غزة تنتظر وقف إطلاق النار مع نضوج صفقة تبادل الأسرى

• «حماس» ستطلق 50 طفلاً وامرأة إسرائيليين على قاعدة إطلاق تل أبيب 150 فلسطينياً وهدنة لأيام
• دعوات في «قمة بريكس» لحماية المدنيين وإرسال المساعدات للقطاع وحلّ جذري للقضية الفلسطينية

نشر في 22-11-2023
آخر تحديث 21-11-2023 | 20:31
تبلورت ملامح إبرام صفقة وشيكة لتبادل أسرى بين «حماس» وإسرائيل وإعلان هدنة مؤقتة لوقف الحرب التي دخلت يومها الـ 46 أمس، على وقع قصف جوي ومدفعي عنيف على قطاع غزة، في حين شدد قادة دول مجموعة «بريكس»، خلال قمة افتراضية أمس، على ضرورة توحيد الجهود الدولية لإنهاء الأزمة وحلّ القضية الفلسطينية.

استبقت الآلة الحربية الإسرائيلية قرب الإعلان عن صفقة تبادل أسرى وسجناء مع «حماس»، تتضمن هدنة مؤقتة وزيادة إدخال مساعدات إنسانية وإغاثية لقطاع غزة بوساطة قطرية - مصرية، أمس، وكثّفت وتيرة قصفها الجوي والمدفعي على عدة مناطق في القطاع الفلسطيني الذي تشنّ عليه حربا دموية غير مسبوقة منذ 46 يوما.

وشنّ الطيران الإسرائيلي سلسلة غارات مكثفة على شمال القطاع ووسطه، فيما قصفت المدفعية عدة مناطق طالت مناطق مأهولة ومربعات سكنية ومراكز لإيواء النازحين، وكذلك المستشفى الإندونيسي ومحيطه بمدينة غزة، مما خلّف نحو 80 قتيلا بينهم 20 سقطوا في استهداف منزل بمخيم النصيرات، فضلا عن مئات الإصابات.

وأعلن الجيش الإسرائيلي محاصرته لمخيم جباليا وخوضه معارك عنيفة ضد عناصر حركتَي حماس والجهاد في عدة أحياء بمدينة غزة وشمال القطاع، وذكر أنه هاجم 250 هدفا «إرهابيا» جوا في القطاع على مدار الـ 24 ساعة الماضية.

في المقابل، أفادت حكومة غزة بأن 13 ألفا و300 شهيد ارتقوا منذ بدء العدوان الإسرائيلي على القطاع، في 7 أكتوبر الماضي، منهم 5600 طفل و3550 امرأة.

وذكرت وزارة الصحة الفلسطينية أن 26 مستشفى في القطاع خرجت عن الخدمة وبقيت 9 فقط، فيما حذّرت منظمة اليونيسيف من مأساة وكارثة بغزة في حال تفشّي الأمراض الوبائية جراء منع سلطات الاحتلال دخول إمدادات المياه والدواء والوقود الكافية للقطاع المحاصر بشكل شبه كامل.

صفقة التبادل

جاء ذلك في وقت صرح المتحدث باسم وزارة الخارجية القطرية، ماجد الأنصاري، بأن «الوساطة القطرية» التي تقود المشاورات بمشاركة مصر، وبالتنسيق مع الولايات المتحدة، وصلت إلى «مرحلة نهائية وحرجة وفي أقرب نقطة للتوصل إلى هدنة».

وقال الأنصاري: «نحن متفائلون جدا بالوصول إلى هدنة تؤدي إلى وقف إطلاق النار في غزة، وسنعلن التفاصيل فور التوصل إليها».

وأكد أن «الأولوية حالياً لوقف الحرب وللجانب الإنساني في غزة. لا يمكن القبول بفكرة تهجير الفلسطينيين أياً كانت دوافعها، ولا يمكن ربطها بالمساعدات».

وفي وقت تكتمت «حماس» وإسرائيل على تفاصيل الاتفاق، أشار مسؤولون أميركيون مقربون من المفاوضات، لشبكة سي إن إن، إلى أنه رغم عدم التوصل إلى الاتفاق بعد، فإنهم «متفائلون بشكل متزايد، ويعتقدون أن الأسابيع العديدة من العمل الشاق على وشك أن تؤتي ثمارها بإطلاق سراح الرهائن».

