الأغلبية الصامتة: بصمات في الذاكرة

نشر في 17-11-2022
آخر تحديث 16-11-2022 | 19:43
من العادات المميزة التي أعتبرها دروساً في الحياة عادة الإصغاء للمتحدث والصبر عليه، تعلمتها من أستاذ كنا ومازلنا نتعلم معه الكثير وهو الشاعر الدكتور خليفة الوقيان، ذلك الرجل لديه قدرة على الإصغاء بصمت لدرجة توحي لك أنه أغلق المكالمة والحقيقة عكس ذلك.
 إبراهيم المليفي بعض العادات المميزة التي أعتبرها دروساً في الحياة، لا يمكن أن أنسى أصحابها والمناسبة التي حصلت فيها، فقد أهدوني ما أعتبره رصيداً أفادني في حياتي بشكل عام والوظيفة بشكل خاص، وسأذكر في هذا السياق ثلاثة أمثلة أعتز بها كثيراً:

العادة الأولى، حصلت في مقر عملي الأول في الأمانة العامة لمجلس الوزراء منتصف التسعينيات، يومها كنت أعمل في إدارة التدريب والتطوير الإداري، ودخل علينا شهر رمضان المبارك، وبينما كنت في مكتب مسؤولي المباشر، سمعت صوت حركة خفيفة تداخلت مع عبارات التهنئة بالشهر الفضيل، الحركة اقتربت منا حتى وصلت إلينا، وكانت المفاجأة أن من كان يقوم بواجب التهنئة هو وزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء حينذاك السيد عبدالعزيز الدخيل.



لم يرافق الوزير الدخيل في جولته على مكاتب الأمانات الأربعة جيش من الموظفين والمصورين، كان هو فقط يسير ومعه أمين القطاع المعني، دخل علينا بوجه باسم وألقى التحية وغادر المكان مستكملا طريقه، منذ ذلك اليوم تعلمت وأنا الموظف الجديد أن المناصب لا تعطي أصحابها قيمة ما لم تكن مقرونة بالتواضع والإنجاز، ومن يومها وأنا لا أجلس في مكتبي كمسؤول وما زلت أتذكر معالي الوزير الذي كان بمقدوره التموضع في مكتبه ودعوة كل الموظفين للسلام عليه.

العادة الثاني ارتبطت بيوم زفافي في صالة الميلم للأفراح بمنطقة العديلية، كنت للتو أقف في مكاني بين شقيقي وعمي والد زوجتي رحمه الله استعداداً لاستقبال المهنئين، انفتح الباب لأول مرة ليدخل أول ضيف وهو الشاعر عبدالعزيز سعود البابطين، وبعد السلام والمباركة جلس على اليمين وتحدث قليلا حتى وصل إلى محور الحوار موجهاً كلامه لي قائلاً: احرص على أن تكون أول المهنئين لأن العريس وأهله لن ينسوا أول من يحضر، وبالفعل هذا ما حصل وما زلت أتذكر أول من بارك لي يوم زفافي ونصيحة العم عبدالعزيز.

وأخيراً مع العادة الثالثة، وهي من أستاذ كنا وما زلنا نتعلم معه الكثير وهو الشاعر الدكتور خليفة الوقيان الذي تعلمت منه أهم درس وهو الإصغاء للمتحدث والصبر عليه، ذلك الرجل لديه قدرة على الإصغاء بصمت لدرجة توحي لك أنه أغلق المكالمة والحقيقة عكس ذلك، ثم ما إن يبدأ بالرد حتى يبهر من يستمع اليه بالكلام المتسلسل والعرض الجاذب لكل مفردة وجملة يستخدمها.

في الختام تعج الحياة بالعادات والدروس التي تنتظر من يأخذ بها للارتقاء بأسلوب حياتنا بشكل عام ولكن من يسمع؟ ومن يتعلم. ومن يتعظ؟

back to top