هل ننسى دورهم؟! (4)

• دور أهل الكويت في الحروب (2-2)

نشر في 16-08-2023
آخر تحديث 16-08-2023 | 17:54
باسم اللوغاني
باسم اللوغاني
ليس في العالم، في كل دول العالم، مواطن أكبر من وطنه مهما بلغ هذا المواطن من القدر أو سما في الموقع.
ولكن في كل دول العالم، روّاد في مجالاتهم وفي أزمانهم، تكبُر الأوطان بهم، وتعزُّ بشمائلهم، وتحرص على تخليد ذكراهم في وجدان شعوبهم.
إلى أمثال هؤلاء في مسيرة الكويت، ممن عطّروا جدائلها بأخلاقهم، ورصّعوا عباءتها بمواقفهم، ورسّخوا حرياتها برؤاهم، أكتب هذه الحلقات.

يقرر الله تعالى في سورة آل عمران أن الفضل بيده وحده، ولكنه يعطي منه من يشاء من عباده، حسب ما يقرره جل شأنه، فقال تعالى «قل إن الفضل بيد الله يؤتيه من يشاء والله واسع عليم». وأحب في هذه المناسبة أن أروي قصة تاريخية حدثت في عهد الشيخ جابر الأول عندما حشد بندر السعدون أمير المنتفج جيشه قاصداً غزو الكويت بعد انهيار أجزاء من سور الكويت الثاني، فزحف إليها وخيّم في «مَلَحْ»، فما كان من أهل الخير والإحسان والإيمان من أهل الكويت إلا أن هبوا لترميم السور وهم يصيحون بأعلى أصواتهم:

قـل لـبندر قلّـــــــه لا يغرّه مالـــــه

الاطواب جُرّت له والسور يبنى له

اقرأ أيضا

وفي نفس الوقت أرسل الشيخ جابر الأول رجلاً من أهل الكويت، هو عبدالرحمن الدويرج، الذي تربطه علاقة قوية ببندر السعدون، فقال له عند اجتماعه به: «مالك ولحرب أهل الكويت فإنهم تعاهدوا على مناجزتك وعلى أن يقاتلوك قتال المستميت، وقد أودعوا أموالهم ونساءهم والعزيز عليهم في سفن شراعية، فإذا ما خذلوا في الميدان امتطوا غواربها إلى حيث لا تنالهم قوتك، ولا ترهبهم سطوتك، ثم ما الذي يدفعك إلى هذا المضيق، وجابر لا يرى بينك وبينه ما يقتضي خوض غمار الحرب وسفك الدماء البريئة، وهو مع هذا مستعد لأن يقدم لك ما أنت في حاجة إليه من ذخيرة وطعام؟!».

يقول مؤرخ الكويت الشيخ عبدالعزيز الرشيد: «فَفتّ عبدالرحمن بكلامه هذا في عضد بندر وخامره منه اليأس، وعلم أن عاقبة البقاء أو الهجوم وخيمة عليه، فأظهر انصياعه للأمر وكسا الرسول (أي الدويرج) كسوة فاخرة وأرجعه معززاً مكرماً ومزوداً بالتحية لجابر ولقومه، وقفل راجعاً من حيث أتى».


كويتيون يفزعون لبلدهم أمام قصر السيف عام 1961 عندما نشبت أزمة مع العراق بسبب تهديد الرئيس عبدالكريم قاسم كويتيون يفزعون لبلدهم أمام قصر السيف عام 1961 عندما نشبت أزمة مع العراق بسبب تهديد الرئيس عبدالكريم قاسم

فهل ننسى دور أهل الكويت الذين التفوا حول أميرهم وساندوه بسواعدهم في ترميم السور والاستعداد للحرب للدفاع عن أنفسهم؟! وهل ننسى دور عبدالرحمن الدويرج في مواجهته للغازي وحواره الدبلوماسي الذكي الذي أقنع به بندر للتوقف عن الغزو وإنقاذ الكويت بأسرها من حرب لو وقعت لقضت على الكويت وأهلها؟ هل ننسى دورهم؟! هل ننسى شهداء الرقة، والصريف، والجهراء الذين قضوا نحبهم دفاعاً عن الكويت؟ ألم يكن لهم دور في الدفاع عن البلاد والحفاظ عليها من الأعداء الذين سعوا لإلغاء وجودها؟ وهل ننسى آل زمانان الكرام، الذين استشهد مؤسسهم في الكويت مبارك بن علي الزمانان في معركة الرقة، واشتهر منهم غصاب بن زمانان، المعروف بالإقدام والشجاعة أيام حكم الشيخ مبارك الصباح، والذي استشهد في معركة الصريف، وقضى منهم 3 شهداء في معركة الجهراء، هم عبدالله ومحمد وسعد؟ هل ننسى فزعة المطران، والعوازم، والرشايدة، وغيرهم من القبائل الكويتية في المشاركة بالحروب القديمة وتضحيتهم بأرواحهم دفاعاً عن بلدهم وأهلهم؟ هل ننسى دورهم؟!

هل ننسى شهداء الرقة محمد الشمالي، ونجم الوزان، وناصر بن جابر القحطاني، ورشيد بن مروان العنزي (الملقب أبوظهير)، وسالم بن زايد الزايد، وثويني بن دواس العازمي، وغيرهم... وهل ننسى شهداء المعارك الأخرى؟!

back to top