القسطاوي: الدخلاء على المشهد الأدبي أفسدوا الكتابة للطفل

• تولى أخيراً منصب مدير كرسي «الألكسوا» لخدمة الطفولة العربية

نشر في 06-08-2023
آخر تحديث 05-08-2023 | 19:05
 الأديب إيهاب القسطاوي
الأديب إيهاب القسطاوي
توِّجت مسيرة الأديب إيهاب القسطاوي في مجال الكتابة للطفل باختياره من قِبل المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم (الألكسوا)، ليتقلد منصب مدير كرسي الألكسوا لخدمة الطفولة، ليكون أول مصري يشغل هذا المنصب المعني بخدمة الطفل في الوطن العربي. ويمتلك القسطاوي رؤية شاملة للنهوض بأوضاع الطفولة العربية، تحدث عنها في حواره مع «الجريدة». والقسطاوي الذي تم اختياره لهذا المنصب أخيراً، قاص وروائي، تخصص في أدب الطفل، وصدر له العديد من المؤلفات، منها: «محاكمة طيور بريئة»، «سر المزرعة الغريبة»، «رهوان كروان»، «أحلام خيال المآتة»، «رسالة من النيل» وغيرها. كما نال العديد من التكريمات والجوائز، كان آخرها جائزة أنا والصين، وجائزة عميد الأدب العربي عن القصة القصيرة، وإلى نص الحوار:

• لكم إصدارات أدبية متنوعة المضامين والطروحات، منها كتاب «حلوى التين الشوكي»، الصادر أخيراً، نود إلقاء الضوء على أهم ما يشتمل عليه من قضايا.

- كتاب «حلوى التين الشوكي» يتناول موضوعاً مهماً وشائكاً، فهو يرسخ فكرة تقبل الآخر والتنوع عند الأطفال، حيث يكرِّس هذا الكتاب أهمية الاختلاف كعنصر أساسي للتواصل، لا سيما لاكتشاف الآخر، وما لديه من تنوع وغنى، إضافة إلى كونه وسيلة تكامل.

وتأتي أهمية الكتاب بما يحويه من أفكار إبداعية تدعو إلى تقبل الاختلاف بكل ما يحمله من تغاير، وأن لكل منا ما يميزه عن غيره، ليصل الطفل في النهاية إلى قناعة مفادها أن الاختلاف دليل التميز والإبداع، فمن الضروري أن ينشأ الطفل على تقبل الطرف الآخر، مهما كان هذا الطرف الآخر يختلف عن الطفل في العرق والدين والقيم والعادات والتقاليد، مع ضرورة أن يتعرف الطفل على العادات والقيم والمعتقدات المختلفة، حتى تتوسع المدارك المعرفية لديه.

كرسي «الألكسوا»

• توج مشواركم الأدبي باختياركم من قِبل المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم (الألكسوا)، لتولي منصب مدير كرسي «الألكسوا» في خدمة الطفولة، وهذا يضعكم أمام تحدٍّ كبير، إذا أردنا الحديث عن الجهود الرامية التي تقدمونها في دعم أدب الطفل العربي، ماذا تقول؟

- أسعى إلى وضع خطة شاملة للارتقاء بالطفولة، بالشراكة مع كل الجهات المعنية في عالمنا العربي تحت مظلة «الألكسوا»، وحتى أكون أكثر صدقاً، أستطيع القول إن أمامي تحديات وأشواطاً كثيرة يجب أن أقطعها، فأنا أضع نصب عيني الطفل الفلسطيني الذي يعاني جميع أنواع الحرمان من أبسط الحقوق الدولية التي يتمتع بها كل أطفال العالم، الذي يعاني القتل والجرح والاعتقال كجزء من شعبنا العربي الفلسطيني المقموع، الذي يعاني مرارة الاحتلال الصهيوني بكل أذرعه، والأطفال في السودان، الذين يعيشون أوضاعاً مأساوية، بسبب تفاقم أزمة الصراع الراهن فيما يتعرضون للقتل، بسبب الرصاص الطائش بشكل شبه يومي، والأطفال السوريون اللاجئون، وأطفال اليمن، وأطفال الصومال، وأطفال جزر القمر، وأطفال موريتانيا.

هناك إذن تحديات كثيرة تقف عائقاً أمام النهوض بأدب الطفل عربياً. إن الجهود الرامية للنهوض بالأدب الموجه للأطفال عربياً تصطدم بحزمة من التحديات، الأمر الذي يؤكد الحاجة لوضع رؤية قابلة للتطبيق للتعامل مع تلك التحديات.

