ماذا يعني تخفيف العقوبات عن فنزويلا بالنسبة لسوق النفط؟

نشر في 23-10-2023
آخر تحديث 23-10-2023 | 19:06
No Image Caption

أسفرت أشهر من المفاوضات بين مسؤولي الولايات المتحدة وفنزويلا عن تعليق مؤقت للعقوبات ضد قطاع النفط في الدولة اللاتينية.

ويثير تخفيف العقوبات الأميركية ضد فنزويلا حالة من الجدل بشأن الأثر المحتمل على زيادة المعروض في سوق النفط العالمي.

تعليق مؤقت للعقوبات

أعلنت الإدارة الأميركية تخفيف العقوبات ضد قطاع النفط في فنزويلا، بعد التوصل لصفقة بين الحكومة والمعارضة في الدولة اللاتينية، وتوصلت حكومة الرئيس نيكولاس مادورو وأحزاب المعارضة إلى اتفاق بشأن ضمانات لإجراء الانتخابات في النصف الثاني من عام 2024، مع مراقبة دولية، وبعد الاتفاق، أصدرت وزارة الخزانة الأميركية ترخيصاً يسمح لفنزويلا بإنتاج وتصدير النفط للأسواق المختارة خلال الستة أشهر المقبلة بدون أي حدود.

ورغم عدم إلغاء كل القيود الأميركية ضد فنزويلا، فإن تخفيف العقوبات يفتح الباب للعشرات من شركات النفط لاستئناف عملياتها في كاراكاس.

وبدأت شركة النفط الحكومية «بي.دي.في.إس.إيه PDVSA» الاتصال بالعملاء بشأن عقود توريد النفط الخام، بعد الرفع المؤقت للعقوبات الأميركية، كما تضمنت التدابير الأميركية ترخيصًا لمدة عام يسمح بالتعامل مع شركة «مينيرفين Minerven» للذهب المملوكة للدولة في فنزويلا.

ورفعت وزارة الخزانة الأميركية الحظر عن التداول الثانوي لبعض السندات السيادية الفنزويلية وديون وأسهم شركة «بي.دي.في.إس.إيه» النفطية، لكن الحظر على السندات في السوق الأولي يظل قائماً.

وقال وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، إن واشنطن أعطت مادورو مهلة حتى نهاية نوفمبر لبدء رفع الحظر المفروض على مرشحي الرئاسة من المعارضة، والبدء في إطلاق سراح السجناء السياسيين.

وتجري الولايات المتحدة وفنزويلا محادثات منذ أشهر للحصول من كاراكاس على تنازلات سياسية لمصلحة المعارضة مقابل تخفيف العقوبات الأميركية على الدولة اللاتينية.

وعرضت فنزويلا لعقوبات أميركية قوية منذ عام 2019، بسبب ما تم اعتباره «مخالفات كبيرة» في الانتخابات التي شهدت إعادة انتخاب مادورو في 2018، وتضمنت العقوبات ضد فنزويلا حظر شركة «بي.دي.في.إس.إيه» الحكومية من تصدير النفط لأسواق دولية مختارة.

أهمية فنزويلا لسوق النفط

تراجعت أهمية فنزويلا في سوق النفط العالمي بشكل حاد في السنوات الأخيرة، بفعل العقوبات التي أثرت سلباً على الإنتاج والاستثمارات في القطاع، وفنزويلا تعتبر إحدى الدول الـ 5 المؤسسة لمنظمة الدول المصدرة للنفط «أوبك» منذ تدشين المنظمة في عام 1960. الدولة اللاتينية تعتبر أكثر الدول امتلاكاً للاحتياطيات النفطية حول العالم بأكثر من 3 مليارات برميل، وبلغ إنتاج النفط الخام في فنزويلا متوسط 770 ألف برميل يومياً في شهر سبتمبر الماضي، بحسب تقرير شركة النفط الحكومية، بينما تشير تقديرات المصادر الثانوية لدى «أوبك» إلى أن إنتاج النفط في فنزويلا بلغ 730 ألف برميل يومياً في سبتمبر.

