حمزة عليان يصدر «رحلتي مع الصحافة 57 عاماً»

• الصقر: ابن المهنة ورجل التوثيق... والكتاب يروي فيه فصولاً من سيرته الصحفية

نشر في 11-09-2023
آخر تحديث 10-09-2023 | 18:08
يرى الكاتب حمزة عليان، عبر إصداره «رحلتي مع الصحافة 57 عاماً بين بيروت والكويت»، أن ما دوّنه فيه ليس مذكرات ولا سيرة، بل صفحات من الذاكرة وأوراق من العمر، كان حريصاً على تسجيلها والاحتفاظ بها، معرجاً على مقتطفات وجوانب منها، وما قد ينفع الناس وأهل المهنة، فضلاً عن الأصدقاء والأبناء، تاركاً ما عدا ذلك في طي النسيان.

أصدر الكاتب حمزة عليان كتاباً جديداً بعنوان «رحلتي مع الصحافة 57 عاماً بين بيروت والكويت، موزعاً على 5 فصول، أولها بعنوان «لماذا وكيف صدرت القبس؟ بين الفكرة والتأسيس»، والثاني «حكايات من الوطن»، بينما جاء الفصل الثالث بعنوان «رسمت خطاً في حقول الألغام»، وحمل الفصل الرابع عنوان «ذهبت عائلتي إلى بيروت وبقيت تحت الاحتلال»، أما الأخير فكان «إلى جانب النهار وأشياء مهنية».

حمزة عليان : حرصت على العمل بعقلية الفريق بأن يكون البناء والأدوات وفق قواعد مراكز المعلومات والأبحاث

وفي تقديم للإصدار، تصدرت الكتاب كلمة لرئيس غرفة تجارة وصناعة الكويت السيد محمد جاسم الصقر، عنونها بـ «ابن المهنة ورجل التوثيق»، قال فيها: «لم تنقطع علاقتي بالزميل حمزة عليان في مرحلة ما بعد انتهاء مهمتي كرئيس لتحرير (القبس) من عام 1983 إلى 1999، بل كنت أرى فيه ذاك النشاط والعطاء المتجدد في مجال التوثيق والبحث والكتابة... فقد زاملني لمدة سبعة عشر عاماً وكان واحداً من الكوادر الذين أثروا تجربتنا بتطوير ونهضة (القبس) إلى جانب أقرانه من العاملين في الصحافة، فمركز المعلومات والدراسات الذي تولى إنشاءه وإدارته بلغ مستوى متقدماً في الأداء والإنتاجية يضاهي ما هو موجود في (الأهرام) و(النهار) و(الحياة)».

قمنا بعمل نسخة إضافية عن كل ميكروفيلم للصحيفة بحيث تكون إحداهما للاستخدام داخل الجريدة والأخرى في «خزائن الأمانات» ببنك الكويت الوطني

وأضاف الصقر: «كذلك دوره في إصدار القبس الدولي من لندن وهي تجربة غنية عززت من مكانة وتأثير (القبس) الأم ومساهماته التحريرية على مدى 47 سنة من عمله في (القبس) و(الجريدة)، لقد أظهر لنا قدرات مهنية عالية لا سيما في مجال التأليف وإصدار مجموعة من الكتب المرجعية ذات المصداقية والقيمة التاريخية»، وعلى هذه الشاكلة وبتلك القيمة «جاء هذا الكتاب الذي يروي فيه فصولاً من سيرته الصحفية وفي عدد من المؤسسات التي عمل فيها ومن بينها القبس والجريدة، ونتمنى له المزيد من العطاء».


غلاف الإصدار غلاف الإصدار

ورشة عمل

وعن ظروف الإصدار، يقول عليان إنه في أثناء فترة الحظر الذي فرضته جائحة العصر «كوفيد 19» وما أوجبته من بقاء في المنزل طوال شهر كامل عام 2020 «ألزمت نفسي ببرنامج يومي كي لا أشعر بالملل أو الضجر، وبينما كنت في خضم ورشة عمل لترتيب أوراقي والملفات التي تراكمت في مكتبتي الخاصة عبر سنوات العمل، ولم يكن عندي الوقت الكافي للنظر في أحوالها... في تلك الأجواء جاءتني فكرة الكتاب، فلماذا تبقى حبيسة الأدراج؟».

