خاص

منير عتيبة: الكتابة سؤال دائم يؤرق المبدعين

• قاد فريقاً أدبياً مصرياً للفوز بمسابقة «الساردون العرب يغردون»

نشر في 18-08-2023
آخر تحديث 17-08-2023 | 20:45
الأديب منير عتيبة و غلاف أحد أعماله
الأديب منير عتيبة و غلاف أحد أعماله
بين الكتابة الأدبية، والمشاركة الفاعلة في الأنشطة الثقافية، يتوزع إبداع الأديب منير عتيبة، فهو القاص والروائي والناقد الذي صدر له أكثر من 50 كتاباً، وهو مؤسس ومدير مختبر السرديات في مكتبة الإسكندرية، الذي استضاف العديد من الكُتاب والأدباء المصريين والعرب، وقدَّم من خلاله مواهب إبداعية أثرت الحياة الثقافية. وقاد عتيبة أخيراً فريقاً أدبياً مصرياً لخوض منافسات المسابقة العربية الدولية للقصة القصيرة، التي أعلنها نادي الساردون يغردون، في نسختها الأولى العام الحالي، على موقعه الإلكتروني، وفاز بالمركز الأول على 14 فريقاً، من 14 دولة شاركت في المسابقة. وفي حواره مع «الجريدة»، تحدَّث عتيبة عن أحوال الأدب العربي من منظور استضافته للمبدعين في مختبر السرديات بمكتبة الإسكندرية، كما تحدَّث عن أحدث إبداعاته، وأعماله، ومسيرته، وإلى تقاصيل الحوار:

• مؤسس ومدير مختبر السرديات بمكتبة الإسكندرية... كيف تنظر لهذا المشروع الثقافي منذ إنشائه؟ ومدى استفادة المثقفين منه؟

- بدأ مختبر السرديات بمكتبة الإسكندرية في ديسمبر 2009، ومستمر حتى الآن بندواته ومؤتمراته، وورش العمل والمسابقات التي ينظمها، والمطبوعات التي ينشرها، إذ تصل فعالياته السنوية في المتوسط إلى حوالي مئة فعالية مختلفة، وقد حقق الكثير من أهدافه، بمد جسور بين الأجيال المختلفة، وبين النقاد والمبدعين في مصر والدول العربية والأجنبية. كما ساهم في تأسيس عدد من مختبرات السرد العربية الأخرى، وتعاون معها، مثل مختبرات السرد الأردني والعماني والبحريني والفلسطيني والعراقي وغيرها. ونحلم معاً بإنشاء اتحاد مختبرات السرد العربية، ليكون مظلة للتعاون البنَّاء بين كل المهتمين بالسرد العربي.

• ما خصوصية المشهد الثقافي في عروس البحر المتوسط؟

- كانت الإسكندرية هي العاصمة الثقافية الثانية بعد القاهرة، وقد مر عليها حين من الدهر توارى فيه عطاؤها، وتضاءل حجم إسهامها الثقافي، رغم وجود العشرات من المبدعين السكندريين من الأجيال المختلفة، وفي كل المجالات الفنية والأدبية يثرون الحركة الثقافية بمصر والعالم العربي من خلال وجودهم بالقاهرة، وهنا أشير إلى من يعيشون بالإسكندرية، ويقدمون عطاءهم من دون أن يغادروا مدينتهم. من يتابع الحركة الثقافية بالإسكندرية في السنوات الأخيرة، ربما منذ بداية القرن الحادي والعشرين، سيجد نهضة كبيرة، وحراكاً ثقافياً ملحوظاً، لا يقتصر على المجتمع السكندري والمصري، بل تعداه إلى العالم العربي، وربما خارج العالم العربي أيضاً، فقد قدمت الإسكندرية، ولا تزال، العديد من الأسماء والأعمال والأنشطة التي ترسخ لمكانتها الثقافية، بل استعادت ريادتها في أعمال معينة، كأن تصدر بها أول مجلة ثقافية مصرية على الإنترنت في أواخر القرن الماضي، وهي «أمواج سكندرية»، وينظم بها في عامي 2009 و2011 أول مؤتمرين مصريين للثقافة الرقمية، وفي 2013 أول مؤتمر مصري عربي للقصة القصيرة جداً، وغير ذلك الكثير.

لا أقول إن الإسكندرية حالياً تنهض، بل نهضت بالفعل، وتعمل على أن تظل في حالة حراك دائم ومثمر.

مراحل إبداعية

• أعمالك الإبداعية كثيرة، وتزيد على أكثر من 50 عملاً إبداعياً... كيف تصف هذه الرحلة؟

- أستمتع بعملية الكتابة، بكل مراحلها، وبالذات مراحل ما قبل الكتابة، بزوغ الفكرة، والإمساك بها في الذهن، قبل أن تراوغ وتفلت ضائعة للأبد، معايشتها وهي تكبر وتتوسع وتتعمق، حتى لربما تتحول إلى شيء مختلف عما كان في بدايتها، ثم مرحلة البحث، فلا كتابة من دون بحث ما، بشكل أو بآخر، ثم تأتي الكتابة التي هي أهون المراحل بالنسبة لي وأكثرها تعباً كالعبء، تليها مرحلة المراجعة وإعادة الصياغة، وهي ربما تستغرق وقتاً أطول من الكتابة نفسها. الكتابة متعة شاقة، ومشقة ممتعة، والأدب عموماً هو سؤال دائم يؤرق المبدعين ويولد أسئلة، وإذا تجرأ على وضع إجابات واضحة أو نهائية، فربما يُخرجه هذا من مجاله الأصلي.

