عبدالعال: الذكاء الاصطناعي ليس بديلاً عن الكاتب

• صيدلاني مصري وجد ضالته في مجال الإبداع الأدبي

نشر في 06-11-2023
آخر تحديث 05-11-2023 | 18:34
No Image Caption
على الرغم من خلفيته العلمية كصيدلاني حاصل على الماجستير في الكيمياء الحيوية، فإن د. محمد فتحي عبدالعال وجد ضالته في عالم الكتابة والإبداع، وذاع صيته كأديب مصري حصدت أعماله العديد من الجوائز.
وفي حوار أجرته معه «الجريدة»، قال عبدالعال إنه استفاد من خلفيته العلمية في تقديم أعمال روائية وقصصية ومقالية تمزج إيقاع العلم بروح الأدب، وجاءت روايته «ساعة عدل» تتويجًا لهذا المسار، كما حلّق في فضاء أدب الخيال العلمي والفانتازيا بقصتين، «مدار حكاية»، و«راتيل القدر»، مؤكداً أن الذكاء الاصطناعي إحدى الأدوات المعينة للكاتب وليست بديلة عنه... وفيما يلي نص الحوار.

كأديبٍ بخلفية علمية، كيف استفدت من خبرتك في مجال البحث العلمي على مستوى الكتابة الإبداعية؟

- استفدت كثيرًا من خلفيتي العلمية كصيدلاني مارست المهنة وقضيت شطرًا من حياتي بها، وكحاصل على درجة الماجستير في الكيمياء الحيوية، في تقديم أعمال روائية وقصصية ومقالية تمزج إيقاع العلم بروح الأدب، وتحاول تفسير بعض التجارب والظواهر والأحداث التاريخية والحكم عليها عبر تحكيم العلم واستخدام العقل والمنطق.

وتُعد روايتي الأولى «ساعة عدل» تتويجًا لهذا المسار، إذ أرصد فيها كثيرًا من مواضع الخلل في البنية الصحية وضرورة علاجها عبر التقيد بمعايير الجودة الطبية الشاملة، وطرحت هذه الرؤى عبر سياق درامي طريف وشيق طوال أحداث الرواية التي أسعى لتحويلها إلى عمل تلفزيوني.

تكتب في التاريخ والحضارة والدين، لماذا لم تفكر في أدب الخيال العلمي الذي ينهض على أيدي مبدعين يمزجون بين الأدب والعلم؟

- طرقت هذا الباب بالفعل، وكتبت أول قصتين لي في أدب الخيال العلمي والفانتازيا وفازتا بجوائز.

قدمتُ أعمالًا روائية وقصصية ومقالية تمزج إيقاع العلم بروح الأدب

الأولى قصة مدار حكاية، فازت بمسابقة الكتاب الذهبي التابع لمؤسسة روز اليوسف العريقة تحت عنوان «مئة قصة لمئة مبدع» في مجال القصة القصيرة من 11 دولة عربية، والثانية «تراتيل القدر»، وفازت في مسابقة عصام محمود (أستاذ النقد الأدبي بجامعة حلوان)، وصدرت ضمن كتاب «افتراضي» الصادر عن المسابقة.



«على مقهى الأربعين» أحد كتبك الذي يضم مقالات متنوعة، ما أبرز القضايا التي ناقشتها من خلاله؟

- ناقشت قضايا عدة منها أزمة النقد الأدبي في وطننا العربي، وطرحت فكرة الاستفادة من الذكاء الاصطناعي في النقد الأدبي، وتطرّقت إلى مزايا الكتاب الإلكتروني بالمقارنة بالورقي في حفظ حقوق الكاتب وسهولة نشره وانتشاره، وكذلك إلى ضرورة أن تسود الأخلاق المجتمع وتعود إلى مجالسنا تقاليدها في حفظ أسرار المجالس، وكذلك ضرورة تطوير اللغة العربية والنحو، ليعود إلى لغتنا العربية مجدها كلغة محورية في نقل العلوم الحديثة أسوة ببقية اللغات الأجنبية الجاذبة للعلوم كالإنكليزية.

