ما حقيقة المطالبة بإلغاء «جهاز معالجة أوضاع المقيمين بصورة غير قانونية»؟

نشر في 18-11-2022
آخر تحديث 17-11-2022 | 19:43
 يوسف عبدالكريم الزنكوي هل يعقل أن شخصاً يحمل صفة «بدون» أو صفة «مقيم بصورة غير قانونية» أو صفة «نازح من دول مجاورة»، ولديه أوراق ثبوتية تثبت بما لا يدع مجالاً للشك أنه لا يحمل أي جنسية لدولة أخرى أو جواز سفرها، ومعه إثباتات أنه ولد في الكويت وكان موجوداً فيها قبل سنة 1965، وأنه درس في مدارسها منذ المرحلة الابتدائية حتى الجامعة، هل يعقل أن يطالب هذا الشخص بإلغاء الجهاز المركزي لمعالجة أوضاع المقيمين بصورة غير قانونية، وهي الجهة الرسمية الوحيدة التي بذلت جهوداً مضنية لجمع ملايين الوثائق من معلومات وبيانات وإحصاءات تتعلق بتحديد هوية الكويتيين الذين ظلموا دون وجه حق، ولم ينالوا شرف منحهم هذه الهوية الوطنية، لتأكيد انتمائهم لهذه الأرض، من أجل تمييزهم عن الذين أخفوا عمداً كل الهويات الدالة على أصولهم؟

أليست المطالبة السافرة بإلغاء هذا الجهاز الوطني هي في حد ذاتها محاولة يائسة من الدخلاء لطمس كل الأدلة الدالة على جرائم تشويه الهوية الكويتية وتمزيق إرثها وتاريخها والعبث بأمنها القومي؟ السؤال الأهم: لماذا لا يحاسبون الدولة التي لم تنظر بجدية في قضيتهم الإنسانية منذ أكثر من خمسين سنة، بدلاً من محاسبة الجهاز المركزي لمعالجة أوضاع المقيمين بصورة غير قانونية، وهي الجهة التي لها من العمر عشر سنوات فقط، استطاعت خلالها الكشف عن ملايين الوثائق والأدلة على أصول غالبية المنتمين لهذه الفئة؟



إن أول أهداف الجهاز المركزي لمعالجة أوضاع المقيمين بصورة غير قانونية تنص على «توفير وسائل الحياة الكريمة لهذه الفئة»، التي تطلق على نفسها صفة (كويتيين بدون)، من أجل استمرار تقديم الخدمات الأساسية لهم كالعلاج، والتعليم، وغيرها، وذلك تأكيدا للالتزام بمبادئ ومعايير المحافظة على حقوق الإنسان، وإذا كان هناك من يؤكد على اعتبارات المصلحة العليا للبلاد وإعطاء أهمية لمعيار (الولاء، والتضحية، وحاجة البلاد) ومراعاة أبناء الشهداء والأسرى، ومراعاة بعض المهن كالعسكريين، وأصحاب التخصصات المطلوبة، و«إعطاء أهمية لمعيار (القرابة) مع المواطنين الكويتيين، من حيث علاقات النسب والتزاوج معهم»، فكيف يطالب أي (كويتي بدون) وصاحب حق في الانتماء إلى الكويت بإلغاء مثل هذا الجهاز الذي يعمل على تثبيت أركان هذا الانتماء؟

من لديه حقوق يرغب بجدية في نيلها من السلطة التي خولت هذا «الجهاز المركزي» العمل على تحقيق هذا المطلب، لا يمكن أن يطالب بإلغاء هذا الكيان القانوني، إلا إذا كان هذا (الكويتي البدون) بالفعل مقيماً بصورة غير قانونية، ويريد أن يخفي الأدلة الموجودة بحوزة هذا الجهاز والتي تدينه، فيطالب بإلغائه، أو أنه شعر أن ظلماً بيناً وقع عليه من هذا الجهاز ومن رئيسه، وفشل الجهاز في منحه حقوقه، وفي هذه الحالة نتساءل: ألا يستطيع هذا (الكويتي البدون) المظلوم أن يرفع دعوى قضائية ضد الجهاز المركزي لمعالجة أوضاع المقيمين بصورة غير قانونية لاسترداد حقوقه المسلوبة؟

إذا لم يكن من بين ما ذكر أعلاه ما يفيد بالأسباب الحقيقية وراء المطالبة المحمومة والتي ظهرت على سطح الساحة السياسية فجأة ودون سابق إنذار بإلغاء هذا الجهاز الحيوي الذي يدعمه الحريصون على الحفاظ على الهوية الكويتية، فما تلك الأسباب التي تكمن وراء هذه المطالبة الغريبة التي برزت عند لحظة الانتهاء من الانتخابات البرلمانية الأخيرة؟

back to top