عوائد السندات الأميركية لـ 10 سنوات لأعلى مستوى في 16 عاماً

نشر في 23-10-2023
آخر تحديث 23-10-2023 | 19:22
السياسة المالية في الولايات المتحدة لم تحسم أمورها بشأن مكافحة التضخم
السياسة المالية في الولايات المتحدة لم تحسم أمورها بشأن مكافحة التضخم

تجاوز العائد على سندات الخزانة الأميركية لأجل 10 سنوات معدلات 5 بالمئة للمرة الأولى في 16 عاما، مدفوعا بالتوقعات بأن مجلس الاحتياطي الفدرالي سيحافظ على أسعار الفائدة المرتفعة، وأن الحكومة ستعزز مبيعات السندات بشكل أكبر لتغطية العجز المتزايد.

وارتفع العائد 11 نقطة أساس إلى 5.02 بالمئة، وهو أعلى مستوى منذ عام 2007.

وأشار رئيس بنك الاحتياطي الفدرالي، جيروم باول، الأسبوع الماضي إلى أن صناع السياسة النقدية يميلون إلى إبقاء أسعار الفائدة ثابتة في اجتماعهم خلال نوفمبر، لكنه لم يحسم الأمر، وترك بعضا من التكهنات باحتمالية رفعها مرة أخرى إذا أدى الاقتصاد المرن إلى زيادة مخاطر التضخم.

وبحسب تقرير لـ «بلومبرغ» اطّلعت عليه «العربية.نت»، قالت مديرة استراتيجية أسعار الفائدة في بنك باركليز، روهان خانا، في مذكرة للعملاء يوم الاثنين: «إذا كان الاحتياطي الفدرالي حذرًا بشأن رفع أسعار الفائدة مرة أخرى في وقت لا يزال النمو مرنًا والتضخم ثابتًا، فلن يكون أمام السوق أي بديل سوى عكس ذلك في أسعار الفائدة الطويلة الأجل».

ومما يقوّض السندات أيضاً المخاوف المتزايدة بشأن استدامة العجز المتزايد في ميزانية الحكومة، والذي من المرجّح أن يجبر وزارة الخزانة الأميركية على الاستمرار في زيادة المعروض من الأذون والسندات. وبعد أن عززت حجم مبيعات السندات الفصلية للمرة الأولى منذ عامين ونصف في أغسطس، تستعد إدارة الوزيرة جانيت يلين الآن لاسترداد أموالها في نوفمبر.

من جانبه، قال رئيس الاستثمار في شركة The Family Office وسيم جمعة، إن هناك عوامل مؤثرة على عوائد السندات منها توجهات «الفدرالي الأميركي» بشأن مستوى أسعار الفائدة. وأضاف جمعة، في مقابلة مع «العربية»، أن رئيس «الفدرالي» سبق أن أشار إلى احتمالية وقف رفع أسعار الفائدة في الاجتماع المقبل، وفي نفس الوقت يرى أن ارتفاع عوائد السندات يساعد على كبح جماح التضخم.

وأشار إلى أن السياسة المالية في الولايات المتحدة لم تحسم أمورها بشأن مكافحة التضخم، والدليل أن توقعات عجز الموازنة الذي تم إعلانه أخيرا تبلغ نحو 1.7 تريليون دولار، بقفزة 23 بالمئة عن عام 2023، مضيفا: «مع عدم وجود رئيس للكونغرس الأميركي قد نتجه إلى الإغلاق الحكومي الشهر المقبل».

وذكر جمعة أن السوق بدأت تطلب علاوة مخاطر أكبر للاستثمار في السندات الطويلة الأجل، مما أسهم في رفع عوائد السندات لأجل 10 سنوات لتصل لأعلى من 5 بالمئة.

لقد سحقت الضربة المزدوجة التي وجهها بنك الاحتياطي الفدرالي ووزارة الخزانة آمال الكثيرين في أن يكون عام 2023 هو «عام السندات»، وفق «بلومبرغ».

وفي الآونة الأخيرة، أثبت أنه قوي بما يكفي لتعويض تدفقات الملاذ الآمن إلى ديون الولايات المتحدة، حيث أدى الصراع بين إسرائيل و»حماس» إلى إشعال المخاوف الجيوسياسية من جديد.

ومع ذلك، يصنف «مورغان ستانلي» سندات الخزانة لأجل 10 سنوات التي تزيد على 5 بالمئة عند «الشراء»، حيث يتوقع تجاوز العوائد القيمة العادلة للشركة فوق هذا المستوى.

وفي المستقبل القريب، تظل سوق سندات الخزانة في طريقها نحو سنة ثالثة غير مسبوقة من الخسائر السنوية.

ويتبنى صناع السياسة في بنك الاحتياطي الفدرالي الأميركي بشكل متزايد وجهة نظر مفادها أن ارتفاع عائدات السندات، التي تعمل على تشديد الأوضاع المالية بالطريقة التي كانوا يسعون إليها، لا ترجع إلى توقعات السوق بالمزيد من رفع أسعار الفائدة الفدرالية، بل إلى مجموعة متنوعة من العوامل الأخرى، ما يسمح لهم بنوع من المرونة فيما يتعلق بالسياسة الحالية.

وأشار باول إلى هذا الاحتمال يوم الخميس الماضي، في تصريحات للنادي الاقتصادي بنيويورك، قائلا إنه يوافق «من حيث المبدأ» على أن الارتفاع الحاد في العائدات يمكن أن يتجنب الحاجة إلى مزيد من رفع أسعار الفائدة.

