غزو مصانع البحث العلمي

نشر في 22-09-2023
آخر تحديث 21-09-2023 | 18:45
 د. مشعل إبراهيم الشريدة

ذكرت مديرة أخلاقيات النشر والنزاهة سابينا علم في دار النشر Taylor & Francis بأن ما يعادل 50٪ من حالات الاشتباه بالإخلال بالنزاهة العلمية يعزى لمصانع البحوث التي تنشر أوراقا علمية تم بيع مناصب المؤلفين بها، وفي عام 2020 وبدعم من دور النشر العالمية مثال BMJ، Elsevier، Frontiers، IOP Publishing، the JAMA Network، Sage Publishing، Taylor & Francis، Wiley and Springer Nature، قامت الرابطة الدولية للناشرين العلميين والتقنيين والطبيين، (STM)، بتدشين مشروع تطوير أدوات لكشف المقالات المفبركة من مصانع البحوث لمكافحة هذه الظاهرة التي تفاقمت في المجلات العلمية.

وفي مايو 2023، قام الناشر Hindawi التابع لدار النشر Wiley بسحب ما يزيد على 1200 مقالة علمية بسبب الخلل في جدية التحكيم والتي بسببها تم اختراق بعض المجلات العلمية بشدة من قبل مقالات مصانع الابحاث الوهمية. ومن ناحية أخرى قامت الأكاديمية الصينية للعلوم (Chinese Academy of Sciences) بنشر قائمة سنوية تحذيرية بالمجلات المخترقة والتي كان من ضمنها مجلة IEEE ACCESS ومجلة Energies من در النشر MDPI. إن فرص النشر في المجلات العلمية المرموقة تظل ثابتة بمعدلات قبول منخفضة تتراوح بين 10٪ إلى 15٪ مما يجعل الضغوط الواقعة على الباحثين والأكاديميين عالية، حيث يرتبط تقدمهم الوظيفي والعلمي وترقياتهم بعدد البحوث المنشورة، وليكونوا قادرين على الاستفادة من فرص التمويل المستقبلي في المؤسسات البحثية.

كان أحد حلول هذا السيناريو هو ظهور المجلات ذات النشر المفتوح، والتي توفر منصات النشر للباحثين، وخصوصا أولئك الناشئين أو أولئك الذين يريدون العزو إلى أبحاثهم بشكل أكبر، كانت المجلات ذات النشر المفتوح فكرة حسنة أتاحت مجالا لتحرير الضغط على الباحثين وتعزيز انتشار البحوث دون كلفه. ومن الجانب الآخر أدى المجال المزدهر للمجلات ذات النشر المفتوح إلى ظهور مجلات مزيفة، تُعرف أيضا باسم المجلات المفترسة أو الخادعة أو الاحتيالية أو المستنسخة أو المزيفة.

هذه المجلات هي تلك التي لا تحكم المقالات من قبل النظراء في الغالب، وان أقرت التعديلات فغالبا تكون تعديلات قليلة أو هامشية، وبعبارة أخرى هي موجودة في المقام الأول لانتزاع رسوم النشر من المؤلفين. ويعتبر قرار النشر في هذه المجلات الخادعة بدافع التوجه لأسرع الطرق للنشر بمنحى عن الجودة والأصالة، فكنايةً هو عقد مع الشيطان لبيع نزاهة المؤلف وأمانته العلمية مقابل النشر المزيف.

وهنا نستوقف المشهد ونوجه الحديث للمؤسسة العلمية: إن فلسفة المؤسسة بتعريف وتحديد دورها لتطبيق جودة التعليم وجودة البحث العلمي مهمة جدا لأنها المسؤول الأول عن السماح لهذا التوجه السلبي والفساد العلمي وهي المسؤول الأول بإتاحتها الفرص للنشر الوهمي والذي من شأنه إباحة الاستيلاء على المال العام من خلال ضعف اللوائح واستغلال الثغرات وسوء التدقيق والمتابعة وغياب او ضعف الدعم لنظام الترقيات.

back to top