فهم اللغة السواحيلية كلغة مشتركة

نشر في 21-08-2023
آخر تحديث 20-08-2023 | 20:55
 السفير سعيد شعيب موسى

احتفلت سفارة جمهورية تنزانيا المتحدة لدى دولة الكويت بالتعاون مع توك كالتشر هاب في الكويت، في 7 من يوليو 2023، باليوم العالمي للغة السواحيلية في احتفالها للعام الثاني الذي أقيم في مقر الرئيسي لتوك كالتشر هاب بمدينة الكويت والذي حضره 150 مشاركاً تقريباً.

يعود سبب اختيار 7 من يوليو، إلى يوم عالمي للسواحيلية عندما أعلن الراحل مواليمو جوليوس كامباراج نيريري، الرئيس السابق لجمهورية تنزانيا المتحدة، في 7 يوليو 1954 أن السواحيلية أداة مهمة في الكفاح من أجل الاستقلال، وفي المنظور المؤقت لتعدد اللغات نمت اللغة السواحيلية كأداة أساسية في التواصل المتناغم بين الناس في جميع أنحاء العالم.

نظراً للنمو الكبير في اللغة السواحيلية، رحبت الجمعية العامة للأمم المتحدة، من خلال قرارها 71/ 328 المؤرخ 11 سبتمبر 2017، بشأن تعدد اللغات، بتنفيذ يوم مخصص لكل لغة من لغاتها الرسمية من أجل الإعلام والتوعية بتاريخهم، والثقافة والاستخدام، وشجع الأمين العام والمؤسسات مثل اليونسكو على النظر في توسيع هذه المبادرة المهمة لتشمل اللغات غير الرسمية الأخرى المستخدمة في جميع أنحاء العالم، إذ يعد التنوع اللغوي وتعدد اللغات من المجالات ذات الأهمية الاستراتيجية التي تروج لها اليونسكو في جميع مجالات ولايتها، من خلال نهج متعدد التخصصات يشمل جميع القطاعات المبرمجة.

أعلن المؤتمر العام لليونسكو في دورته الحادية والأربعين في عام 2021 يوم 7 يوليو يوما عالمياً للغة السواحيلية، وأقيمت الاحتفالات الافتتاحية باليوم العالمي للغة السواحيلية في عام 2022، في مقر اليونسكو وفي جميع أنحاء العالم، تحت شعار: «السواحيلية من أجل السلام والازدهار»، وتم الاحتفال 2023 من اليوم العالمي للغة السواحيلية تحت شعار «إطلاق العنان لإمكانيات اللغة السواحيلية في العصر الرقمي».

يمكن إرجاع أصل اللغة السواحيلية إلى قرون عديدة، من خلال التفاعلات بين المجتمعات الساحلية الإفريقية والتجار العرب، وخصوصاً على طول الساحل الشرقي لإفريقيا، ويأتي اسم «السواحيلية» من كلمة عربية «سواهيلي»، وهي صفة جمع تعني «الساحل»، ومع وجود أكثر من 200 مليون مستخدم نشط، أصبحت اللغة السواحيلية معروفة الآن كواحدة من اللغات الرسمية للاتحاد الإفريقي (AU)، مجموعة التنمية لإفريقيا الجنوبية (SADC) ومجموعة شرق إفريقيا (EAC)، لذلك برزت اللغة السواحيلية كركيزة لا غنى عنها للتكامل الثقافي والاقتصادي في إفريقيا، بما في ذلك تنفيذ اتفاقية التجارة الحرة القارية الإفريقية (ACFTA)، كما تم الاعتراف بالسواحيلية كأداة مهمة في سعي إفريقيا لتحقيق أهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة 2030 (SDGs) وأجندة الاتحاد الإفريقي 2063.

بحلول عام 2030، من المتوقع أن يشكل الشباب الأفارقة 42٪ من شباب العالم، نظراً لأن غالبية هؤلاء الشباب سيتحدثون اللغة السواحيلية، فمن المهم أن يتم تطوير الموارد الرقمية وأدوات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات الماهرة للشباب لتعزيز الاستخدام الفعال لهذه اللغة، ويوفر السكان الشباب في القارة فرصة هائلة في العصر الرقمي ويجب أن يكونوا مجهزين بالموارد والأدوات الرقمية المناسبة لتعميم اللغة السواحيلية، ويمكن أن يقدم هذا أساسا جيدا لتسخير العائد الديموغرافي للشباب والمساعدة في التنقل في إفريقيا للاستفادة من الثورة الصناعية الرابعة والخامسة.

