«حماس» وإسرائيل توافقان على تمديد الهدنة واليد على الزناد

ضغط دولي لاستمرار وقف العمليات العسكرية ونتنياهو يفضل «تبادلاً» يوماً بيوم والفلسطينيون يريدون 4 أيام

نشر في 27-11-2023
آخر تحديث 27-11-2023 | 20:03
أبدت «حماس» وإسرائيل انفتاحاً على تمديد الهدنة التي سرت صباح الجمعة، ويفترض أن تنتهي فجر اليوم، مع وضع كل منهما شروطاً مختلفة وبروز تعقيدات بشأن تبادل المحتجزين، في حين تواجه الدولة العبرية ضغوطاً متزايدة مع تحرك أطراف دولية عدة للمطالبة بالعمل على توفير شروط السلام وحل القضية الفلسطينية، وفق مبدأ حل الدولتين.

تكثفت اليوم تحركات إقليمية ودولية قبل ساعات من انتهاء الهدنة التي استمرت 4 أيام بين «حماس» وإسرائيل، في ظل موافقة مبدئية من الجانبين على تمديدها وتبادل المزيد من المحتجزين والأسرى، وفقا لشروط جديدة، ومع بروز تعقيدات ميدانية بشأن عدد من الرهائن المحتجزين في قطاع غزة.

وصرح وزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي بأن هناك مساعي قطرية ومصرية وأميركية وأوروبية وإسبانية لتمديد وقف إطلاق النار المؤقت الذي وضع حدا للحرب المدمرة التي تشنها إسرائيل على غزة منذ 7 أكتوبر الماضي، والتي أدت إلى مقتل 14300 فلسطيني، وتشريد نحو 1.7 مليون من سكان القطاع المحاصر.

وبعد دعوته إلى وقف دائم لإطلاق النار لتجنب زيادة عدد القتلى في صفوف المدنيين، قال المالكي إن «الهدنة الحالية قد تمدد ليوم أو يومين أو ثلاثة أيام»، لكنه أضاف أنه لا أحد يعرف إلى متى، وحذر وزير الخارجية الفلسطيني من أنه «إذا اندلعت الحرب في غزة من جديد فإن عدد القتلى سيتضاعف».

وليل الأحد ـ الاثنين، أشارت «حماس»، عبر تطبيق «تلغرام»، إلى أنها ترغب في «تمديد التهدئة وزيادة عدد المفرج عنهم من السجون» مقابل إطلاق سراح المزيد من المحتجزين في القطاع، والذين يقدر عددهم حالياً بأقل من 170، بعد إطلاقها سراح 50 سيدة وطفلا من الإسرائيليين، مقابل الإفراج عن 150 من الأطفال والفلسطينيات من سجون الاحتلال، إضافة إلى قرابة 20 من جنسيات أجنبية بدون مقابل.

وأبلغت الحركة الوسطاء «موافقة فصائل المقاومة على تمديد الهدنة الحالية ما بين يومين وأربعة أيام».

على الجانب المقابل، قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الذي يواجه ضغوطا داخلية من رموز الائتلاف الحكومي اليمينية المتطرفة، الذي يقوده، من أجل استئناف القتال، إنه سيرحب بتمديد الهدنة، إذا سهلت «حماس» إطلاق سراح 10 رهائن إضافيين كل يوم.

وفي حين ذكر البيت الأبيض أن إسرائيل وافقت على «تمديد الهدنة لإطلاق سراح مزيد من المحتجزين»، أفادت مصادر أمنية مصرية بأن المفاوضين يقتربون من الاتفاق على تمديد الهدنة.

وقبل ساعات من إتمام إطلاق سراح المجموعة الرابعة الأخيرة باتفاق تبادل المحتجزين، ذكرت قطر التي تقود جهود الوساطة بين الحركة الفلسطينية والدولة العبرية، بمشاركة مصر والولايات المتحدة، أن «هناك مشكلة بسيطة في قوائم اليوم. ويعمل القطريون مع الجانبين لحلها وتجنب التأخير».

في غضون ذلك، قال رئيس الوزراء القطري، محمد عبدالرحمن آل ثاني، إن «حماس» بحاجة إلى تحديد مكان عشرات الرهائن، بما في ذلك نساء وأطفال محتجزين لدى «مدنيين وفصائل في غزة، لتمديد وقف إطلاق النار المؤقت».

وأشار آل ثاني، في تصريحات لصحيفة فايننشال تايمز، إلى أن هناك أكثر من 40 امرأة وطفلا مختطفين في غزة ليسوا في أيدي حماس، مضيفا: «إذا حصلت حماس على المزيد من النساء والأطفال فسيكون هناك تمديد»، لكنه أضاف أنه من غير الواضح كيف يمكن للحركة أن تحدد أماكنهم.

وأوضح أن أحد أهداف الهدنة هو أن «يكون لدى حماس الوقت الكافي للبحث عن بقية المختطفين» الذين تم جلبهم للقطاع عقب هجوم الحركة الكاسح على 11 قاعدة عسكرية و22 بلدة إسرائيلية في السابع من الشهر الماضي.