تكتب القصة والرواية أيضًا، ولكل منهما نفَس، الأول قصير والثاني طويل، فكيف جمعت بين الحالتين، وعلى أي أساس تختار القالب الأدبي الذي تنسج فيه فكرتك؟

- أميل كثيرًا إلى القصة، ذلك أن الأحداث فيها تدور في فلك شخصية واحدة وأفق حدث واحد يصنع مع إرهاصات البداية ويصاغ مع تصاعد حدة النهاية، وهو ما يلائم مساحة الوقت لديّ وسط زحمة أشغال العمل، مقارنة بالرواية التي تستغرق في هندسة بنائها وقتًا ليس باليسير من حيث تعدّد الشخصيات ورسمها وتقديمها بأبعاد نفسية بشكل منطقي سليم، فضلا عن تعدد العُقَد والأحداث والعلاقات وتشابكها في إطار تشويقي مستمر منذ بداية الأحداث وحتى زمرة التعقيد مرورًا بالنهاية التي تكشف ما خفي عن القارئ وتروي فضوله المتعطش لمعرفة الحقيقة، وهذا أمر يحتاج إلى وقت لا يتسنى لي طوال العام.



نعيش الآن زمن الذكاء الاصطناعي، إلى أي مدى يمكن أن يكون تأثيره في الإبداع الأدبي، في ظل وجود مخاوف من مزاحمته للأديب؟!

- الذكاء الاصطناعي إحدى الأدوات المُعينة للكاتب وليست بديلة عنه، فمن شأنها أن تيسّر على الكتاب تجميع المعلومات وانتخاب الأصح منها والبحث في دروب الأفكار الجديدة والاطلاع عن التجارب الأدبية حول العالم وملامسة كل ما يتعلّق بالموضوع الذي ينوي الكتابة عنه، علاوة على تيسير فرصة التعمق في العلوم الحديثة وسبر أغوارها، من ثم تأتي مهمة الكاتب فيما تجمّع لديه من حصيلة معرفية ليصوغ منها عملًا أدبيًا فائقًا ومتميزًا ومتفردًا ومكتملًا، كما أن الذكاء الاصطناعي يسهِّل للكاتب مهمة الترجمة إلى لغات مختلفة بدقة كبيرة، وهي مسألة شديدة الأهمية لكاتب اليوم في نقل رسائله وتوصيل أفكاره لبقاع شتى من العالم، وكذلك الاطلاع على تجارب الآخرين في المقابل، وقد أضحى العالم قرية واحدة، وأذابت وسائل التواصل المسافات بين الثقافات المختلفة، وصار التبادل والتمازج الثقافي أيسر من ذي قبل، كما أن الذكاء الاصطناعي - وأوضحت ذلك في كتابي «على مقهى الأربعين» - يمكنه أن يكون أداة من أدوات الناقد المحورية في قياس الاقتباس في العمل المُقدَّم له، والحكم على حداثة الفكرة ومدى تطورها وانسجامها مع العلوم الحديثة، خاصة ما يتعلق بأدب الخيال العلمي على سبيل المثال.

ما الذي تعكف على كتابته الآن، وربما يرى النور قريبا؟

- أعمل على استكمال مشروعي في إعادة كتابة التاريخ المصري المعاصر، ورصد جوانب خفيّة منه عبر تقديم أرشيف الصحافة المصرية في أكثر من مئة عام، وقد أصدرت ضمن هذا المشروع كتاب «نوستالجيا الواقع والأوهام»، وكتاب «تاريخ حائر بين بان وآن»، وآخرها «هوامش على دفتر أحوال مصر».

طرقت باب أدب الخيال العلمي والفانتازيا بقصتين حصدتا الجوائز

وأعكف حاليًا على تقديم جزء جديد من هذا المشروع، كما أنه في القريب ستصدر أولى تجاربي في تحقيق التراث عبر تحقيق كتابٍ نادر يتحدّث عن الجوائح، وكذلك أعمل على تقديم السيرة النبوية بشكل جديد وعصري وغير مسبوق، وإن شاء الله ترى هذه الأعمال النور قريبًا.

back to top