وأضاف: «أشركت أبنائي في المشروع فوجدت الترحيب والتشجيع، فمنهم من حثني على كتابة حكايات حصلت معي أثناء رحلتي مع الصحافة، لها قيمة ومعنى وفيها شيء من الإثارة والغرابة، فسألته: لماذا التركيز على هاتين النقطتين؟ أجابني: لأن الناس تريد أن تتعرف إلى تلك الجوانب في حياتك المهنية. وبالفعل شرعت في الكتابة، وكلما راودتني فكرة صحوت باكراً لتدوينها، وهكذا يوماً بعد يوم وشهراً بعد شهر، إلى أن تجمعت عندي الأفكار وصار بالإمكان إصدارها في كتاب يحكي عن تجربتي وأهم المحطات التي لازمتني في تلك التجربة».

تعلمنا الدرس من الاحتلال عبر التفكير بطريقة احتمال حدوث كارثة لا قدر الله في أي وقت

ويرى عليان أن ما كتبه في هذا الإصدار ليس مذكرات ولا سيرة، «بل صفحات من الذاكرة وأوراق من العمر كنت أحرص على تسجيلها والاحتفاظ بها، تناولت جوانب منها، وما قد ينفع الناس وأهل المهنة والأصدقاء والأبناء، وتركت ما عداه في طي النسيان».

مركز المعلومات والدراسات

ويفتتح عليان الإصدار عن علاقته بمركز المعلومات ويقول ضمن هذا الإطار: «في اليوم الأول من دخولي مبنى القبس الكائن في شارع الصحافة بمنطقة الشويخ استقبلني مدير التحرير الأستاذ رؤوف شحوري وكان ذلك يوم 14/5/1976 بعدما أنهيت عقد الاتفاق قبل وصولي إلى الكويت، قادماً من بيروت حيث كنت أعمل في صحيفة السفير اللبنانية طلب مني الجلوس مع الدكتور حسنين (نسيت اسم عائلته)، وهو أستاذ جامعي مصري يتولى إدارة قسم الأرشيف، للوقوف على الوضع القائم مشيراً إلي بالابتعاد عن توجيه أي أسئلة محرجة له! بعد ساعة تقريباً من جلسة التعارف أدركت أن هذا القسم يدار بعقلية «أنا فقط من يملك مفتاح تشغيله» يعني أشبه بصاحب دكان! رجعت صباح اليوم التالي والتقيت بمدير التحرير وتوافقنا على أن نعمل بعقلية الفريق والمؤسسة، أي أن يكون البناء والأدوات المستخدمة وفق قواعد مراكز المعلومات والأبحاث... وكانت تلك نقطة الانطلاقة».

خطوات التأسيس

وتابع: «أولى خطوات التأسيس عام 1976 متواضعة لكنها اللبنة الأولى في مدماك البناء... شرعت في تجهيز وإعداد بطاقات التكشيف اليدوية بحيث يتم تخصيص بطاقة لكل محرر وكاتب مع عنوان الموضوع ورقم الصفحة وتاريخ النشر وهو عمل يدوي... أما فيما يخص الصور الواردة من وكالات الأنباء أو المصورين فالتزمنا بوضع ختم على كل صورة مع تعريف بالمناسبة والأسماء والتاريخ. حاولنا تنظيم أدوات التوثيق الأساسية والتي توزعت على الصور وتكشيف المواد المنشورة وترتيب المعلومات حسب التسلسل الهجائي للدول مع تصنيفات موضوعية، كان عدد العاملين في هذا القسم لا يتجاوز الاثنين وهما سيدتان مصريتان فاضلتان الأولى الأنسة ناهد دسوقي انتقلت بعدها لتصبح سكرتيرة مدير التحرير والثانية مدام إلهام صدقي».

حفظ واسترجاع المعلومات

وأشار إلى أنه «في عام 1977 توسعنا قليلاً بالمساحة التي نشغلها وبزيادة عدد العاملين وبدأنا بأرشفة المواد المنشورة في القبس والصحف الكويتية الأربع بانتقاء أهم الموضوعات والتي تشكل مصدراً من مصادر المعلومات، كانت الطريقة المستخدمة في حفظ واسترجاع المعلومات تعتمد بشكل كلي على أنظمة وخطط التصنيف اليدوية وطرق تقليدية بالحفظ، ومع صعوبة هذا الوضع اتجهنا لدراسة الوسائل المتاحة لميكنة عمليات الحفظ لصفحات الجريدة والوثائق واسترجاعها آلياً».