وأفاد بأن إسرائيل قدمت لقطر قائمة تشمل أكثر من 90 امرأة وطفلا خطفوا خلال الهجوم المباغت لـ «حماس»، التي نفت قيام عناصرها باختطاف مدنيين، وقالت إنها ستحتفظ بأسرى عسكريين لمفاوضات أوسع تطمح في «إفراغ المعتقلات والسجون الإسرائيلية من الفلسطينيين».

واعتبر أن الهدف الإسرائيلي المعلن المتمثل في القضاء على «حماس» في غزة «ليس واقعياً»، موضحا أن «تدمير حماس بمواصلة الحرب لن يحدث أبدا ولن يؤدي إلا إلى تأجيج خطاب التطرف»، وتابع: «نحن بحاجة إلى حل سياسي يضمن أمن الشعب الفلسطيني والشعب الإسرائيلي».

حصار دولي

في غضون ذلك، ارتفعت أصوات دولية فاعلة تطالب بتمديد الهدنة ووقف إطلاق النار بغزة، للسماح بإيصال المزيد من المساعدات والمواد الأساسية، وتجنب حدوث كارثة بالمنطقة التي يسكنها نحو 2.3 مليون فلسطيني.

وحاصرت دعوات غربية حكومة الحرب الإسرائيلية بمطالبات لوقف الحرب، تصدرها مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، الذي طالب بتمديد الهدنة التي وصفها بأنها «خطوة أولى مهمة»، من أجل العمل على «حل سياسي» للنزاع، كما جدد دعوته لاستعادة السلطة الفلسطينية السيطرة على غزة التي تحكمها «حماس» منذ 2007.

وأكد بوريل مجددا أهمية حل الدولتين، وقال السياسي الإسباني: «لن يكون هناك سلام أو أمان بالنسبة لإسرائيل بدون وجود دولة فلسطينية»، مشيراً إلى أنه لن يكون من الممكن إسكات الأسلحة طالما أنه لا يوجد أمل للفلسطينيين بأن تكون لهم دولة خاصة بهم.

وأعرب عن شعوره بالفزع بعد علمه بأنه في خضم الحرب، «تستعد الحكومة الإسرائيلية لتخصيص أموال جديدة لبناء المزيد من المستوطنات غير القانونية» في الضفة الغربية المحتلة، وأردف: «هذا ليس دفاعا عن النفس، ولن يجعل إسرائيل أكثر أمانا، إذ تشكل المستوطنات انتهاكا خطيرا للقانون الإنساني الدولي، وهي أكبر مسؤولية أمنية على إسرائيل».

في موازاة ذلك، أعربت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك عن اعتقادها بأنه ينبغي استغلال الهدنة الحالية في غزة كجسر لعملية سياسية من أجل الوصول إلى حل دائم للصراع في الشرق الأوسط، خلال حضورها اجتماعا للاتحاد الأوروبي في مدينة برشلونة الإسبانية لإجراء مشاورات حول حرب غزة.

وقالت بيربوك: «الشيء المحوري الذي نكافح من أجله في الوقت الراهن هو أن نرى معاناة الآخر، لأنه فقط إذا أمكن شفاء معاناة الآخر، فإن معاناتك ستنتهي أيضا. الإسرائيليون لا يمكنهم أن يعيشوا في أمان إلا إذا عاش الفلسطينيون في أمان».

وعلقت بيربوك على إلغاء إسرائيل مشاركتها في الاجتماع، قائلة إن إسرائيل لم تشارك لأنها تتخوف من التعرض «للعداوة من جانب واحد»، وأضافت أن هذا يوضح مدى عمق الانقسامات حاليا، ويوضح أن على الجميع أن يتحدثوا مع بعضهم البعض «وأنا هنا اليوم لهذا السبب تحديدا».

وألغت إسرائيل مشاركتها في اجتماع برشلونة، في ظل توتر علاقتها مع إسبانيا التي أغضبتها انتقادات رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز لهجماتها «العمياء على المدنيين في غزة».

وكذلك فعل الأمين العام لحلف شمال الأطلسي ينس ستولتنبرغ، قائلا: «أدعو إلى تمديد الهدنة، هذا سيسمح بإدخال المزيد من المساعدات التي يحتاج إليها سكان غزة، وبالإفراج عن المزيد من الرهائن».

وفي بكين، قالت وزارة الخارجية الصينية إن الوزير وانج يي سيتوجه إلى نيويورك، لرئاسة جلسة مجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة بشأن حرب غزة المقررة غدا، مضيفة أن الصين تأمل برعاية تلك الجلسة والقيام بدورها في «تحقيق وقف إطلاق النار».

