حالة زواج كاثوليكي معهم

نشر في 19-09-2023
آخر تحديث 18-09-2023 | 19:43
 حسن العيسى

جواباً عن سؤال «ما هي الديموقراطية، حكم الأكثرية أم ضمانات الأقلية»؟ يقول آلان تورين: «الشعب لا يحكم، وإنّما الناطقون باسمه يحكمون، كما أن الدولة لا يسعها أن تكون مجرد تعبير عن المشاعر الشعبية، لأنّ عليها أن تؤمن وحدة المجموعات السياسية وتمثيلها وتدافع عنها في وجه العالم الخارجي..> كذلك توجد الديموقراطية عندما توجد المسافة بين الدولة والحياة الخاصة، وأن (تعترف السلطة بها - الإضافة من عندي)، فتضمنها مؤسسات سياسية ويضمنها القانون»..!

أين هي المسافة التي تفصل بين الدولة والحياة الخاصة في إمبراطورية سيفوه؟ الدولة، من خلال أكثرية نواب مجلسها الشكلي ومجلس وزرائها المحتمي ببركات الأوّلين، تتدخل في كل صغيرة وكبيرة بحياة البشر، دولة وصاية في أبشع صورها، تحشر نفسها في التعليم، وفي الفرح، وفي الثقافة، ولم يبق غير التدخل عند الولوج إلى دورات المياه.

سلطة جاهلة تتدخل في ماذا يقرأ وما لا يقرأ ما لم يكن هذا عبر عدسات الرقيب وشيخ الطريقة، تتدخل متى يجب أن نضحك، ومتى يجب أن نلطم، وإذا تمايل شخص طرباً في دندنة يتيمة في عالم التكشير، قفز عليه مراقبو الفرح أتباع السلطة لزجره. وإذا وضع محل تجاري على الفاترينة دمية بابا نويل أو شجرة عيد الميلاد، ركض عسس الدولة لغلق المحل... وإذا سجّل طالب الجامعة في شعبة دراسية معيّنة، هرولت السلطة نحوه لتلغي التسجيل، وكأنه لم يكن، فهناك خشية أن يكون الشيطان جالساً في قاعة المحاضرات.

تورين يقول إن قانون الأكثرية واللجوء لإرادة الشعب هو الواقع الذي أُسست عليه أنظمة سلطوية، وكان أنّها قضت على الديموقراطيات بدلاً من أن تؤسس لها، بكلام آخر، الديموقراطية ليست هي حكم الأكثرية دائماً، وإنما احترام حقوق الأقليات والحريات الشخصية.

إدوارد سعيد ذكر في شأن رقابة الفكر، «لا يمكن أن يكون هناك مجتمع متحضر تحكم الحياة فيه قوانين عقائدية تحدد ما هو محرّم وما هو ممنوع قراءته».

نفضنا أيدينا من التحضر والتقدم، فقط دعونا نتنسّم هواء نقياً يا ولاة الأمر.. هل نقول أنتم أسود علينا - نحن الأقلية التقدمية - وفي الحروب نعامة؟ أصح أن نقرر بأنكم لستم في حروب مع فرق الوصاية الذين رعيتموهم منذ عقود؟... أنتم في حالة زواج كاثوليكي معهم.

back to top