تواطـؤ الحكومة

نشر في 18-09-2023
آخر تحديث 17-09-2023 | 20:17
 حسن العيسى

بالأمس كان مانشيت هذه الجريدة «الطلاب ضحية الضعف الحكومي»... وأدق من هذا أن الطلاب الذين تاهوا في مسألة التسجيل بالشعب الدراسية بعد مفاجأة حرمة التعليم المشترك، هم «ضحية التواطؤ الحكومي»، وليس طلاب الجامعة فقط هم الضحايا، بل الكويت بأهلها ومستقبلها أضحت اليوم، أكثر من أي وقت مضى، ضحية هذا التواطؤ والانتهازية بين الحكومة وبين جماعات التسييس الديني.

قد يخسر الطلبة سنة أو سنتين من أعمارهم الدراسية بسبب البصم الحكومي لطلبات الأكثرية من نواب الغمة، ولكن الدولة بكاملها خسرت حاضرها ومستقبلها، وستزيد من ضياعها وخسارتها مع هذه الحكومة تحديداً، بعدما توافق وتواطأ الطرفان - السياسي الديني والسلطة المشيخية - مع بعضهما على كسب أغلبية الشارع وزيادة رصيدهما من الشعبوية الضحلة.

هلل الأكثرية من نواب محاكم التفتيش لقرار وزير التربية وإدارة جامعة الغث الكويتية حين حرموا التسجيل في الشعب المشتركة، واكتشفت الحكومة بوزارة التربية والتجهيل العالي أن لديها «وزارة أوقاف وشؤون إسلامية» أفتت منذ زمن طويل بحرمة الاختلاط على مقاعد الدراسة، وأن هناك قانوناً يقضي بذلك، فقالت حكومة الدراويش الشعبية لجميع الشعب «إذا تكلم الشرع الكل ياكل....»، على مقولة الفنان حسين عبدالرضا في تمثيلية قديمة.

ومادامت تلك الوزارة الدينية – رغم أن كل وزاراتنا دون استثناء متدروشة من أجل عيون السياسة، كما تتطلبها صراعات الكبار في السلطة – أفتت بالحرمة فواجب الطلبة وكل الشعب أن يصمتوا ويخرسوا، وأن يكونوا قطيعاً كامل الدسم، يسير كما يريد رعاته في دولة «يا رب لا تغير علينا»...

ما العمل مع هذه السلطة المتواطئة التي باعت الباقي من عمر الدولة لمراهنات سياسية متحجرة؟ ما العمل مع هذا الجهل المربع؟ كتب مرة إدوارد سعيد: «... على المثقف أن يكون منهمكاً في نزاع مدى الحياة مع كل حراس الرؤية والنص المقدسين الذين نهبوا كثيراً والذين يدهم الغليظة لا تتحمل عدم التوافق ولا التنوع»، لم نطلب حكومة من الفلاسفة والمثقفين، بل نريد حكومة أصحابها يملكون الحدود الدنيا من الفهم العقلاني والشجاعة لمواجهة حقائق الزمن وتقلباته.

back to top