وذكر تيم إيفانز محلل الطاقة أن إنتاج النفط الخام في فنزويلا تراجع بشكل مستمر منذ القمة المسجلة في عام 1997 عند 3.2 ملايين برميل يومياً.

وتعتبر الصين السوق الرئيسي لاستقبال صادرات النفط من فنزويلا، حيث تلقت بكين 430 ألف برميل يومياً من الخام والوقود هذا العام، بحسب بيانات «تانكر تراكينغ»، وقبل العقوبات الأميركية ضد فنزويلا، كانت الهند والولايات المتحدة من أبرز الدول المتلقية للإمدادات النفطية من كراكاس.

التأثير المحتمل لتخفيف العقوبات

ترغب الولايات المتحدة في تعزيز التدفقات العالمية من النفط، لخفض أسعار الخام جراء نقص المعروض من الخام مع خفض «أوبك بلس» للإنتاج، وتشير توقعات وكالة الطاقة الدولية إلى وجود عجز في سوق النفط خلال الربع الرابع من العام الجاري، مع تفوق الطلب العالمي على المعروض.

ويعتقد خبراء في صناعة النفط أن فنزويلا قد لا تكون قادرة على زيادة إنتاجها من النفط بشكل قوي وسريع، بالنظر إلى ضعف الاستثمارات في قطاع النفط خلال السنوات الماضية، إذ يعاني قطاع الطاقة في فنزويلا من سنوات سوء الإدارة ونقص كفاءة الاستثمار، بالإضافة إلى العقوبات الأميركية ضد قطاع النفط منذ عام 2019.

وتتوقع «إس آند بي غلوبال» استقرار إنتاج النفط في فنزويلا دون تغيير كبير حتى نهاية العام المقبل.

وقال فرناندو فيريرا مدير خدمة المخاطر الجيوسياسية في «رابيدان إنرجي»، إنه من غير الرجح أن يكون لتخفيف العقوبات على فنزويلا تأثير فوري على إنتاجها النفطي، لكن فيريرا يعتقد أن هناك إمكانية لحدوث زيادة كبيرة في صادرات فنزويلا النفطية إلى الولايات المتحدة.

وترى راشيل زيمبا الزميلة المساعدة في مركز الأمن الأميركي الجديد أن أسواق النفط قد تنظر إلى هذا التطور الجديد بشكل إيجابي فيما يتعلق بالمعروض، لكنها أشارت إلى أن مكاسب الإنتاج ستظل مقيدة بسبب الطبيعة المؤقتة لتعليق العقوبات مع استمرار فرض بعض القيود على القطاع.

وتعتقد زيمبا أن حقيقة أن التدابير تضمنت تعليقا وليس إنهاء العقوبات قد تحد من درجة الاستثمارات الجديدة في قطاع النفط الفنزويلي، بالإضافة إلى وجود الكثير من الديون في البلاد، ما قد يؤدي إلى مجموعة من التدابير القانونية المثيرة للقلق.

ويتفق إد مويا المحلل في «أو إيه إن دي إيه» مع تلك الآراء، مشيراً إلى أن تعليق بعض العقوبات ضد النفط في فنزويلا من المرجح أن يؤدي إلى تأثير محدود على أسواق الطاقة، مع معاناة كراكاس لزيادة إنتاجها من الخام.

وأشار مويا إلى أن سوق النفط العالمي سيظل في حالة تشدد، ما يعني أن الأسعار لن تشهد تراجعات ملحوظة نتيجة التطورات المعلنة في فنزويلا.

وعلى الجانب الآخر، تشير تقديرات مسح شارك فيه عدد من المحللين إلى أن إنتاج النفط الفنزويلي قد يرتفع بنحو 25 في المئة من المستويات الحالية مع تعليق العقوبات الأميركية على القطاع.

ويتوقع المشاركون في المسح ارتفاع إنتاج فنزويلا من النفط بنحو 200 ألف برميل يومياً، لكن توقيت تحقيق هذه الزيادة يظل يحيطه عدم اليقين.

back to top