«ربطة عنق» براءة الأيوبي تواجه التنمر

• رواية للكاتبة اللبنانية تسلط الضوء على البيئة المريضة بتراجع المبادئ

نشر في 11-08-2023
آخر تحديث 10-08-2023 | 19:47
الكاتبة براءة الأيوبي
الكاتبة براءة الأيوبي
تتصدى الكاتبة اللبنانية براءة أيوبي لمشكلة التنمر في المجتمع العربي، من خلال روايتها «ربطة عنق».

تواجه الكاتبة اللبنانية براءة أيوبي مشكلة التنمر في المجتمع العربي، من خلال روايتها «ربطة عنق» الصادرة حديثا عن دار «الآن ناشرون وموزعون»، حيث تتناول الرواية نموذج فتى نالَت منه التشوهات الخِلقية، مما يجعله عرضة لسخرية الآخرين. الأمر الذي يجعله يخسر أمانه النفسي واستقراره المكاني، ليعثر على نفسه بعد ذلك وقد سلك قَسراً طريقاً معتماً للروح.

معاناة اجتماعية

لا تقدم الرواية حلولاً لهذه المعضلة، لكنها في الوقت نفسه تُعنى بتسليط الضوء على المعاناة الاجتماعية التي تواجه الانسان محل التنمر، ففي زمنٍ يشهد تراجعاً مفجعاً للمبادئ الأخلاقية وسطوة للنواحي المادية... وفي حيّزٍ من هذا العالم يشبه مكاناً يحوينا، تأتي حكاية الفتى غريب، العاجز تماماً عن التآلف مع محيطه الذي توجه إليه بشتى أنواع الاعتداءات النفسية وأحياناً الجسدية، ودفعه إلى الانعزال قسراً لتلافي أي شكلٍ من أشكال الوجع والانهزام.

راحة بال

وقالت الكاتبة براءة أيوبي: انه بفعل استهجان الآخرين لوجوده، استحال غريب من فتى مدلل يعيش في كَنَف أمه مشاعر طيبة وراحة بال، إلى كائنٍ هاربٍ منغمسٍ في الشقاء، وفاقدٍ للاستقرار والانتماء المكانيّ. وذات هروب، يصبح الخوف هو الحقيقة الوحيدة، وتغدو الوحدة الوسيلةَ الوحيدة المتاحة لإضفاء بعضٍ من الحياة على أيّامٍ تنضح بؤساً وبنكهة الحرمان. وبين وحدةٍ وغربةٍ وانعزالٍ من جهة، وعدم القدرة على التأقلم مع بشرٍ يجدون في الاختلاف ذريعة للسخرية والتهكم والاستهزاء من جهةٍ أخرى، تولد رغبةٌ جامحةٌ بالانتقام من الجميع... من القريب قبل البعيد.


غلاف رواية ربطة عنق غلاف رواية ربطة عنق

تراجع القيم

والرواية تعنى أساساً بمدى تراجع القيم في مجتمعات صارت فيها المادة هدفاً لا وسيلة، بتسليط الضوء على المعاناة الاجتماعية التي تواجه الفرد موضوع التنمّر، وحتى الانعكاسات النفسية التي تصيبه عندما تُبتَر علاقته مع المحيط ويعثر على نفسه وقد أُجبر على اعتزال الحياة والأحلام وحتى المكان هرباً من أرضٍ لم تقدّم له سوى الكثير من الخيبات والانهزامات النفسيّة.

وهكذا تسير أحداث الرواية بين دهاليز الخسارات حيناً والشرور حيناً آخر، ليأتي بعدها قرار العودة إلى الجذور كأفضل مكانٍ يحتوي ويُدفئ رغماً عن كل الإساءات.

هيبة ووقار

وحول اختيار «ربطة عنق» عنوانا للرواية، تقول أيوبي: ربطة العنق في الرواية هي أولاً جزء من الملابس الرسمية التي يرتديها الرجال وتمنح صاحبها هيبةً ووقاراً، وهي ثانياً تلك القيود التي تنبع من جَهل المحيط وتراجع القيم فيه، فتلتفّ كالرباط حول العنق وتَحول دون قدرة الفرد على الانطلاق وخوض غمار الحياة بحلوها ومرّها، خوفاً من ردود الفعل السلبية للآخرين. إنها البيئة المريضة بتراجع المبادئ وفقدان أدنى مقومات الرقي الأخلاقي، والتي تفرض قسوَتَها على ضعف الأفراد ومعاناتهم، فتُحيلهم مجرّد مسوخٍ مؤذية للذات والمحيط.

نصوص نثرية

يشار إلى أن براءة الأيوبي كاتبة لبنانية حازت إجازة في العلوم السياسية والإدارية، وصدرت لها «ذاكرة روح» (نصوص نثريّة)، «المسكونة» (مجموعة قصصية)، وروايتي «حياة ترف»، «ورد جوري»، كما شاركت في كتاب جماعي حول جائحة كورونا بعنوان «أحاديث الجائحة.. شهود من أهلها»، وهي لا تفضل تحديد إطار معين لتوجهاتها الكتابية مستقبلا. وتقول: «من وجهة نظري، على الكاتب أن يتبع مشاعره في موضوع إنجازاته الكتابية. فقد يكتفي، في مرحلةٍ ما، برَصف أحاسيسه بشكل نصوص نثرية متفرقة، أو قد تقوده اللهفة في توقيتٍ آخر إلى العمل السردي الروائي، أو قد يرغب في التقاط أحداث متفرقة وبناء نصوص حولها».

back to top