هل حُرية التعبير حقيقة؟

نشر في 27-10-2023
آخر تحديث 26-10-2023 | 19:25
 محمد أحمد العريفان

كُنّا نظن في السابق أن الدول الغربية عنوان الحريات، ولأن حرية التعبير من أبرز الحريات فتح الغرب مجالها بلا حدود، واتّضحت الصورة مؤخراً، كُنا نرى حُكاماً يشتمون في ساحات تعجّ بالناس ونستغرب، إلى هذه الدرجة مجالُ الحُرية؟ كلما زادت الجُرعة زادت الحُرية، والواقع العكس تماماً، لم يكن صمتاً بلا مقابل.

كان المُقابل تغيير أيديولوجية المُجتمع بل أيديولوجية العالم برمته الذي بات منفتحاً على بعضه مؤخراً نتيجة وسائل التواصل الاجتماعي، غُرست مَفاهيم مُستهجنة آمن بها الكثير وصدقها الكثير، صار الشخص يختارُ ضمير مخاطبته ويفرض عليك مخاطبته به، فتُجبر على الحديث مع الرّجُل بصيغة الأُنثى، الصدمة بأن الشخص صار يجبُر الآخرين على مخاطبته بصيغة الجَمع، لأنه لا يُصنف نفسه ذكراً أو أُنثى! صار الزواجُ بِكلب حُرية لا مفهوما مغلوطا، صار الزواجُ مستهجناً لو لم تسبقه علاقة غير شرعية، صار الحجابُ تخلفاً، واللحية إرهاباً والنقاب خَطراً، وصار إعدام شخص أزهق روحاً بريئة مساساً بحقه في الحياة، تغير مفهوم العدل، والأسرة، وحتى الشرف!

تتجول شاحنات من جامعة هارفارد في أميركا بأسماء وصور وعبارات نشرها الطلبة والباحثون مؤيدو القضية الفلسطينية، جامعات بريطانيا ترسل تحذيرات محتواها أن التضامن مع القضية الفلسطينية من الخطابات غير القانونية وضرورة رصد الطلبة المؤيدين للقضية الفلسطينية، رئيس حكومتها يهدد بالسجن إلى أربعة عشر عاماً، مشاهير يُستخدمون كأدوات لقلب الموازين بجعل الباطل حقاً والحق باطلاً، المنظمات الدولية بأعضائها الدائمين وحسب مصالحها السياسية والاقتصادية تفترض أن الكيان الصهيوني هو الضحية، وفلسطين هي المُغتَصِبة، الغازي صاحب الأرض والفلسطيني ضيف! الأمم المُتحدة مُتحدة بأعضائها الدائمين فقط، تتحكم بالقانون الإنساني الدولي ومفاهيمه، تعطي الضوء الأخضر للإبادة الجماعية مفترضة أن الكيان الصهيوني يمارس حقه في الدفاع عن أراضيه! حتى أصبحت جرائم الحرب دفاعاً! تتناسى الأسلحة المحظورة الأماكن المحظورة، وتتناسى من احتلّ الآخر! فعن أي حُرية تعبير، عن أي إنسانية، عن أي شرف يتحدثون؟

أدعو الله أن يحفظ الأمة العربية والإسلامية من الغَرب ونجاسة أيديولوجياتهم، وأن يقينا شر الفتن ما ظهر منها وما بطن، وأن يحفظ فلسطين ويعيد لنا القُدس.

back to top