تركيا: هجوم على «الداخلية» يشوّش على افتتاح البرلمان

• أردوغان يستعجل صياغة دستور جديد ويدعو إلى انتظار «ظروف مناسبة» لتدخُّل عسكري ضد الأكراد

نشر في 02-10-2023
آخر تحديث 01-10-2023 | 19:51
قوات أمن وسيارة إطفاء بموقع الهجوم في شارع أتاتورك وسط أنقرة أمس (شينخوا)
قوات أمن وسيارة إطفاء بموقع الهجوم في شارع أتاتورك وسط أنقرة أمس (شينخوا)
شنّ مسلحان هجوماً على وزارة الداخلية التركية في محيط مقر البرلمان بالعاصمة أنقرة، قبل ساعات معدودة من افتتاح الرئيس رجب طيب أردوغان الدورة البرلمانية الجديدة، ومطالبته بتسريع صياغة دستور مدني جديد للبلاد.

اهتز وسط العاصمة التركية أنقرة، جراء هجوم بالقنابل والرصاص شنّه مجهولان واستهدف مقر وزارة الداخلية، أمس، قبل ساعات قليلة من وصول الرئيس رجب طيب أردوغان إلى مقر البرلمان، لافتتاح الدورة التشريعية الجديدة التي من المقرّر أن تصادق على انضمام السويد إلى حلف شمال الأطلسي (الناتو).

وأفاد وزير الداخلية، علي يرلي كايا، بأن شرطيَين أصيبا بجروح طفيفة في الهجوم الذي نفذه «إرهابيان، أحدهما فجّر نفسه، والآخر تمّ تحييده».

وقال كايا إن «إرهابيين اثنين وصلا على متن مركبة تجارية أمام بوابة الدخول إلى الإدارة العامة للأمن التابعة لوزارة الداخلية، ونفّذا عملية التفجير»، التي وقعت بشارع أتاتورك في حي قزلاي وسمع دويها على بعد عدّة كيلومترات، وشدد الوزير على أن «كفاح تركيا سيستمر حتى تحييد آخر إرهابي».

بدوره، أفاد مركز شرطة أنقرة بأنه ينفّذ عمليات «تفجير متعمدة لطرود مشبوهة»، خوفاً من هجمات أخرى، ودعا السكان إلى عدم الذعر.

وأعلن مكتب المدعي العام فتح تحقيق وفرض حظر على الوصول إلى منطقة الهجوم الذي يأتي بعد 7 سنوات من اعتداء وقع في المنطقة ذاتها، وأسفر عن مقتل 34 شخصاً وإصابة 125، ونسب إلى حزب العمال الكردستاني الانفصالي.

وفرضت السلطات حظرا على بثّ الصور من مكان الحادث بعد تداول مقاطع فيديو تظهر أصوات تبادل إطلاق نار في الحي الذي يضمّ مقار عدد من الوزارات، إضافة إلى البرلمان، حيث تم إغلاق المنطقة بالكامل، وسط انتشار أمني كثيف.

وذكرت مصادر أن السيارة التي استخدمت في الهجوم، الذي يعتقد أن عناصر كردية انفصالية نفذته، سرقت من ولاية قيصري.

أردوغان والبرلمان

ولاحقاً، قال أردوغان لدى وصوله إلى مقر البرلمان، الذي يبعد 450 متراً فقط عن موقع الهجوم، إن «التنظيمات الإرهابية لن تحقق هدفها أبداً، وسنقضي على آخر إرهابي داخل حدود بلادنا وخارجها».

وأضاف: «نحن نوجه الضربات بشكل دائم إلى التنظيمات الإرهابية، كما أننا ندرك تماماً دعاية الإرهابيين، ونتخذ إجراءات لمحاربتها»، معتبرا أن الهجوم المتطرف يمثّل «الأنفاس الأخيرة للإرهاب».

وأشار إلى أنه تم إنشاء شريط أمني في الحدود الجنوبية مع سورية، عمقه 30 كيلومتراً لضمان أمن البلاد، واعتبر أن بلده، الذي يشن عملية عسكرية ضد المسلحين الأكراد في سورية والعراق، بحاجة إلى «وقت وظروف مناسبة للتدخل العسكري مرة أخرى، لضرب الإرهابيين في عقر دارهم».