العراقيون وزعوا محتويات مركز المعلومات على مجلة «ألف باء» العراقية وصحيفتَي الجمهورية والثورة

وأضاف: «كنا أول صحيفة كويتية تنشئ قسماً خاصاً للميكروفيلم عام 1978 اتجهنا إلى تصوير القبس كأعداد كاملة على أفلام ميكروفيلمية قياس 35 ملم بحيث يحمل كل فيلم أعداد شهر كامل، بعد شراء الأجهزة والمعدات وتدريب موظفين متخصصين عليها، نظراً لقيامنا بالعمليات الفنية الكاملة، وفي هذا الصدد اتخذنا قراراً بعمل نسخة إضافية عن كل فيلم بحيث تكون إحداهما للاستخدام داخل الجريدة والأخرى يتم حفظها وإيداعها في خزائن الأمانات ببنك الكويت الوطني».

مجلس التخطيط

وتابع: «بادرنا إلى التنسيق مع مجلس التخطيط والذي كان يعمل على تصوير أعداد الصحف وحفظها بواسطة الميكروفيلم. أتممنا دورة تدريبية لدى أصحاب الصحف الكويتية التي كانت تصدر في حينه وهي: السياسة والوطن والأنباء والرأي العام للقيام بمبادلة الأفلام الميكروفيلمية بين كل صحيفة وأخرى بعد أن قدمت اقتراحاً إلى رئيس التحرير يقضي بتوجيه رسائل إلى أصحاب الصحف بغرض التعاون المشترك بعيداً عن أجواء المخاصمات والمنافسات وهذا التدبير حمى تواصلنا مع جريدة القبس من الضياع خاصة بعد أن تم نهب محتويات الصحيفة على يد الاحتلال العراقي عام 1990. وكذلك عمل اشتراك ميكروفيلمي بالجريدة الرسمية الكويت اليوم والتي صدرت عام 1954».

صفحات العدد

وفيما يتعلق بتطوير الفكرة، يشرح عليان: «استمر العمل بتصوير أعداد صحيفة القبس ميكروفيلمياً حتى الأول من شهر يوليو 2007 بعد أن توفرت طريقة جديدة أكثر وضوحاً وأماناً بواسطة جهاز C.T.P لحفظ وتخزين صفحات العدد اليومي كاملة.. عملياً، تلك الأفلام الميكروفيلمية جرى تحويلها الى Digital بحيث يسهل استخدامها ومطالعتها عند الحاجة إليها. وباتت صفحات القبس منذ عام 1972 إلى عام 2006 مصورة على أفلام ميكروفيلمية ومحولة إلى Digital بصيغة Tiff وفي العام 2006 وهي فترة الانتقال من نظام الميكروفيلم إلى نظام الـ PDF تم الاحتفاظ بنسختين واحدة عبارة عن تصوير كامل للصفحات وأخرى لا تظهر فيها الإعلانات، أما الفترة الواقعة بين 2007 و2019 فقد أصبحت كل صفحات الجريدة مصورة (pdf) إضافة الى التسعة عشر عاماً والممتدة من 1999 إلى 2019 حفظت الصحيفة بصيغة Text، إلى جانب الميكروفيلم استخدمنا آلية جديدة لحفظ الصور الملونة (slides) وبقياسات مختلفة وكان هذا النمط من إنتاج الصور الملونة هو الأحدث وضعنا له بطاقات للفهرسة للوصول الى الصور المطلوبة وفي خزائن جديدة ودوارة ومتحركة».

ويعود عليان إلى شرح طريقة العمل في الأرشيف، ويقول: «فترة السبعينيات كان العمل بحفظ واسترجاع المعلومات والصور يتم بالطريقة اليدوية، لصق القصاصات الصحفية على ورق حجم A4، بعدها يجري تحديد مكانها بالملفات المصنفة بحسب ترتيب أسماء الدول والموضوعات العامة ووفق تصنيف عام معمول به على قاعدة رؤوس الموضوعات - قائمة رؤوس الموضوعات للخازندار - ومع صعوبة هذا الوضع والاستمرار فيه، ونظراً لمتطلبات عمل الصحيفة وظهور أدوات تكنولوجية جديدة، أطلقنا اسم مركز المعلومات والدراسات بدلاً من قسم الأرشيف، فالصفة هنا والوظيفة أشمل، تتناسب وطبيعة الدور المؤمل منه وكنا نحاكي ما يجري في أهم المؤسسات الصحفية بالعالم العربي».