وغداة قول الرئيس الأميركي، جو بايدن، إنه يعتقد أن التوصل إلى صفقة «بات قريباً»، نقلت «سي إن إن» عن مصدرين إسرائيليين قولهما إنه «قد يتم الإعلان عن الصفقة في أقرب وقت».

وأوضح أحدهم أن إطلاق سراح السجناء يحتاج إلى موافقة الحكومة الإسرائيلية في اجتماع مساء أمس، لكن من غير المتوقع أن يشكّل ذلك عقبة، بعد أن أعطى مجلس الحرب المصغر برئاسة بنيامين نتنياهو الضوء الأخضر لإتمام الخطوة ليل الاثنين ـ الثلاثاء، عقب لقاء مع أهالي الرهائن.

ووفقا لمصادر متعددة، ينص الاتفاق على إطلاق سراح 50 امرأة وطفلا احتجزتهم «حماس»، مقابل وقف القتال من 4 إلى 5 أيام، إضافة إلى 3 أسرى فلسطينيين مقابل كل رهينة مدني يتم إطلاق سراحه.

وبموجب الاتفاق، ستقوم «حماس» بجمع أي نساء وأطفال رهائن إضافيين خلال الفترة التي توقّف فيها القتال، وهو أمر أصرت الحركة الحاكمة للقطاع على أنها لا تستطيع القيام به حتى يتم التوصل إلى وقف كامل لإطلاق النار.

ومن المحتمل أن يتم تمديد وقف إطلاق النار المؤقت إلى ما بعد ذلك، حتى يتم إطلاق سراح المزيد من الرهائن المدنيين.

ووفقا لمصدر مطّلع، فإن الرهائن الذين سيتم إطلاق سراحهم من جنسيات مختلفة، وأحد الذين يأمل الأميركيون أن يتم إطلاق سراحهم أولاً الطفلة الأميركية أبيجيل إيدان (3 سنوات)، التي تعدّ أصغر رهينة أميركية، وقد قُتل والداها.

وأفاد مصدر بأنه خلال الأيام التي يتوقف فيها القتال، ستتوقف إسرائيل عن تحليق طائرات الاستطلاع من دون طيار فوق شمال غزة، الذي تتركز به العملية البرية الإسرائيلية حتى الآن، لمدة 6 ساعات على الأقل كل يوم.

وصباح أمس، نقلت أوساط عبرية عن مسؤول إسرائيل كبير أنه «على الرغم من أنه لا يزال هناك عمل من الناحية التقنية يتعيّن القيام به، إلا أننا نقترب جداً من صفقة لإعادة عشرات المختطفين المحتجزين في غزة».

وقال المسؤول الإسرائيلي إنه «تم الاتفاق على تحرير 50 محتجزاً، والبقية حتى 100 محتجز، سيتم إطلاق سراحهم مقابل وقف لإطلاق النار»، وأوضح أن المحتجزين الذين سيتم إطلاق سراحهم هم أطفال وأمهات ونساء أخريات.

وتزامن ذلك مع إعلان رئيس المكتب السياسي لـ «حماس»، إسماعيل هنية، أن التوصل إلى اتفاق هدنة مع إسرائيل «بات قريباً»، مشيراً إلى أن الحركة سلّمت ردّها لقطر ومصر.

وأتى ذلك بعد أن وعد نتنياهو أهالي الرهائن بأنه «لن نتوقف عن القتال حتى نعيد رهائننا إلى الوطن وندمر حماس، ونضمن أنه لن يكون هناك تهديد من غزة بعد الآن».

وسيمثل الاتفاق الجديد، في حال إتمامه، أكبر إطلاق سراح للرهائن وأول تبادل للسجناء منذ بدء الحرب.

خطط وعودة

وفي ظل الحديث عن الهدنة المحتملة، أفاد الجيش الإسرائيلي بأنه بصدد المصادقة على عودة الآلاف من سكان بلدات واقعة على بعد أكثر من 4 كيلومترات من قطاع غزة إلى منازلهم، التي تم نقلهم منها عقب هجوم «حماس»، خلال الأيام المقبلة.

وذكرت تقارير أن الجيش الإسرائيلي يحاول وضع حدّ لحوادث تبادل إطلاق النار بين جنوده داخل القطاع، بسبب تشخيص بعضهم كأعداء.

وأفادت إذاعة الجيش بأن إتمام الصفقة سيعيق العملية البرية في جنوب القطاع لفترة معيّنة، لكنّ قوات الاحتلال لن تنسحب من شماله، ولن تسمح لسكانه بالعودة إلى منازلهم.

