نقطة: تاريخ أهلك مو عاجبني...

نشر في 11-08-2023
آخر تحديث 10-08-2023 | 19:44
 فهد البسام

من حقك أن ترغب في تغيير الواقع، لكن لا تزوّر التاريخ وتبخس الناس أشياءهم، أما إذا كان التاريخ لا يعجبك فهذا من حقك أيضاً، لكن لا تؤلف لنا غيره على عجالة يحركها الهوى ثم تطالبنا بتصديق خيالاتك وأوهامك، كما من حقك أن تعادي أو تكره أبناء أو أحفاد من خلّد ذكرهم التاريخ، لكن لا تنكر أدوار آبائهم وأجدادهم، فظلم الأموات أنكى من ظلم الأحياء.

وفي المقابل كذلك، فإن محاولات تقديس الماضي بالمطلق مرفوضة وتجاوزها الواقع، فهناك أيضاً من يحاول جاهداً باسم الأقدمين وتاريخهم أن يفرض سيطرته على المجتمع أو يحقق منافعه على ظهورهم، بينما يفترض أن التاريخ بكل ما فيه قابل للبحث والتدقيق والتحقيق والتحليل وفق العلم والعقل والمنطق وبموضوعية، بعيداً عن الاستخفاف بعقول الآخرين والتكسب السياسي الطارئ، وإلا سيتحول التاريخ من ماضٍ محفوظ بالسجلات والكتب والذاكرة إلى وسيلة للاستفزاز المتبادل والنبش الذي قد يزعج الجميع بلا فائدة تعود على أحد سوى النكرات ممن يستمتعون بمعارك من يملكون ما ينقصهم.

من لديه مثلاً مشكلة مع التجار في الكويت أو أهل المدينة القديمة أو سكان البادية أو غيرهم فلا تثريب عليه، فهذه من سنن الحياة والتجارة و«الديموقراطية» ونصف الحرية والمرحلة الحالية التي تتطلب الإثارة والبحث الدؤوب عن الخصوم، ومن ثم الاجتهاد بمحاربتهم وتحقيق النصر الزائف عليهم إن أمكن أو إيجاد غيرهم لتستمر حياة البعض السياسية ومعها عجلة التنمية، أما المحاولات العبثية لرسم خارطة تاريخية جديدة على حساب الأموات فلا أظنها تجدي كثيراً، فالتاريخ بالنهاية كتبته الأفعال وليس الميكروفونات.

back to top