دول الخليج لا تريد ارتفاعاً للنفط يؤدي للتضخم وزيادة الركود
أفادت إدارة معلومات الطاقة الأميركية، التابعة لوزارة الطاقة، أن إنتاج النفط الأميركي في الأسبوع الأول من أكتوبر بلغ 13.2 مليون برميل يوميا، متجاوزا الرقم القياسي السابق المسجل في عام 2020 بمقدار 100 ألف برميل، وقد تضاعف إنتاج النفط المحلي الأسبوعي منذ الأسبوع الأول في أكتوبر 2012 وحتى الآن.
بعد مرور خمسين عاما على الحظر النفطي العربي عام 1973، فإن الأزمة الحالية في الشرق الأوسط لديها القدرة على تعطيل إمدادات النفط العالمية ودفع الأسعار إلى الارتفاع، ولكن لا تتوقع تكرار الارتفاع الكارثي في الأسعار والطوابير الطويلة أمام محطات البنزين، كما يقول الخبراء بحسب لانكيستر غاز.
وقال رئيس وكالة الطاقة الدولية، إن الحرب بين إسرائيل وحركة حماس «بالتأكيد ليست خبراً جيداً لأسواق النفط المنهكة بالفعل» بسبب تخفيضات إنتاج النفط من المملكة العربية السعودية وروسيا وتوقع طلب أقوى من الصين.
وذكر فاتح بيرول، المدير التنفيذي لوكالة الطاقة الدولية ومقرها باريس، لوكالة أسوشيتد برس، إن الأسواق ستظل متقلبة، وقد يؤدي الصراع إلى ارتفاع أسعار النفط، «وهو بالتأكيد خبر سيئ للتضخم»، مضيفا انهم الأكثر تضررا من ارتفاع الأسعار.
وأغلق سعر خام برنت القياسي الدولي عند 93 دولارا للبرميل أمس ارتفاعا من 85 دولارا في السادس من أكتوبر، ودفعت التقلبات منذ الهجوم أسعار النفط إلى الارتفاع إلى 96 دولارا.
ويعتمد سعر النفط على الكمية المستخدمة منه والكمية المتوافرة، والأخيرة معرضة للتهديد بسبب الحرب بين «حماس» وإسرائيل، على الرغم من أن قطاع غزة ليس موطناً لإنتاج كبير من النفط الخام.
وأحد المخاوف هو أن القتال قد يؤدي إلى تعقيدات مع إيران، موطن بعض أكبر احتياطيات النفط في العالم.
وقد تم تقييد إنتاجها من النفط الخام بسبب العقوبات الدولية، لكن النفط لا يزال يتدفق إلى الصين ودول أخرى. وقال أندرو ليبو، رئيس شركة ليبو أويل أسوشييتس، وهي شركة استشارية مقرها هيوستن: «من أجل تحقيق تحرك مستدام (في الأسعار)، سنحتاج حقا إلى رؤية تعطل الإمدادات».
وأي ضرر يلحق بالبنية التحتية النفطية الإيرانية نتيجة لضربة عسكرية من إسرائيل قد يؤدي إلى ارتفاع الأسعار على مستوى العالم. وحتى بدون ذلك، فإن إغلاق مضيق هرمز الذي يقع جنوب إيران يمكن أن يهز سوق النفط أيضا لأن الكثير من الإمدادات العالمية تمر عبر هذا الممر المائي.
وأضاف ليبو: إلى أن يحدث شيء من هذا القبيل، «سيكون سوق النفط مثل أي شخص آخر، يراقب الأحداث في الشرق الأوسط».
وأحد الأسباب وراء عدم احتمال ظهور طوابير الغاز على طراز السبعينيات هو أن إنتاج النفط الأميركي وصل إلى أعلى مستوياته على الإطلاق. وأفادت إدارة معلومات الطاقة الأميركية، التابعة لوزارة الطاقة، بأن إنتاج النفط الأميركي في الأسبوع الأول من أكتوبر بلغ 13.2 مليون برميل يوميا، متجاوزا الرقم القياسي السابق المسجل في عام 2020 بمقدار 100 ألف برميل، وقد تضاعف إنتاج النفط المحلي الأسبوعي منذ الأسبوع الأول في أكتوبر 2012 وحتى الآن.
دروس أزمة 1973
قال مايك سومرز، الرئيس والمدير التنفيذي لمعهد البترول الأميركي، أكبر مؤسسة في صناعة النفط الأميركية: «هناك أشياء كثيرة، لكن الأمر الأكثر أهمية في رأيي هو أن قوة الطاقة الأميركية هي مصدر هائل للأمن والازدهار والحرية في جميع أنحاء العالم».