في السياق، كشف المتحدث باسم «الخارجية» الأميركية، ماثيو ميلر، أن 6 مواطنين أميركيين من مزدوجي الجنسية قتلوا في إسرائيل، 5 منهم بمعارك في غزة وواحد بالحد الشمالي مع لبنان.

قمة بريكس

على صعيد الجهود الدبلوماسية، عقدت منظمة بريكس التي تقودها روسيا والصين اجتماعا افتراضيا، أمس، لمناقشة حرب غزة. وطالب ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، في كلمته، بضرورة وقف الاعتداء الصهيوني وإدخال المساعدات فورا إلى غزة.

ودعا كل دول العالم إلى وقف تصدير الأسلحة إلى إسرائيل، رافضا أي تبرير للحرب التي تشنّها على غزة.

وأشار بن سلمان إلى أن المملكة بذلت جهودا حثيثة لمساعدة وحماية المدنيين في القطاع، وقدمت مساعدات إنسانية وإغاثية بحرا وجوا، وأطلقت حملات تبرعات شعبية بلغت نصف مليار ريال، مشددا على ضرورة بذل الجهود من أجل إيجاد حل للقضية وإحلال السلام وإقامة دولة فلسطينية مستقلة على حدود عام 1967.

من جهته، شدد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، على أن هناك حاجة إلى حل مستدام وطويل الأمد للصراع في غزة وللقضية الفلسطينية، مؤكدا أنه «من المهم عدم جرّ دول أخرى إلى الصراع»، وعرض مشاركة «بريكس» في مسار حل الأزمة، مطالبا بتوحيد الجهود الدولية لإنهاء المأساة.

من جهته، قال الرئيس الصيني شي جينبينغ إنه يجب حماية المدنيين في فلسطين وتوفير ممرات إنسانية، داعيا إلى «مؤتمر دولي للسلام» لحلّ الصراع بين إسرائيل و«حماس».

وفي السياق، اتفق جينبينغ ونظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون، في اتصال هاتفي، على ضرورة تجنّب تدهور الأوضاع بقطاع غزة، فيما شددت «الخارجية» الصينية على أن أي ترتيب يتعلق بمستقبل ومصير فلسطين يجب أن يحصل على موافقة الشعب الفلسطيني.

في موازاة ذلك، عقدت اللجنة الوزارية المكلفة من القمة العربية الإسلامية المشتركة غير العادية، برئاسة وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان، اجتماعاً مع وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في موسكو أمس.

وشارك في الاجتماع وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي، ونظيره المصري سامح شكري، ووزيرة خارجية إندونيسيا ريتنو مارسودي، والأمين لمنظمة التعاون الإسلامي حسين إبراهيم طه.

رفض ومستقبل

وفي تطوّر بشأن توجهات إسرائيل والولايات المتحدة لتدويل السلطة في المنطقة الفلسطينية التي سيطرت عليها «حماس» عام 2007، رفض الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش إقامة «نظام حماية» برعاية الأمم المتحدة في قطاع غزة بعد انتهاء الحرب الحالية التي تقول إسرائيل إنها تهدف إلى إنهاء حكم الحركة الإسلامية له.

وقال غوتيريش: «لا أعتقد أن نظام حماية برعاية الأمم المتحدة في غزة هو الحل»، ودعا، عوضا عن ذلك، إلى مرحلة انتقالية تشارك فيها الولايات المتحدة والدول العربية.

وأضاف: «على الجميع أن يجتمعوا لتهيئة الظروف اللازمة لعملية انتقالية تسمح بسلطة فلسطينية قوية تتولى المسؤولية في غزة، ومن ثم، بناء على ذلك، التحرك أخيرا... وبطريقة حازمة لا رجعة فيها، نحو حلّ الدولتين على أساس المبادئ التي أرساها المجتمع الدولي إلى حد كبير، والتي حددتُها مرارا وتكرارا».

وختم: «بالنسبة إلى إسرائيل، تعدّ الولايات المتحدة بالطبع هي الضامن الرئيسي لأمنها، وبالنسبة إلى الفلسطينيين، تعتبر الدول المجاورة والدول العربية في المنطقة ضرورية».

في السياق، دعت «الخارجية» الكندية إسرائيل إلى حماية الفلسطينيين في الضفة ومحاسبة المسؤولين عن العنف، قائلة: «ندين بشدة عنف المستوطنين المتطرفين ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية».

back to top