الأشخاص الناطقون باللغة السواحيلية هم من مجموعات عرقية متنوعة يستخدمون اللغة السواحيلية كلغتهم الأم أو لغتهم الأولى، في حين فيما يتعلق بالآخرين هي بمنزلة لغة مشتركة، وهي لغة تجارية تستخدم لسد فجوات الاتصال بين الأشخاص من مختلف اللغات الأولى.

لذلك، فإن اللغة السواحيلية هي إحدى اللغات الإفريقية التي يبلغ عدد المتحدثين بها أكثر من 200 مليون شخص، والمعترف بها من بين اللغات العشر الأكثر انتشاراً في العالم- والتي تم قبولها للاستخدام في تكنولوجيا المعلومات والاتصالات- التي تؤدي دوراً مهماً في استخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصالات. اكتسبت اللغة السواحيلية شعبية تتجاوز حدودها التقليدية في إفريقيا وتكتسب شعبية ودعما في أميركا وأوروبا والشرق الأقصى، حيث يتم تدريسها في العديد من الجامعات، كما تستخدم اللغة السواحيلية دوليا في البث والإعلان والنشر، لذلك فإن اللغة السواحيلية هي وسيلة مهمة لنشر تصميم واستخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصالات.

يكتسب العديد من الأفارقة حالياً مهارات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات باستخدام اللغات الأجنبية، ونظراً لأن نسبة كبيرة من السكان لا يتحدثون لغات أجنبية، فإن لديهم فرصة محدودة للاستفادة من ثورة تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، لذلك هناك حاجة ماسة لتطوير وتعزيز استخدام الخدمات والموارد الرقمية باللغات المحلية، وفي ظل هذه الخلفية عززت احتفالات هذا العام الشمولية وزيادة إمكانية الوصول وسد الفجوة الرقمية في إفريقيا باستخدام اللغة السواحيلية.

السواحيلية هي أول لغة إفريقية في كل إفريقيا تُستخدم في أجهزة الكمبيوتر، وتأثر اختيار السواحيلية من قبل مطوري البرمجيات، بما في ذلك Microsoft وLinux، بأسباب مختلفة، إلى جانب شعبيتها، وبساطتها في التعلم، والاعتراف بها واستخدامها على نطاق واسع في إفريقيا واكتساب شعبية ودعم في الشرق الأوسط وأميركا وأوروبا ودول الخليج.

سيساهم إطلاق العنان لإمكانات اللغة السواحيلية في العصر الرقمي بالتأكيد في إثراء قيم اليونسكو مثل تعزيز السلام والثقافة والحوار بين الثقافات، وتعد التعددية اللغوية ضرورية للتواصل المنسجم بين الشعوب لأنها تعمل كأداة للتفاهم الدولي والتسامح والحوار، وتؤدي اللغات دوراً حيوياً في التنمية، ليس في ضمان التنوع الثقافي والحوار بين الثقافات فقط، ولكن أيضاً كأداة تساهم في توفير تعليم جيد للجميع وتعزيز التعاون، فاللغات أساسية في بناء مجتمعات المعرفة الشاملة، والحفاظ على التراث الثقافي، وتسخير العلم والتكنولوجيا من أجل التنمية المستدامة، وبالتالي إذا كنا نسعى جاهدين لإنشاء إفريقيا متصلة رقميًا، فإن اللغة السواحيلية هي المفتاح.

أقيمت نسخة 2023 من اليوم العالمي للغة السواحيلية تحت شعار «إطلاق العنان لإمكانيات اللغة السواحيلية في العصر الرقمي» إدراكاً للدور المتزايد الأهمية للمعلومات والاتصالات والتكنولوجيا (ICT) في تحقيق أهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة 2030، (SDGs) وجدول أعمال الاتحاد الإفريقي 2063، وسيتم تسليط الضوء على اللغة السواحيلية كوسيلة لتسخير تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، مع الأخذ في الاعتبار العائد الديموغرافي للشباب الإفريقي، وقد أدى الاستخدام المتزايد للإنترنت وغيرها من التقنيات الرقمية إلى تغيير المجتمعات التي يمكن أن يكون لها تأثير دائم على اللغة، وبالمثل يجب استخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصالات كأداة لتعزيز استخدام اللغة السواحيلية على الصعيد العالمي.

في الختام، ستواصل سفارة جمهورية تنزانيا المتحدة لدى دولة الكويت دورها ومسؤوليتها لتعزيز قيم وأفكار وفلسفة اللغة السواحيلية الشهيرة في دولة الكويت بين مختلف الفئات من خلال برامج التواصل الاجتماعي وورش العمل وغيرها من الأنشطة الثقافية، علاوة على ذلك يعد فهم اللغة السواحيلية ميزة إضافية للمهتمين بزيارة منطقة شرق إفريقيا وتنزانيا على وجه الخصوص.

* سفير جمهورية تنزانيا المتحدة لدى دولة الكويت.

back to top