حوار عن الأنساب مع خالد الدخيل

نشر في 08-08-2023
آخر تحديث 07-08-2023 | 18:44
 د. نجم عبدالكريم

عندما أخذ بنا الحوار عن النسب والأنساب مع أستاذ علم الاجتماع السياسي، قال لي الكاتب السعودي خالد الدخيل:

- في موضوع النسب، أنا خلدوني المذهب.

- لكن جدك ابن خلدون هذا تلقى نقداً لاذعاً من الحصري والوردي وطه حسين وغيرهم.

- إنهم يأخذون عليه موقفه السياسي، فيما أنا أتكلم عن موضوع تاريخي علمي.

- هل تقصد أن ارتباطك بابن خلدون فكرياً في موضوع النسب هو ارتباط فكري وثقافي؟!

- نعم... وأعطني فرصة لإيضاح هذه الفكرة.

- تفضل.

- يقول ابن خلدون إن النسب الذي تتجاوز فائدته قانون الورث الشرعي والذهاب إلى أبعد من ذلك هو نوع من الوهم.

- هذه النقطة - دكتور خالد - تحتاج إلى تفسير.

- تفسيرها يا صديقي، أن الأنساب تعود لآلاف السنين، ولم يكن هناك توثيق للمواليد والأنساب. وحتى الأسر التي تولت الحُكم على امتداد التاريخ الغابر لم تستطع الأسرة الواحدة منها أن تتجاوز أعداداً محدودة من ذكر الأجداد، فتُبنى على أثر خواتيم أنسابهم نتائج تاريخية أنثروبولوجية لا أساس لها إلا على البُعد الأيديولوجي القبلي، ويتجاهلون عوامل كثيرة، كالحروب والهجرات والصراعات والتحالفات والتزاوج عبر الأزمنة الطويلة، وأثر كل ذلك على النسب. وكأن النسب عبر تلك القرون يجب أن يبقيهم على ما هُم عليه إلى أبد الآبدين من دون إحداث أي تغير.

- أليس من حق الإنسان أن يبحث عن جذوره؟!

- يا عزيزي، كيف يمكن لإنسان في عصرنا أن يُعيد نسبه لجذور تفصله عنها آلاف السنين؟!

- والسبب؟!

- السبب يعود لمبدأ التراتبية.

- يعني؟!

- يعني ليس هناك مجتمع في الأزمنة الغابرة يخلو من أهداف اجتماعية، كالورث وحفظ النسل.

- هل تقصد بذلك التراتبية العلمية التاريخية؟!

- لا، بل أقصد التراتبية التي هي جزء طبيعي من بنية مجتمع إنساني، ولأوضح لك الصورة أكثر:

المقاربة التاريخية العلمية، تضع موضوع النسب، وتتعامل معه على أساس من المتغيرات في الزمان والمكان، والنسب في الماضي كان مبرراً ومفهوماً ومفيداً، لكن في الزمن الراهن لا معنى له، ولا فائدة، لأن أساسه قد تلاشى.

- إذاً أستطيع القول إنني أنتسب علمياً وتاريخياً لهذا الهاتف، الذي جعلني أتحاور معك على بُعد مسافات طويلة لأكثر من ساعة!

- لو بحثت عن دور الهاتف علمياً واجتماعياً في تاريخ الإنسان المعاصر، لوجدته يشكِّل علاقة تفوق علاقة النسب.

- شكراً دكتور.

- عفواً.

back to top