وتابع: «جرى تنظيم هذا المركز أوائل الثمانينيات وتقسيمه إلى أربع وحدات رئيسية تضم وحدة المكتبة ووحدة الصور ووحدة المعلومات والأبحاث ووحدة الميكروفيلم والكمبيوتر، وجرى توظيف مجموعة من الأشخاص من ذوي الكفاءة والخبرة، هذه النقلة كانت لها مسبباتها، فمسمى الأرشيف كما نراه يعني مجموعة الوثائق العامة التي لها علاقة بأعمال أي جهاز إداري وتطلق على المكان الذي توضع وتحفظ فيه الوثائق... استبدلت الكلمة بمسميات أخرى على غرار قسم المعلومات الصحفية أو مراكز المعلومات والدراسات. ومصطلح الأرشيف لا يعطي صورة واضحة لأقسام المعلومات الصحفية والتوثيق الصحفي وطبيعة المواد والمحتويات، والأهداف والخصائص المستجدة، في حين أن مراكز المعلومات الصحفية تؤدي وظائف عديدة أهمها إضافة إلى العمليات الفنية، المساهمة بإعداد وكتابة الأبحاث والتقارير ونشرها في الصحيفة. فقد تعدت صلاحيات وخصائص مراكز المعلومات الصحفية عمليات التزويد والاختيار والقص والحفظ والتكشيف واسترجاع المعلومات وعمليات التصنيف والفهرسة إلى ما يعرف بإنتاج المعلومات وعمل الأبحاث ونشرها سواء بالصحيفة أو بإصدار الكتب أو بعمل تقارير أو بدعم المادة التحريرية (مركز المعلومات والدراسات في الأهرام والنهار والسفير على سبيل المثال)».

ويؤكد عليان: «إن مراكز المعلومات والدراسات الصحفية معنية بالتوثيق والفهرسة والحفظ والاسترجاع كما هي معنية بخدمات المعلومات وكتابة ونشر الأبحاث والتقارير التي تقوم بها كجزء رئيسي من أعمالها، بغرض الاستفادة من ثروة المعلومات المتوفرة لديها. وقد أضيفت المكتبة إلى أقسام مراكز المعلومات كعنصر رئيسي ورافد للمعلومات بينما لم تكن كذلك في عصر الأرشيف الصحفي».

وأضاف: «عملياً بات مركز المعلومات جزءاً من إنتاج دورة العمل التحريرية في الصحيفة، وتولى في الثمانينيات المشاركة في إصدار ملفات عبارة عن أربع صفحات داخل العدد تحت مسمى قضية الساعة، تتناول بالتحليل والمعلومات أبرز القضايا الساخنة، وتعالج أهم الأحداث ذات التأثير في العالم والمنطقة العربية، صدر منها أكثر من 16 ملفاً، الأمر الآخر المساهمة بإصدار ملف القبس، وكان ذلك عام 1979، وهو أشبه بمجلة أسبوعية من حيث الحجم تتضمن حدثاً ضخماً وتوزع مجانا مع الصحيفة اليومية، وصدر حينها عددان الأول يحمل اسم سقوط الإمبراطورية الإيرانية، والثاني يحمل اسم دولة السادات الفلسطينية، وكان ذلك تحت إشراف الكاتب اللبناني هنري حاماتي، وعملنا على إضافة مصادر متنوعة للمعلومات الصحفية، وضاعفنا اشتراكات الصحف العربية والمجلات إلى أن وصلت لما بين 15 و20 صحيفة ومجلة عربية يومياً، تتم قراءتها واختيار الموضوعات التي تخدم المركز وجهاز التحرير والباحثين».