وأحد العوامل الرئيسية التي يشير إليها هو وآخرون في صناع السياسة النقدية هو تأثير «علاوة المخاطر» على عائدات السندات، وهو محرك أساسي لم يتم أخذه في عين الاعتبار إلى حد كبير لمدة عقد أو أكثر من الزمن خلال فترة طويلة من أسعار الفائدة المنخفضة التي أعقبت الأزمة المالية العالمية 2007 - 2009، ومن ثم الجائحة.

ويمكن تقسيم عائد السندات إلى 3 عناصر: التوقعات بشأن ما يفعله بنك الاحتياطي الفدرالي بأسعار الفائدة القصيرة الأجل، العلاوة على التضخم المتوقع، وثالثاً «العلاوة».

إن علاوة الأجل هي في الأساس التعويض الإضافي الذي يتوقّعه المستثمرون مقابل التطورات المجهولة المرتبطة بحيازة ديون طويلة الأجل، كما أنها تشمل عوامل تشمل تفضيلات المخاطرة ووجهات النظر حول الاقتصاد والظروف المالية العالمية.

إن الجهود التي بذلها «الفدرالي» في أعقاب الأزمة المالية لإبقاء جميع تكاليف الاقتراض منخفضة، وليس فقط تلك التكاليف القصيرة الأجل التي يسيطر عليها بشكل مباشر، قد أدت إلى القضاء على «العلاوة»، لأن المركزي كان مصمماً للغاية على منع أسعار الفائدة من الارتفاع ودعم الاقتصاد وسط تعاف بطيء من الأزمة.

خلال معظم العام الأول من حملة التشديد التي بدأت في مارس 2022، اشتكى مسؤولو بنك الاحتياطي الفدرالي بشكل دوري من أن أسعار الفائدة طويلة الأجل لم ترتفع بما يكفي لاستكمال زيادات أسعار الفائدة الخاصة بهم. وبدلاً من ذلك، ظل مستثمرو السندات يركزون على التوقعات التي كانت سائدة على نطاق واسع في ذلك الوقت بأن باول سيبالغ في تشديد السياسة النقدية، ويتسبب في الركود، وسيخفض أسعار الفائدة بسرعة لحماية الاقتصاد من الضرر.

وتحولت هذه الديناميكية مع إدراك المستثمرين أخيراً لالتزام بنك الاحتياطي الفدرالي القوي بإعادة التضخم إلى هدفه البالغ 2 بالمئة، واستعداده لقبول تباطؤ الاقتصاد للوصول إلى هناك.

لا يمكن ملاحظة أقساط التأمين لأجل بشكل مباشر، ولكن يوجد عدد من النماذج لها. يُظهر نموذج بنك الاحتياطي الفدرالي في نيويورك أن علاوة الأجل لسندات الخزانة القياسية لأجل 10 سنوات قد ارتفعت بأكثر من نقطة مئوية منذ بداية الربع الثالث. كانت النسبة متوقفة بشكل مباشر في المنطقة السلبية منذ عام 2021، وخلال معظم العقد الذي سبق الوباء، ثم عادت أخيرًا إلى المستويات الإيجابية لتقترب من أعلى مستوى منذ عام 2015.

يمكن أن تؤثر علاوات الأجل المرتفعة بسرعة على الأصول الأخرى، مثل الأسهم، ويمكن أن تعمل على تشديد الظروف المالية من تلقاء نفسها، وهو خطر أشار إليه «الاحتياطي الفدرالي» من حين لآخر في تقاريره نصف السنوية إلى «الكونغرس».

وقال «الفدرالي»، في تقرير السياسة النقدية الصادر في يوليو 2017، وهي الفترة التي يتم خلالها تحديد فترة الاستحقاق: «إن الارتفاع المفاجئ في أقساط التأمين إلى مستويات أكثر طبيعية يشكل خطرا هبوطيا على أسعار سندات الخزانة طويلة الاستحقاق، الأمر الذي يمكن أن يؤثر بدوره على أسعار الأصول الأخرى». وكانت أقساط التأمين حينها أقل من الصفر.

وتحدثت رئيسة بنك الاحتياطي الفدرالي في دالاس، لوري لوغان، الذي أدار لسنوات عمليات السوق المفتوحة للبنك في نيويورك، وبالتالي لديه معرفة عميقة بأسواق الدخل الثابت، بشكل مكثف عن التحول في علاوات سندات الخزانة في تصريحات سابقة من هذا الشهر.

ولعلها قدّمت الحجّة الأكثر وضوحًا حول الكيفية التي قد يمنح بها هذا التغيير بنك الاحتياطي الفدرالي مزيدًا من المرونة مع اقترابه من نهاية الحملة التي شهدت رفع سعر الفائدة من الصفر تقريبًا إلى النطاق الحالي البالغ ما بين 5.25 و5.50 بالمئة.

وقالت في كلمة ألقتها أمام المؤتمر السنوي للجمعية الوطنية لاقتصاديات الأعمال: «لقد تشددت الأوضاع المالية بشكل ملحوظ في الأشهر الأخيرة. لكن أسباب هذا التشدد مهمة». «إذا ظلت أسعار الفائدة طويلة الأجل مرتفعة بسبب ارتفاع أقساط التأمين على الأجل، فقد تكون هناك حاجة أقل لرفع سعر الفائدة على الأموال الفدرالية». «العربية نت»

back to top