شخطة قلم

نشر في 18-08-2023
آخر تحديث 17-08-2023 | 18:03
 محمد أحمد العريفان

دولتنا من أكثر الدول عطاء في العالم، ولطالما حرصت الكويت على أن تحتل مكانة في السياسة الخارجية لا يُستهان بها ونجحت بذلك نجاحاً باهراً، لا ننكر أن عطاءها من أهم عوامل نجاحها في السياسة الخارجية، حتى أصبحت أموال الدولة تنهمر كالهتّان في منح وقروض وغيرها.

فتصريح وزير الاقتصاد والتجارة اللبناني جاء مُستفزاً في صياغته، خصوصاً مع الأخذ بحقيقة أن البرلمان لا يبسط رقابته على المنح والمساعدات المالية المقدمة من الدولة، فالدستور سكت عن ذلك، ولا يستتبع بالضرورة سكوت الدستور عن ذلك أن تحلق أموال الكويت من دولة لأخرى، حتى أصبحت الدول الأخرى ترى الكويت مذنبة في حال لم تقدم هبتها أو مساعدتها!

من الناحية القانونية، للصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية العربية قانون ونظام أساسي ينظمانه، فالقانون رقم (25) لسنة 1974 بإعادة تنظيم الصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية العربية الذي ينص في مادته الأولى على أن للصندوق شخصية اعتبارية مستقلة، ويسند بمادته السادسة لرئيس الوزراء مهمة إصدار النظام الأساسي للصندوق، الذي يبين مادته المادة (17) أن تقديم المنح والمساعدات الفنية للدول العربية والدول النامية الأخرى من عمليات الصندوق، ومن اختصاصات مجلس إدارة الصندوق في مادته الثامنة البت في توصيات المدير العام بشأن القروض والمساعدات، أما المادة (28) من النظام الأساسي ذاته فتنص على أن للصندوق ميزانية عامة مستقلة.

ولا يوجد مانع قانوني باستحداث السلطة التشريعية لنفسها اختصاص الموافقة على المنح والمساعدات الفنية المقدمة من الصندوق، لتضاف عبارة (و في كل الأحوال يجب على مجلس الإدارة الحصول على موافقة الأغلبية المطلقة لأعضاء مجلس الأمة فيما يخص المنح والمساعدات الفنية)، وبذلك يضمن البرلمان رقابة أكثر على أموال الدولة باشتراط الموافقة المسبقة له، على الرغم من تأثير ذلك التعديل على استقلالية الصندوق.

وبذلك يتضح لنا أن الأمر بالفعل «شخطة قلم»، من مجلس إدارة الصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية العربية، لكنها «شخطة قلم» بعد نقاش وتصويت الأعضاء الحاضرين، أي أنه ليس قراراً منفرداً ومُجرد «شخطة قلم» صُوِّرت بطريقة التعبير من وزير الاقتصاد والتجارة اللبناني المتنافية مع الأعراف السياسية.

back to top