خدمة مهنية

وعن أهمية دور مركز المعلومات، قال: «تعدى حدود الخدمة المهنية للصحيفة، ليشمل قطاعات واسعة من الباحثين الذين يفدون إليه للحصول على ما يريدونه من معلومات، وبات مقصداً لطلبة الجامعات وإعداد رسائل الماجستير والدكتوراه. دخلت خدمة البحث وكتابة التقارير الإعلامية في صلب العمل التحريري للصحيفة، بإعدادها وتحريرها للنشر وبحسب طبيعة الحدث فمثلاً عندما دخلت إسرائيل عام 1982 بيروت واحتلت العاصمة كنا نرفد الصحيفة بدراسات وأبحاث لها صلة بما يجري على الأرض، وعندما زار الرئيس المصري السادات إسرائيل عام 1977 وصولاً إلى كامب ديفيد وإبرام عقد الصلح عام 1979 أعددنا دراسات وتقارير تخدم القارئ وتوسع مداركه بالحدث، وتضفي على الصحيفة المصداقية والثقة، فالافتتاحيات التي نشرت بعد مرور سنة على كامب ديفيد اعتمدت وبشكل رئيسي على ما أعده مركز المعلومات وتحت عنوان ما نفذ وما لم ينفذ».

الانتفاضة الفلسطينية

وتابع: «وفي الانتفاضة الفلسطينية الأولى، انتفاضة الحجارة كان لمركز المعلومات الدور الحيوي بإصدار كتاب هدية للقراء يوثق ما حصل ويعطي خلفية عن تاريخ الصراع الفلسطيني الإسرائيلي. كان العمل يسير في خطين متوازيين خط يتصل بعمليات الفهرسة والتوثيق وتنمية مصادر المعلومات والحفظ وآخر يسهم في إعداد التقارير والدراسات وخدمة المعلومات للصحيفة وللباحثين، وصار مركز المعلومات مرجعاً للمحررين والكتاب والعاملين فيها بحيث يوفر لهم ما يحتاجونه وكان أحد الأقسام التحريرية على الصعد كافة».

«عالم الميكنة»

وحول دخول عالم الميكنة إلى عمل المركز قال: «لم نتأخر عن الدخول في عالم الميكنة، عملنا على توفير مجموعة من البرامج محملة على CD-ROM، وتختص بالقرآن الكريم والأحاديث ودليل الشركات الكويتية والخرائط الجغرافية والموسوعات العلمية والقوانين والمراسيم والتشريعات الكويتية، وكانت تلك الأعمال بمثابة البنية التحتية التي نستند إليها، وترسخت أساسيات القواعد التي نعمل وفقها وإلى حد كبير، فالمكتبة بنيت على أسس علمية بالفهرسة ونظام ديوي العشري وبعمل بطاقات للبحث، والحرص على تزويدها كل سنة بمراجع وكتب وإصدارات يتم شراؤها من معرض الكتاب العربي السنوي ومن دور النشر العربية والعالمية. أخذنا بالتصنيفات الموضوعية المعمول بها في مراكز المعلومات الصحفية وهي تصنيفات وضعها مختصون وأكاديميون في مجال الإعلام ومطبقة في عدد كبير من مراكز البحوث».

وتابع: «عام 1984 كانت لنا جولة ميدانية لمواقع العمل في صحيفة الأهرام، شملت مركز التنظيم والميكروفيلم ومركز الدراسات الاستراتيجية ووحدة التكشيف والتوثيق، وترجمت الزيارة بوضع خطة تصنيف جديدة لقسم المعلومات والبدء بعمل كشاف للقبس، وتهيئة بيئة العمل التي من شأنها الانتقال الى المكننة».

الغزو العراقي

وعن فترة الغزو العراقي للكويت، قال: «في عام 1990 وقع الغزو العراقي علينا كالصاعقة. لم يدر بخلدنا يوماً أن ما بنيناه يمكن أن يُسرق أو يُنهب على يد نظام عربي محتل وجار للكويت، عاودت (القبس) الصدور يوم 17/6/1991 بعد التحرير بأشهر معدودة، وبدأنا رحلة البناء من حيث ما تركه لنا العراقيون، فقد احتلوا مبنى (القبس) طيلة السبعة أشهر، وأصدروا منها صحيفة حَمَلَتْ اسم (النداء) توقفت مع الأيام الأولى للضربة الجوية لقوات الحلفاء، فما كان منهم إلا أن عاثوا في الأرض فساداً، وراحوا يفككون المكائن والأجهزة لنقلها إلى بغداد».

