ضارباً عرض الحائط بكل الأسس الفنية والمهنية التي استند إليها سلفه د. حمد العدواني حينما أصدر قراره بوقف الابتعاث الطبي إلى مصر والأردن لتدني مخرجاتهما، ومتجاهلاً ما عدده بنفسه من مبررات في إجابته عن سؤال للنائب محمد هايف، لم يجد وزير التعليم العالي عادل المانع غضاضة في رجوعه القهقرى، ليمحو ما أكد إيمانه به منذ أيام، مقرراً إعادة دراسة وقف قرار الابتعاث الطبي إلى البلدين، في محطة ثانوية على طريق إلغائه، بدوافع سياسية وضغوط نيابية، غير عابئ بالآثار السلبية الناجمة عن هذا القرار من تعريض حياة الناس للخطر.

وتعقيباً على تصريح الوزير للزميلة «الراي»، الذي طالب فيه بعقد اجتماع مع اللجنة التعليمية البرلمانية لإعادة دراسة القرار، إعمالاً لمبدأ العدالة والمساواة، تساءل عدد من المراقبين: عن أي عدالة يتحدث الوزير؟ عدالة حق الابتعاث إلى جامعات تمنح شهادات دون حضور أصحابها؟ أم عدالة ضعف المستوى المهني لخريجيها؟ أم عدالة المساواة باعتبار أن باب الابتعاث لا يزال مفتوحاً لدول خليجية أخرى؟!

Ad

وأعرب المراقبون عن استغرابهم كلام الوزير لاسيما أن حبر إجابته هو نفسه عن سؤال النائب هايف والذي نشرته «الجريدة» الأحد الماضي، واستعرض فيه أسباب وقف الابتعاث لم يجف، ثم يأتي الآن ليقرر إعادة دراسة القرار خضوعاً للضغوط السياسية التي تمارس عليه.

وأضافوا أن الوزير أرفق في إجابته على هايف رد الجهاز الوطني للاعتماد الأكاديمي وضمان جودة التعليم، الذي قال فيه إنه تمت مخاطبة عدة جهات لتزويده بنتائج تقييم الأداء لخريجي برامج الطب وطب الأسنان في الجامعات الخليجية والعربية، وفي مقدمتها وزارة الصحة بتاريخ 14/3/2022، حيث ورد ردها المؤرخ 22/5/2022 متضمناً كتاب الوكيل المساعد لشؤون طب الأسنان الذي أشار فيه إلى تدني مستوى الأداء المهني والإكلينيكي لمخرجات برنامج طب وجراحة الفم والأسنان من خريجي تلك الجامعات.

وذكّروا الوزير بأن رد «جهاز الاعتماد» نص على أن كتاباً ورد من معهد الكويت للاختصاصات الطبية المؤرخ 6/6/2022 متضمناً طلب وقف الاعتماد الأكاديمي لشهادات الماجستير والدكتوراه في طب الأسنان الصادرة عن إحدى الجامعات وإلغاء اعتماد الشهادات الصادرة عنها لعدة أسباب، منها منح تلك الجامعة شهادات ماجستير ودكتوراه في تخصصات طب الأسنان لبعض الأطباء الكويتيين، وهم على رأس عملهم بدولة الكويت دون وجود بعثة دراسية أو تفرغ دراسي، مع ما أشارت إليه صحف تخرج بعض الأطباء الكويتيين من بلوغ أدائهم عشرين ساعة تدريباً عملياً أسبوعياً، رغم ثبوت وجودهم بدولة الكويت.

وفي السياق، أكد وزير التربية وزير التعليم العالي الأسبق د. بدر العيسى، أن قرار إعادة النظر «جاء في الوقت الخاطئ، وتنقصه الحكمة والحصافة»، معتبراً أن الاستجابة للضغوط النيابية أو الطلابية أو النقابية بهذا الشأن غير مقبولة، «ولا يمكن التعامل مع النظام التعليمي، خصوصاً الطبي، بالنخوات أو العواطف أو بالأجندات الانتخابية».
صورة ضوئية عن إجابة المانع لمحمد هايف

وقال العيسى لـ «الجريدة»، إن إلغاء قرارات سابقة من وزير حالي، للأسف، دائماً ما يحصل في مؤسسات الدولة، دون أي تحقق أو دراسة تقييمية تبين الجوانب السلبية والإيجابية المتعلقة بالقرار المعمول به، خصوصاً ما يتعلق بالمسار التعليمي للطالب، «لكي نتأكد من صلاحية القرار من عدمه»، لافتاً إلى أنه «لا يمكن أن تكون وزارة التعليم العالي قد قامت بدراسة تقييمية في هذا الوقت القصير، لأن تطبيق القرار لم تمضِ عليه سنة كاملة، فكيف نتلمس نتائجه؟!».

وبينما أشار إلى أن قرار الوزير السابق العدواني بوقف الابتعاث، جاء بعد دراسة تقييمية لبرامج هذه الجامعات، فضلاً عن توصيات من لجنة مختصة وملاحظات المكتب الثقافي وكل الجهات المختصة، فلا يمكن قبول إلغاء القرار الآن، أو حتى التفكير في إلغائه فقط بسبب ضغوط النواب أو الطلاب أو النقابيين، مضيفاً أنه «يجب ألا نكرر خطأ تطبيق سياسة عزل الطلاب عن الطالبات قبل الدراسة بـ 4 أيام!»، أكد «ضرورة أن يرفع هؤلاء أيديهم عن التعليم وكفانا تخبطاً وعشوائية».

وفور إعلان الوزير إعادة دراسة القرار، تسابق النواب هايف ومتعب الرثعان ومحمد الرقيب وخالد الطمار وفهد بن جامع على الإشادة به، معتبرين ذلك خطوة في الاتجاه الصحيح. في موازاة ذلك، علمت «الجريدة»، من مصادر قريبة من النائب عبدالهادي العجمي، عزمه تقديم استجواب للوزير المانع بمشاركة نائب أو اثنين، لكنه سيقدمه بعد جلسة 14 الجاري، مشيرة إلى أن الاستجواب يتكون من عدة محاور ويتضمن قضايا عديدة منها تجاوزات مالية وإدارية، إلى جانب تخبطات ملف الابتعاث وتطوير التعليم، والمحاصصة في التعيينات.

SMS
لدى إجابته عن سؤال للنائب محمد هايف، منذ أيام قليلة وتحديداً بتاريخ 23 أكتوبر الماضي، وقف وزير التربية وزير التعليم العالي عادل المانع مدافعاً عن إيقاف البعثات الطبية إلى مصر والأردن، ثم ها هو يسير في الاتجاه المضاد... فما تلك المبررات القوية التي حولت موقفه 180 درجة؟!

وهل معالي الوزير لم يعد يكفيه تخريبه للتعليم الأكاديمي ليمد بصمات التخريب إلى التلاعب بصحة الناس وتعريضهم للخطر؟!