ما بين «مخلص» وذي «مخ لص»

نشر في 18-11-2022
آخر تحديث 17-11-2022 | 19:42
 د. هشام كلندر مشاريع في مختلف المجالات تنفذ في كثير من الدول، نرى هناك تفاوت بين القيمة الفعلية لهذه المشاريع من دولة إلى أخرى، وذلك بسبب عدة عوامل ليس هناك مجال لطرحها وحصرها في هذا المقال، لكن أحببت أن أسلط على عامل واحد، وهذا العامل يؤدي دورا مهما ويؤثر في القيمة الكلية لهذه المشاريع، وهم القائمون على هذه المشاريع، من بداية اعتمادها مرورا بعملية الطرح والترسية والتنفيذ والمتابعة والمراقبة، وانتهاء باكتمال المشروع، هل كل هؤلاء نستطيع أن نضعهم في خانة «المخلص» أو ذي «مخ لص»؟

إذا تغلغل الفساد على كثير من المستويات في هذه المشاريع وانتشر الأشخاص ذوو «مخ لص»، وقل «المخلص» في عمله، تزيد الكلفة وتتدنى الجودة، وتتعطل المشاريع وتظهر العيوب والأوامر التغييرية، ويقل العمر الافتراضي للناتج من المشروع، ويعاني المستفيدون من هذا المشروع، وكل ذلك بسب شخص ذي «مخ لص»، وعدم وجود «المخلص».

ما علاج ذلك؟

العلاج بسيط ولا يحتاج إلى كيمياء معقدة، وهو إبعاد ومحاسبة ذي «مخ لص»، وتمكين «المخلص»، وأن تكون المحاسبة فعلية وعلنية ورادعة لمن تسول له نفسه الضعيفة أن يكون ذا «مخ لص»، فالخطورة تكمن إذا كان ذو «مخ لص» مدعوما بالقوانين التي ظاهرها المحافظة على المال العام وباطنها الاحتكار وتوفير الأرضية الخصبة لأشخاص ذوي «مخ لص»، لإبرام الصفقات، وإبعاد المصلحين عن هذه الساحات، فتزيد التكلفة على المشروعات.

المشكلة الكبرى تكمن في هذا الجو من الفساد وانتشار ذوي «مخ لص»، فتكون هناك علاقة عكسية بين الكلفة والجودة لا العكس، فكلما زادت الكلفة قلت الجودة وزادت المعاناة في المصاريف التشغيلية والصيانة وغيرها، بل تكون هذه المشاريع مدخلا للهدر والتنفيع.

للأسف أستطيع القول إن الكلفة في بلدي العزيز تزيد والجودة تقل، رغم وجود مجلس الأمة، وديوان المحاسبة، والجهاز المركزي للمناقصات العامة، والهيئة العامة لمكافحة الفساد، ونزاهة، وجهاز متابعة الأداء الحكومي، والقائمة تطول!

في الختام أوجه رسالة إلى كل ذي «مخ لص» وأقول له: لن تدوم السلطة لأحد ولا المال والجاه ولا المنصب، فاعتبر من هذه الأبيات:



ولدتك أمك يابن آدم باكيًا

والناس حولك يضحكون سروراً

فاعمل لنفسك أن تكون إذا بكوا

في يوم موتك ضاحكًا مسروراً

لا دار للـمرء بعــد المـوت يسكنـها

إلا التي كان قبل المـوت بانيـــها

فإن بنـاها بخـير طـاب مسـكـنه

وإن بنـاهـا بشــــر خـــاب بانيـــــها

back to top