البيئة والطفل

• ماذا عن إبداعكم الجديد (القط الأخضر)؟

- هو أحدث كُتبي في مجال أدب الطفل، «كوميكس» رسمته الفنانة سمية سعد، يحتوي على ثلاث مغامرات، وهو يحاول أن يناصر البيئة الخضراء، من خلال مغامرات القط الأخضر الذي يخوض حروباً ضد أعداء البيئة وينتصر عليهم، ليرسخ مفهوم المحافظة على البيئة في نفوس الأطفال.

المجالس العتيبية

• كتابكم «المجالس العتيبية مئة مجلس ومجلس» نود الحديث عن أهم ما يتضمنه.

- هذا الكتاب حالة روحية، ليتها دامت، غير مخططة، وغير بحثية، حالة تستبطن الذات والروح في علاقتها بالوجود بمستوياته المختلفة، بداية من المعاملات اليومية إلى أسئلة الوجود الكبرى، في إطار حواري حكمي بين المريد وشيخه، وكان من حظي الحسن أن أنتج الكتاب الورقي صوتياً أيضاً بصوتي كمريد وصوت الفنان الكبير عبدالعزيز مخيون كشيخ، وهو ما جعله يصل إلى عدد أكبر من المستمعين، وعندما يطلب مني بعض من أحبوا هذا الكتاب جداً، وهم كثيرون ومنهم أستاذ مخيون نفسه، أن أكتب جزءاً ثانياً منه، أقول يا ليت. أتمنى أن أكتب أجزاء، وليس جزءاً واحداً فقط، لكن هذه الكتابة بالذات تناديك بنفسها، ولست أنت من تكتبها أو تمسك بتلابيبها. أهم ما في الكتاب بالنسبة لي الحالة الروحية التي جعلني أعيشها، وأتفيأ ظلالها الوارفة وأنسامها العطرة، والتي انتقلت عبر الكلمات والصوت لقراء الكتاب ومستمعيه.

الجوائز لا تصنع مبدعاً وتأثيرها الأكبر تسويقي

تقنيات السرد

• لك إسهامات عديدة في مجال أدب الطفل، منها المسرحي... أين أنت الآن منه؟

- صدر لي في السنوات الأخيرة عدد من الأعمال للطفل، منها: «سلسلة نوجا في العمل، تبسيط علوم، وورق النتيجة، وسنة سعيدة» وغيرها، والكتابة للأطفال إشكالية للغاية، لأنها إما أن تمس الطفل وتجذبه، أو لا تمسه منذ البداية، ولا وسط بينهما، نجاح تام، أو إخفاق شديد، وكاتب الأطفال يحاول أن ينسلخ من كل سنواته الماضية، ليصبح كأنه طفل اليوم، وليس الطفل الذي كانه هو، وهذا أمر شاق جداً، لكن عندما تكون نتيجته جيدة تصبح المشقة فرحاً كبيراً.

تقدير وتكريم

• حصلتم على عدد كبير من التكريمات والجوائز، منها جائزة الدولة التشجيعية في القصة القصيرة جداً، وجائزة اتحاد كُتاب مصر في القصة والرواية، ما الذي تضيفه الجوائز للمبدع؟

- الجوائز تعبِّر عن تقدير يريده ويحتاجه كل من يعمل بأي مجال، أو لنقل الأغلبية للدقة، والجوائز تساعد على انتشار الأعمال الفائزة وأسماء الكُتاب، ليقبل عليهم القراء، وليس أمتع للكاتب من أن يقرؤه المهتمون، لكن الجوائز لا تصنع مبدعاً، ولا تجعل المبدع ينتج عملاً أفضل، ولا تؤثر على العملية الإبداعية ذاتها، ربما تأثيرها الأكبر تسويقي، هذا إذا استثنينا بعض من يكتبون من أجل الجوائز فقط أعمال (تفصيل) كما يُقال.

مختبر السرديات يمد الجسور بين الأجيال المختلفة

نساء المحمودية

• ما جديدكم في عالم الإبداع؟

- انتهيت من رواية «نساء المحمودية... التاريخ السري لخورشيد في 200 عام»، وحالياً في مرحلة المراجعة، التي أتوقع أن تستمر لنهاية هذا العام.

عتيبة في سطور

قاص وروائي وناقد مصري. مؤسس ومدير مختبر السرديات بمكتبة الإسكندرية. رئيس تحرير سلسلة كتابات جديدة بالهيئة المصرية العامة للكتاب. نائب مقرر لجنة السرد القصصي والروائي بالمجلس الأعلى للثقافة. صاحب مشروع «تقرير الحالة السردية المصرية 2001-2020م»، ومشروع مصر المبدعة (2015-2020م). أصدر أكثر من 50 كتاباً في القصة والرواية والقصة القصيرة جداً والشعر والنقد الأدبي وأدب الأطفال وغيرها. كتب عدداً من المسلسلات والتمثيليات والبرامج الإذاعية بالإذاعات المصرية وإذاعة صوت العرب من أميركا.

back to top