رياح وأوتاد: سيهلكون البديل الذي صنعته يا العتيقي

نشر في 26-11-2023
آخر تحديث 25-11-2023 | 21:31
 أحمد يعقوب باقر

حملت مانشيتات الصحف، في الأسبوع الماضي، أخباراً مخيفة، فقد أعلنت هيئة الاستثمار أن «السحب من صندوق الأجيال خطر يهدد الكويت حاضراً ومستقبلاً»، وقرع ديوان المحاسبة ناقوس الخطر بشأن «قدرة مؤسسة التأمينات على توفير السيولة للوفاء بالتزاماتها». أما تقرير «ستاندرد آند بورز» فكان بعنوان «14% عجز ميزانية الكويت من الناتج المحلي»، وصرحت هيئة الاستثمار بأن «ارتفاع النفط لا يغطي التزامات الميزانية».

ورغم تلك المخاوف، فقد استمر مجلس الأمة في تقديم القوانين المالية، وبلغت كلفة الاقتراحات الجديدة التي وافقت اللجنة المالية على صرفها، والمعروضة على الجلسة القادمة، أكثر من 10 مليارات سنوياً بدون تحقيق أي إيرادات، ولا يزال موقف الحكومة منها غير معروف!

هذا الوضع الخطير ذكّرني بوزير المالية عبدالرحمن العتيقي الذي كنت ألتقيه في ديوانية عبدالله سلطان الكليب، يرحمهما الله، ففي أحد لقاءاته المنشورة على «يوتيوب» شرح كيف تم تخفيض إنتاج النفط بعد أن وصل إلى 3 ملايين و400 ألف برميل، وتم استقطاع نسبة سنوية من الإيرادات لإنشاء احتياطي الأجيال، بالمرسوم بقانون 1976/106، الذي صدر أثناء حل مجلس الأمة، وذلك لكي يكون - كما جاء في المادة الأولى - «بديلاً للنفط».

وفي ديواني، حدثنا الاقتصادي محمد القاضي، أنه كان بمعيّة العتيقي في سنة 1977 لحضور الاجتماع السنوي لصندوق النقد الدولي، وفي أحد لقاءات الوفد، قال العتيقي «إننا دولة فقيرة، فنحن لا نملك سوى مورد واحد، وهو مورد آيل للنضوب».

هكذا كان رجال الدولة قبل أكثر من أربعين سنة يتطلعون إلى تخفيض المصروفات وتنمية بديل للنفط، أما اليوم فقد صدر القانون 2020/18 الذي أوقف الاستقطاع للبديل، وذكرت مذكرته التفسيرية أن السبب هو «نظراً لنضوب سيولة الاحتياطي العام»!

إذاً، فقد نضب الاحتياطي العام، ومازالوا يقترحون صرف المزيد والسحب من احتياطي الأجيال، بحجة أنهم أصبحوا اليوم هم الأجيال القادمة، ونسوا أن كل جيل يأتي بعده جيل قادم. وقد أجابت أستاذة المالية العامة في الجامعة، د. فاطمة دشتي، على هذا السخف في بحث منشور، قائلة: «هذا الافتراض يعني أن المستقبل يقتصر على هذا الجيل دون غيره من الأجيال التي ستأتي بعده، وأن هذا الفكر يتعارض مع استمرار الدولة وديمومتها».

هكذا كان عبدالرحمن العتيقي وجيله الذي تم استبداله اليوم بجيل شعاره: اصرف بغير حدود، وإذا لم تكفِ الميزانية فخُذ من الاحتياطي العام، وإذا نضب العام فخذ من احتياطي الأجيال... ولا عزاء لجيل الأبناء والأحفاد.

back to top