أخلاق الحرب بين الإسلام والغرب

نشر في 01-11-2023
آخر تحديث 31-10-2023 | 18:57
 د. عبدالمحسن حمادة

«وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ* وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلَّا بِاللَّهِ وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلَا تَكُ فِي ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ». (النحل 126_127)، النحل سورة مكية ما عدا الآيات التي جاءت في آخرها منها هاتان الآيتان نزلتا بعد غزوة أحد.

فقد تأثر النبي بعد أن شاهد عمه حمزة وقد مُثّل بجسده بعد استشهاده، حيث بُقر بطنه وانتُزعت كبده، ويرى كثير من المفسرين أن من قام بهذا العمل هو هند بنت عتبة بن ربيعة، زوجة أبي سفيان وأم معاوية، وجميعهم دخلوا الإسلام بعد الفتح وحسن إسلامهم، وأصبحوا من الصحابة.

وما دفع هند لتقوم بذلك العمل حقدها على حمزة، رضي الله عنه، لقتله أباها وأخاها يوم بدر، وشجعت عبدهم وحشي ليتدرب على قتل حمزة، وأخبرته إن قتله فهو حر، وخرجت هند مع مجموعة من نساء قريش خلف الرجال يضربن بالدفوف وينشدن الأناشيد لتشجيع الرجال على القتال ببسالة وشجاعة، فيكلن المديح للشجعان ويذممن الجبناء.

لقد حزن الرسول، صلى الله عليه وسلم، وغضب غضبا شديداً، وأقسم «لئن أمكنه الله منهم ليمثلن بسبعين منهم»، فنزلت هذه الآيات لتبين رأي الدين الإسلامي في مثل تلك الأمور، وبصفته الرسول الذي جاء ليبلغ رسالة الإسلام عليه الالتزام بتلك القيم، وكفّر النبي عن يمينه بعد ذلك.

هذه أخلاق الإسلام في الحروب، فلا مبالغة في الانتقام، وسُمح للمسلم برد العقوبة التي أوقعها العدو بمثلها إن كانت تلك العقوبة مباحة في الإسلام أو العفو، والعفو أفضل عند الله، ولا أعرف إن كان التمثيل في جثامين الموتى مباح في الإسلام أم لا، لذلك عفا النبي بعد فتح مكة عن كل من آذاه أو آذى المسلمين ممن توعد بقتلهم، أقول هذا ونحن نشاهد حرب الإبادة التي تشنها إسرائيل على الشعب الفلسطيني في غزة، بتشجيع أميركي، وأغلب دول الغرب بحجة أن «حماس» هي من اعتدى على إسرائيل.

إذا كان هذا صحيحاً فعاقبوها بالعقوبة نفسها التي قامت بها، لكن أن يتجاوز عدد قتلى الفلسطينيين أكثر من سبعة آلاف خلال ثلاثة أسابيع، وآلاف الجرحى، وهدم البيوت والمستشفيات، ثم يخرج قادة إسرائيل في مؤتمر صحافي ليعلنوا أن الحرب ستكون طويلة وشاقة، ماذا تريد إسرائيل من هذه الحرب؟ هل تريد إبادة الشعب الفلسطيني، فتهدم المنازل والمستشفيات على من فيها؟

إن إسرائيل ترتكب المجازر وجرائم الحرب نفسها التي ارتكبها النازيون في الحرب العالمية الثانية وحوكموا من أجلها، وتأسست على إثرها الأمم المتحدة، وصدرت القوانين الدولية للحفاظ على السلم العالمي والتصدي لأي عدوان، والحفاظ على المدنيين والأطفال، فمعظم الضحايا من المدنيين والأطفال والأبرياء، ويأتي الرئيس الأميركي ليشجعها، أليس من المخجل أن تدعم أميركا تلك الجرائم، وعلى أرضها شيد مبنى الأمم المتحدة التي تجرم قوانينها كل ذلك؟

back to top