هل ساهمت الصين في إنقاذ أسعار الذهب من الهبوط خلال 2023؟

نشر في 13-11-2023
آخر تحديث 13-11-2023 | 19:15
الذهب
الذهب

تتجه أسعار الذهب إلى الارتفاع العام الجاري، في أداء يتحدى العديد من العوامل الضاغطة على المعدن، وقدمت مشتريات البنوك المركزية العالمية هذا العام الدعم اللازم للمعدن النفيس، في مواجهة ارتفاع الدولار وعوائد السندات، وسط استمرار معركة البنوك المركزية ضد التضخم.

الذهب يتماسك رغم الضغوط

ونجحت العقود الآجلة للذهب في تجاوز مستوى 2000 دولار للأوقية أكثر من مرة منذ بداية العام الجاري، وشهد المعدن النفيس ارتفاعا أعلى 2000 دولار في نهاية أكتوبر الماضي، قبل أن يقلص مكاسبه أدنى هذا المستوى لاحقا، وأنهت العقود الآجلة للذهب تسليم ديسمبر تعاملات الأسبوع الماضي منخفضة 3% عند نحو 1938 دولارا للأوقية، لتسجل أول هبوط أسبوعي في 5 أسابيع.

ورغم الهبوط المسجل في الأسبوع الماضي، لا يزال المعدن الأصفر مرتفعا بنحو 6% منذ بداية 2023، وتماسك أسعار الذهب في الأشهر الأخيرة جاء بالرغم من ارتفاع الدولار بشكل قوي وملامسة عوائد سندات الخزانة لأعلى مستوى في عقد على الأقل، واستفاد الدولار وعوائد السندات الأميركية من رفع الاحتياطي الفدرالي لمعدلات الفائدة من مستوى قرب الصفر في مارس 2022 إلى نطاق 5.25% و5.5% حالياً.

وجاء الأداء الجيد للذهب أيضا في تحد للاعتقاد المتزايد بين المستثمرين بأن الاحتياطي الفدرالي سيبقي معدلات الفائدة «أعلى لفترة أطول»، ولا يزال بعض مسؤولي الاحتياطي يبدون نبرة متشددة حيال السياسة النقدية، مع تأجيل توقعات بدء خفض الفائدة إلى النصف الثاني من 2024.

وقال رئيس الاحتياطي الفدرالي جيروم باول، في الأسبوع الماضي، إن البنك ليس متأكدا من أنه فعل ما يكفي للسيطرة على التضخم، رغم تباطؤ مؤشر أسعار المستهلكين إلى 3.7% في سبتمبر على أساس سنوي، من 9.1% في يونيو 2022. وشهدت صناديق الاستثمار المتداولة في البورصة المدعومة بالذهب تدفقات خارجة بقيمة 8 مليارات دولار في الربع الثالث من العام الجاري.

البنوك المركزية تقدم الدعم

وتمكن الذهب من الاحتفاظ بمكاسبه هذا العام رغم صعود الدولار وعوائد سندات الخزانة الأميركية بفضل المشتريات القوية للبنوك المركزية العالمية، وبلغت مشتريات البنوك المركزية العالمية من الذهب في الربع الثالث من هذا العام 337 طناً، في ثالث أكبر وتيرة فصلية على الإطلاق. وفي أول تسعة أشهر من 2023، بلغ صافي مشتريات البنوك المركزية العالمية 800 طن من الذهب، بزيادة 14% على أساس سنوي، ومسجلة مستوى غير مسبوق في هذه الفترة من أي عام.

وقال مجلس الذهب العالمي، في تقريره عن الربع الثالث من هذا العام، إن البنوك المركزية العالمية استعادت الوتيرة القوية للطلب على المعدن بعد التباطؤ في الربع الثاني، وتوقع مجلس الذهب وصول إجمالي المشتريات السنوية للبنوك المركزية من الذهب هذا العام إلى المستوى القياسي المسجل في 2022، مع احتمالية ضعيفة لتجاوز هذا الرقم.

وساهم ارتفاع أسعار المستهلكين وتراجع قيمة عملات بعض الدول في التدافع لحيازة الذهب في إطار الحفاظ على القيمة، كما تسببت محاولات بعض الدول لخفض الاعتماد على الدولار كعملة احتياط في زيادة الطلب على الذهب من جانب البنوك المركزية، وتصاعد القلق العالمي حيال مكانة الدولار مع اعتبار البعض أن الولايات المتحدة تستخدم الدولار كسلاح في العقوبات ضد البلدان التي تخالف رؤى واشنطن.

الصين تقود الاتجاه

ومع توجه البنوك المركزية العالمية لشراء الذهب بوتيرة قياسية هذا العام، جاءت الصين في صدارة قائمة المشترين للمعدن النفيس، وشهدت الصين تراجعا للاحتياطي الأجنبي لديها إلى 3.101 تريليونات دولار بنهاية أكتوبر الماضي، بالتزامن مع انخفاض اليوان بنحو 0.3% أمام الدولار، لكن البنك المركزي الصيني رفع حيازته من الذهب في الشهر الماضي إلى 71.20 مليون أونصة، ارتفاعا من 70.46 مليون أونصة في سبتمبر.

وارتفعت قيمة احتياطي الذهب في الصين لتسجل 142.17 مليار دولار بنهاية أكتوبر من 131.79 مليارا في سبتمبر، وشكل أكتوبر الشهر الثاني عشر على التوالي الذي يشهد قيام الصين بزيادة مشترياتها من الذهب، ليبلغ إجمالي حيازة بكين 2215 طنا، وأصبحت سادس أكبر حائز للذهب في العالم بعد الولايات المتحدة وألمانيا وإيطاليا وفرنسا وروسيا.

ورغم أن الصين تعتبر أكبر منتج للذهب في العالم، فإن البنك المركزي للدولة الآسيوية كان أكبر المشترين للمعدن في أول تسعة أشهر من 2023، وفي عام 2022 بلغ حجم تعدين الصين من الذهب نحو 375 طنا، لكن ذلك لم يمنع بنك الشعب الصيني من التدافع لحيازة المعدن طوال عام كامل، وتصدرت الصين قائمة أكثر البنوك المركزية شراء للذهب في أول تسعة أشهر من 2023، مع السعي لتقليص اعتمادها على الدولار.

وقام بنك الشعب في الصين بشراء 181 طنا من الذهب في أول تسعة أشهر من العام الجاري، ليعادل المعدن نحو 4% من إجمالي الاحتياطي الأجنبي لدى بكين، وجاءت بولندا في المرتبة الثانية في قائمة أكبر البنوك المركزية شراء للمعدن في أول تسعة أشهر بنحو 57 طنا، يليها تركيا بـ39 طنا، وشكلت الصين وحدها نحو 22% من إجمالي مشتريات البنوك المركزية من الذهب في أول تسعة أشهر من هذا العام.

ولم يتوقف التدافع على شراء الذهب في الصين على البنك المركزي فحسب، وإنما وصل إلى المستهلكين الصينيين الذين فضلوا حيازة المعدن مع هبوط العملة المحلية وضعف قطاع العقارات والاضطرابات في سوق الأسهم. وقال محللون في «بي إم أو» إن تحليلهم يشير إلى أن حيازات الذهب من جانب القطاع الخاص والبنك المركزي في الصين أعلى بكثير مما توحي به المشتريات الرسمية والطلب السنوي للمستهلكين.

back to top