واحترام استقلالها وسيادتها، ورفض التدخلات الإقليمية في شؤونها الداخلية، ودعم جهود الأمم المتحدة للتوصل إلى حل سياسي ينسجم مع قرار مجلس الأمن رقم 2254، ودعم جهود رعاية اللاجئين والنازحين السوريين، والعمل على عودتهم الطوعية والآمنة، وفقاً للمعايير الدولية، ورفض أي محاولات لإحداث تغييرات ديموغرافية في سورية، والتطلع إلى استئناف عمل اللجنة الدستورية في سورية.

وعبّر البيان عن مساندة السودان في مواجهة تطورات وتداعيات الأزمة الحالية، وضرورة التهدئة وتغليب لغة الحوار وتوحيد الصف، والحفاظ على تماسك مؤسسات الدولة الوطنية، ومنع انهيارها، والحيلولة دون أي تدخّل خارجي في الشأن السوداني يؤجج الصراع ويهدد السلم والأمن الإقليميين. ورحب باستئناف المحادثات بين ممثلي القوات المسلحة السودانية وممثلي قوات الدعم السريع، في مدينة جدة السعودية، للتوصل إلى وقف دائم للأعمال العدائية وتسهيل إيصال المساعدات الإنسانية.

أمير قطر وإردوغان

وفي افتتاح القمة الخليجية الـ 44، شدد أمير قطر الشيخ تميم بن حمد على أن قضية غزة ليست منفصلة، بل تتطلب إنهاء الاحتلال بكل الأراضي الفلسطينية، مشيراً إلى ضرورة إجبار إسرائيل على العودة إلى مفاوضات ذات مصداقية لحل الدولتين بلا سقف زمني.

وقال: «من العار على المجتمع الدولي أن يتيح لهذه الجريمة النكراء أن تستمر شهرين من القتل الممنهج والمقصود للمدنيين، بما في ذلك النساء والأطفال».

وأكد أن الصراع في فلسطين ليس صراعاً دينياً، ولا حرباً على الإرهاب، بل هو قضية شعب يرزح تحت الاحتلال، وزمن الاستعمار قد ولّى، والأمن غير ممكن من دون السلام الدائم، وهما لا يتحققان من دون حلّ عادل للقضية الفلسطينية.

وأضاف: «نحن نعمل باستمرار على تجديد الهدنة، وعلى التخفيف عن أهلنا في القطاع، ولكن الهدن ليست بديلا عن الوقف الشامل لوقف إطلاق النار».

بدوره، قال إردوغان، خلال مشاركته كضيف شرف في القمة، إن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، يخاطر بمستقبل المنطقة بأسرها من أجل حساباته السياسية.

من جهة أخرى، لفت أردوغان إلى أن «علاقاتنا مع الدول الخليجية تشهد تطوّرا يوما بعد يوم»، داعياً إلى تعزيزها.

back to top