وتابع: «حصيلة الغنائم من (القبس) التي استولوا عليها فاقت التصورات، فقد تعرَّض مركز المعلومات لعملية نهب مبرمجة، وعلى يد محترفين، فقد أسرعوا في آخر أيامهم، وأثناء الضربة الجوية، إلى سرقة ثلث محتويات مركز المعلومات وقاموا بتوزيعه على مجلة (ألف باء) العراقية، وصحيفتَي الجمهورية والثورة في بغداد، وشملت 4500 کتاب تم انتقاؤها، و13 ألف بطاقة لشخصيات بقسم الصور محفوظة بأدراج حديدية وموضوعة بمغلفات تحمل أرقاماً مسلسلة، يقدَّر عدد الصور الإجمالي فيها بـ178 ألف صورة، كل ملفات الدول (بوكس فايل)، والتي تبدأ من حرف الألف، وتصل إلى حرف السين- الدول مرتبة بالملفات وفق الحروف الهجائية، تقدَّر بـ 450 ألف وثيقة. هذا بخلاف أجهزة الكمبيوتر والاسكنر والتصوير والميكروفيلم».

مرحلة جديدة

وأضاف: «قُمنا بجردة الخسائر. كان أمامنا تحديات وضعتنا جميعاً أمام مسؤولياتنا المهنية والوظيفية، وتعلمنا الدرس. الاحتلال أفادنا بطريقة التفكير، والعمل على أن الغزو يمكن أن يعود ثانية، لا سمح الله، أو نتعرَّض لأي هزة أو كارثة، وعليه كان المطلوب أن نضع تلك الاحتمالات أمام أعيننا، وهنا لابد من القول إن ما أقدمنا عليه قبل الغزو بتصوير الصحيفة على ميكروفيلم وحفظ الأفلام كوديعة بخزائن البنك الوطني، كان الفرحة الكبرى لنا، بحفظ أعداد الصحيفة من التلف والضياع، وكذلك الأمر بالنسبة لبطاقات التكشيف والصور والمكتبة. الصدمة التي أحدثها الغزو ألزمتنا التفكير بنقلة نوعية نسترد فيها شيئاً مما فقدناه من غزو أظهر مهارة فائقة بفن تفكيك المؤسسات وسرقة محتوياتها. كان علينا إعادة تأهيل المركز مباشرة، والشروع بالدخول في مرحلة جديدة».

وأردف: «توجهنا إلى استخدام أحدث التقنيات المتوافرة من برامج وأجهزة كمبيوتر واتصالات، في إطار خطة مكننة عمليات الحفظ والاسترجاع. أول مهمة قُمت بها كانت كيف نُعيد البناء؟ ومن أين نبدأ؟ حصلت على موافقة رئاسة التحرير، وبتشجيع خاص من الأستاذ محمد جاسم الصقر، لعمل ما يلزم».

محتوى فصول الإصدار

يتكون الإصدار من 5 فصول، حيث جاء في فصل «حكايات من الوطن» مجموعة مقالات، وهي: يوم رأيت فيه البحر بصحبة سيارة أبوعزات، سليم اللوزي، و«الحوادث» خيمتي الكبرى، كدْنَا نذهب للموت بسبب «الكوفيه» و«الكلاشنيكوف»، مشهد لا ينسى بعد حرب 5 حزيران 1967، اليهودي «مزراحي» قادني إلى قصر العدل.

وفي فصل «رسمتُ خطاً في حقول الألغام»، كتب: «لا تقترب من الماسونية، حياتك في خطر، الخرائط الجغرافية أيام حرب الثماني سنوات، سَنَدُك (أتاتورك) بصواريخ الحسين! ممر الدبابات باتجاه البصرة، خلّي عينك على الملحق الإعلامي العراقي».

ومما كتبه في فصل «إبحار وسط العواصف والنكبات»: «ذَهَبَتْ عائلتي إلى بيروت، وبقيت تحت الاحتلال، عشرة أيام تحت الاحتلال العراقي، قصتي مع عبدالكريم قاسم وبينهما الكويت، من الكويت (المحتلة) باتجاه لبنان... ويا قلبي لا تحزن، أمام حقل (برقان)، وهو يقذف حممه».

وفي فصل «إلى جانب (النهار) وأشياء مهنية»: مقالب تورط بها أهل الصحافة، مواقف محرجة حدثت لي في تركيا، عنوان بالمقلوب جعل عبدالناصر عميلاً أميركياً، ظاهرة جديدة كنت أجهلها، 60 عاماً من حياته عاشها بالوهم، يوم دخلت السجن ويوم وصلته زائراً.

back to top