من جهته، اتهم رئيس البرلمان، نعمان قورتلموش، دولا بتقديم الدعم للتنظيمات الإرهابية، مشدداً على أن أنقرة لن تستسلم أبداً.

ولفت إلى أن «اختيار الإرهابيين هذا التوقيت لتنفيذ عمليتهم ليس عبثيا»، معربا عن تفاؤله بمستقبل تركيا، رغم اختلاف التوجهات السياسية، ومؤكدا: «سنقف بالمرصاد لمن يزرع بذور الفتنة».

دستور جديد

وفي وقت ألقى الهجوم بظلال قاتمة على افتتاح الدورة التشريعية المهمة التي تأتي بعد إجازة استمرت 3 أشهر، دعا الرئيس التركي القوى السياسية إلى صياغة دستور مدني جديد للبلد العلماني.

وقال أردوغان إنه متأكد من ثقة الشعب في برلمانه، رغم الخيانات والحسابات الضيقة، مشيراً إلى أنه يتحدث عن دستور مدني جامع وشامل يأتي بالتوافق والحوار ويليق بمئوية تركيا.

وشدد على «ضرورة التخلص من إرث الانقلابات العسكرية، وسيجد كل مواطن تركي نفسه ضمن الدستور الجديد الذي نطمح إلى صياغته».

وأكد أن الأولوية بالدورة التشريعية ستكون لصياغة الدستور الجديد ليحل محل المعمول به، الذي وضع عام 1982 بعد الانقلاب العسكري في 1980 بقيادة الجنرال كنعان أورَن.

وأوضح أن «الدستور الحالي تم تعديله أكثر من 20 مرة حتى أصبح مترهلاً»، مشيرا إلى رفض أحزاب المعارضة المشاركة في صياغة الدستور رغم شكوتها السابقة من «الدستور الانقلابي». لكن الرئيس التركي شدد على أن عودة تنظيم غولن، الذي يتهمه بتدبير محاولة الانقلاب منتصف 2016، إلى الحياة في تركيا مستحيلة، «كما هي الحال لأي تنظيم مماثل»، في إشارة على ما يبدو إلى الأحزاب الكردية التي يتهمها بدعم الحركات الانفصالية.

أوروبا والسويد

من جانب آخر، أشار الرئيس التركي إلى أنه على الاتحاد الأوروبي ألّا ينتظر من أنقرة تنازلات اجتماعية أو سياسية أو عسكرية «إذا لم يتراجع عن أخطائه، وفي مقدمتها مسألة التأشيرة».

ورغم تجديد أنقرة، في وقت سابق، رغبتها في الانضام إلى التكتل، رأى أردوغان أن تركيا لا تحتاج إلى العضوية في الاتحاد ولا تنتظر منه شيئا، بعد المماطلة في مسعاها للانضمام لعضويته على مدى عقود.

واعتبر أن تركيا وصلت إلى «مرحلة نضع فيها نحن معاييرنا»، متهما الاتحاد الأوروبي بعدم الوفاء بتعهداته، رغم وفاء أنقرة بكل الوعود التي قطعتها له.

وجاء ذلك في وقت يفترض أن يحسم البرلمان التركي موقفه بشأن انضمام السويد إلى حلف شمال الأطلسي (الناتو)، رغم احتفاظ أردوغان بموقف غامض حول الخطوة التي حاول ربطها بتمكين أنقرة من إعادة فتح التفاوض بشأن عضويتها في الاتحاد الأوروبي تارة، وبمنحها الموافقة الأميركية على التزود بمقاتلات إف 16 تارة أخرى، خلافا للتعلل بإيواء الدولة الإسكندنافية لإرهابيين، في إشارة إلى عناصر حزب العمال الكردستاني الانفصالي.

إدانات دولية

في غضون ذلك، أدانت الكويت، والسعودية، وقطر، والإمارات، ومصر، والأردن، وفلسطين هجوم أنقرة في بيانات منفصلة. وأرسل صاحب السمو أمير البلاد برقية إلى الرئيس أردوغان أعرب خلالها سموه عن استنكار الكويت وإدانتها الشديدة للهجوم الإرهابي.

وشدد سموه على تأييد الكويت لكل ما تتخذه تركيا من إجراءات لمواجهة هذه الأعمال الإرهابية للحفاظ على أمنها واستقرارها، راجياً المولى جلّ وعلا أن يمنّ على المصابين بسرعة الشفاء والعافية.

back to top