وفي خطاب ألقاه الأربعاء الماضي بمناسبة الذكرى الخمسين لحظر النفط عام 1973، قال سومرز، إن الإنتاج الأميركي الحالي يتناقض بشكل حاد مع «موقف أميركا الضعيف خلال حظر النفط العربي»، وحث صناع السياسة الأميركيين على الانتباه إلى ما أسماه دروس عام 1973.
وقال سومرز، الذي انتقد مراراً وتكراراً سياسات الرئيس جو بايدن التي تقيد تقييد عقود إيجار النفط الجديدة كجزء من جهوده لإبطاء تغير المناخ العالمي: «لا يمكننا أن نهدر ميزتنا الاستراتيجية ونتراجع عن قيادة الطاقة».
وأوضح سومرز في كلمة ألقاها في معهد هدسون، وهو مركز أبحاث في واشنطن، أنه «في ظل عالم غير مستقر، والحرب في أوروبا، والحرب في الشرق الأوسط، وتجاوز الطلب على الطاقة العرض، أصبح أمن الطاقة على المحك»، مضيفا «هناك حاجة إلى النفط والغاز الأميركيين الآن أكثر من أي وقت مضى. دعونا نأخذ الدروس التي تعلمناها من عام 1973 بعين الاعتبار ونتجنب زرع بذور أزمة الطاقة المقبلة».
في الوقت الحالي، الأزمة ليست تكرارا لما حدث في عام 1973، فالدول العربية لا تهاجم إسرائيل بشكل موحد، ولم تتحرك دول «أوبك +» لتقييد الإمدادات أو زيادة الأسعار بما يتجاوز بضعة دولارات إضافية.
هناك العديد من البطاقات الجامحة في سوق الطاقة، الأول هو إمدادات النفط الإيراني. وحرصاً منها على تجنب الارتفاع المفاجئ في أسعار البنزين والتضخم، تسامحت الولايات المتحدة بهدوء مع بعض صادرات النفط الإيراني إلى وجهات مثل الصين بدلاً من فرض العقوبات التي تستهدف برنامج إيران النووي.
وإذا قامت إيران، التي حذرت إسرائيل من شن هجوم بري، بتصعيد الصراع في غزة - بما في ذلك هجوم محتمل من قبل مقاتلي«حزب الله» في لبنان بدعم من إيران - فإن ذلك قد يغير موقف الولايات المتحدة.
ويقول محللو السلع في كومرتس بنك: «إذا قامت الولايات المتحدة بعد ذلك أيضاً بفرض العقوبات النفطية على إيران بشكل أكثر صرامة مرة أخرى، فإن سوق النفط ستتشدد بشكل ملحوظ».
وهزّ سوق النفط الأربعاء الماضي بعد أن دعا وزير الخارجية الإيراني الدول الإسلامية إلى فرض حظر نفطي على إسرائيل، لكن الأسعار سرعان ما تراجعت. وفي الوقت نفسه، حث المشرعون الأميركيون من كلا الحزبين بايدن على منع مبيعات النفط الإيراني، سعياً إلى تجفيف أحد مصادر التمويل الرئيسية للنظام.
والنقطة الحاسمة الأخرى هي كيف سترد دول الخليج النفطية إذا تم تقييد النفط الإيراني. يقول محللو النفط، إنه على الرغم من أن الخليجيين قد يرحبون بالارتفاعات الأخيرة في أسعار النفط، إلا أنهم لا يريدون ارتفاعا كبيرا في الأسعار من شأنه أن يغذي التضخم، وارتفاع أسعار الفائدة لدى البنوك المركزية، والركود المحتمل في البلدان المستهلكة للنفط، مما قد يحد في النهاية من الطلب للنفط أو حتى يقتله.
والأمر الثالث غير المعروف هو ما إذا كان المزيد من النفط سيصل إلى السوق من فنزويلا. حيث وافقت الولايات المتحدة الأربعاء الماضي على تعليق بعض العقوبات مؤقتا على قطاعات النفط والغاز والذهب في البلاد بعد أن وافقت الحكومة الفنزويلية وفصيل من المعارضة رسميا على العمل معا في إصلاحات الانتخابات.
ويمكن أن يرتفع الإنتاج الفنزويلي في عام 2024. ومع ذلك، في الأشهر الستة المقبلة، يمكن أن يرتفع الإنتاج بنحو 200 ألف برميل يوميا، وهو انخفاض نسبي في المحيط، وفقا لصوفيا جويدي دي سانتي، كبيرة محللي سوق النفط في شركة ريستاد إنرجي.
وانتقد السيناتور جون باراسو، أكبر جمهوري في لجنة الطاقة والموارد الطبيعية بمجلس الشيوخ، الإجراء الأميركي ووصفه بأنه «وسيلة للتحايل» تسترضي النظام الوحشي في فنزويلا.