في موازاة ذلك، التقى أعضاء اللجنة الوزارية العربية ـ الإسلامية، في برشلونة الإسبانية، وزير خارجية إسبانيا خوسيه مانويل ألباريس، وبحث الاجتماع الأوضاع في ‫غزة، وما حققته الهدنة وجهود تحويلها إلى وقف دائم لإطلاق النار، بما ينهي العنف والصراع الذي طال أمده، ويساهم في فتح الممرات الآمنة لإيصال المساعدات الإغاثية العاجلة للقطاع.

وشدد أعضاء اللجنة الوزارية على «أهمية اتخاذ المجتمع الدولي كل الإجراءات الفاعلة لضمان تنفيذ القرارات الدولية حيال القضية الفلسطينية، بما يضمن محاسبة الاحتلال الإسرائيلي على الانتهاكات المتواصلة للقانون الدولي والقانون الدولي الإنساني».

وقال رئيس الوفد وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان إنه يجب السعي لتجاوز الأزمة الحالية، والعمل على خطة للسلام ذات مصداقية، لإنهاء الوضع الكارثي في غزة، ولا بديل مستداماً لحل الدولتين والاعتراف بالدولة الفلسطينية، وحمّل إسرائيل مسؤولية الدمار الذي أحدثته في القطاع، محذرا من أن التصعيد المستمر سيؤدي إلى مزيد من الفوضى والدمار بالمنطقة.

وتابع: «نحن كنا واضحين جدا بعدم قبول العنف من الجهتين، وعلينا أن نحترم حياة الإنسان، وعلى المؤسسات الدولية أن تقول ذلك»، كما رحّب بإطلاق سراح الرهائن المدنيين، مؤكدا أن الهدنة المؤقتة ليست كافية ويجب تحويلها إلى دائمة.

وخلال الاجتماع، أكد وزير الخارجية المصري سامح شكري أن وقف إطلاق النار الدائم لن يتحقق إلا إذا أدركت إسرائيل أنه في مصلحتها، وهو لن يتحقق إلا من خلال الضغط الدولي عليها، مبينا أن «حجم المساعدات الذي يدخل القطاع ضعيف جداً نتيجة إجراءات إسرائيل المعوقة، ولهذا السبب وضعت الدول العربية والإسلامية مشروع قرار في مجلس الأمن».

وأكد شكري أن «التهجير مرفوض دوليا، وهذا نقدره، ولكن إجراءات إسرائيل تدفع نحو التهجير، والدول التي تعارض التهجير لا تقوم بالإجراءات الكافية للحيلولة دون وقوعه»، في إشارة إلى منع وصول المساعدات للمناطق شمال القطاع، فضلا عن تقييد دخول المواد الأساسية من طعام وأدوية ووقود لعموم غزة.

كما شارك وزراء اللجنة العربية - الإسلامية في اجتماعات المنتدى الوزاري الثامن للاتحاد من أجل المتوسط في برشلونة، والذي تم تخصيصه لمناقشة تطورات الأوضاع في قطاع غزة. وخلال الاجتماع، قال وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي إن «إسرائيل لا يمكن أن تكون فوق القانون، وعلينا العمل جميعا على وقف فوري ودائم لإطلاق النار، وأن تحصل غزة على كل المساعدات التي تحتاجها».

حرب بلا سلام

في المقابل، حذر تقرير لصحيفة واشنطن بوست من أن هناك شبه إجماع بين السياسيين والقادة العسكريين والجمهور في إسرائيل، على أن «السلام ليس في متناول اليد، بغض النظر عن المدة التي ستستمر فيها هذه الهدنة»، بمعنى أن وقف إطلاق النار بشكل نهائي غير وارد.

ورغم احتفال الإسرائيليين بالإفراج عن المجموعات الثلاث الأولى من الرهائن، فإن هناك اتفاقا واسع النطاق في الداخل الإسرائيلي، بحسب مسؤولين إسرائيليين، على أن «الحرب الشاملة للقضاء على حماس لم تنته بعد».

وأمس، قدمت حكومة نتنياهو إلى البرلمان ميزانية غير مسبوقة بقيمة 30 مليار شيكل لمدة شهر ونصف، لتلبية احتياجات الحرب. وليل الأحد ـ الاثنين، صرح نتنياهو بأنه أبلغ الرئيس الأميركي جو بايدن، خلال اتصال هاتفي، أن قواته تستعد لمواصلة العمل على تحقيق أهداف الحرب عقب الانتهاء من تسهيل إطلاق سراح الرهائن.

وفي مؤشر على تأهب الجانبين لمواصلة القتال، تفقد نتنياهو قوات الجيش الإسرائيلي في غزة، لأول مرة منذ بدء الحرب ليل الأحد ـ الاثنين، بينما ظهرت عناصر «حماس» المسلحة باستعراض قوة وسط مدينة غزة، خلال تسليمها الدفعة الثالثة من الرهائن لـ «الصليب الأحمر» الدولي، في منطقة سبق أن دخلتها دبابات الجيش الإسرائيلي، الذي أعلن قبل سريان الهدنة أن الحركة فقدت السيطرة على شمال القطاع.

back to top