مرصد الطفولة

• منذ توليتم منصب مدير كرسي «الألكسوا» تقدَّمتم بمقترح لإنشاء مرصد للطفولة يكون مقره بيروت، ما الرؤية التي تهدف من وراء ذلك؟

- بالفعل تقدمت بمقترح يقضىي بإنشاء مرصد لرصد اتجاهات وميول الأطفال في الوطن العربي كأول مرصد من نوعه، بمشاركة كل الأجهزة المعنية. وكان الهدف من هذا المقترح تكوين قاعدة بيانات عن واقع الطفولة في العالم العربي بشكل علمي، من خلال نخبة من الخبراء وعلى أرض الواقع، ووضع البيانات التحليلية أمام الباحثين وكُتاب أدب الطفل وصُناع القرار.

• ما الفرق بين الكتابة لطفل الأمس واليوم، أم أن الطفل هو نفسه في كل زمان ومكان؟

- الطفل هو الطفل في كل زمان ومكان، لكن الفارق الحقيقي يكمن في الكتابة، فأطفال الأمس قد بث في نفوسهم عبر عقود من الزمان بذور الخوف والرعب، وترسيخها وتعميقها في وجدانهم، من خلال حكايات خرافية على شاكلة: «البعبع»، و«الغول»، و«النداهة»، و«الغولة»، و«أبو رجل مسلوخة» وغيرها، لكن في العصر الحالي علينا جميعاً أن ندرك وجود وسائل التكنولوجيا الحديثة، والطفل يلجأ لاستخدام هذه الوسائل من أجل التسلية، لذلك أعتقد أنه مخطئ من يظن أن استخدام الأساليب التعليمية والتربوية القديمة مع جيل هذا اليوم ستجدي نفعاً. وهنا، أقصد بالطبع اللغة التي تمكّن الطفل من فهم الآخرين، وعبرها نستطيع أن نشرح للطفل ما نريده منه، ويستطيع الطفل، في المقابل، أن يتعلّم ما يريد قوله، ويتمكن من التعبير عن ذاته.

كما أرى أن أحد التحديات الأخرى التي تعيق تقدم الأدب الموجَّه للطفل في العالم العربي، هو ظاهرة الدخلاء على المشهد الأدبي، وهي ظاهرة تسببت في إحداث المزيد من السطحية والارتباك في مجال أدب الطفل.

صورة الأطفال

• هل أنت راضٍ عن صورة الأطفال في الإعلام العربي؟

- تنطوي التغطية الإعلامية حول أوضاع الأطفال واليافعين على تحديات محددة بها. ففي بعض الحالات، قد تؤدي التغطية الإعلامية حول أوضاع أطفال معينين إلى تعريضهم أو تعريض أطفال غيرهم لخطر الانتقام أو الوصم، وأؤيد المبادئ التوجيهية لـ «يونيسف» بشأن التغطية الإعلامية الأخلاقية، لذا يتعيَّن على وسائل الإعلام احترام كرامة كل طفل وحقوقه في جميع الظروف. كذلك عند مقابلة الأطفال وتغطية أوضاعهم، يجب إيلاء عناية خاصة لضمان حق كل طفل بالخصوصية والسرية، وبإيصال آرائهم، والمشاركة في القرارات التي تؤثر عليهم.

• هناك تهميش تجاه الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة في العالم العربي، ما رأيك؟

- أعتقد أنه لا يوجد تهميش عن قصد لأصحاب الهمم، لكن يوجد جهل في طرق التعاطي فيما يلبي احتياجاتهم، فمن غير الإنساني أن يُعامل الطفل ذو الإعاقة بناءً على إعاقته، بل من الطبيعي أن يُعامل كطفل طبيعي.

رؤية شاملة

• ما رؤيتكم للنهوض بأوضاع الطفل العربي؟

- أعكف حالياً على إنشاء قاعدة بيانات حقيقية على أرض الواقع للطفولة العربية، من خلال تبادل المعلومات البحثية مع الجامعات ومراكز البحوث الأخرى. كذلك العمل على تدشين المنصة العربية لتعليم الأطفال. أيضاً أحضر لبعض المبادرات للدعم النفسي والاجتماعي للأطفال، في ظل الأزمات والحروب، من أجل إعادة توازنهم النفسي والاجتماعي. كذلك أعمل على تدشين إذاعة الطفل العربي، وسوف تكون أول إذاعة من نوعها في العالم، لأن من سيقدم برامجها المتنوعة هم الأطفال بأنفسهم، أي ستكون من الأطفال إلى الأطفال.



كذلك أعمل على إعداد قاعدة بيانات للموهوبين في الوطن العربي، لدعمهم وتنمية مواهبهم. أيضاً الإعداد لمبادرة سفراء البيئة على مستوى الوطن العربي، والتحضير لأول مهرجان أدبي من نوعه، وهو مهرجان ليبيا العربي لأدب اليافعين، وكذلك أول أوبريت للعرائس تحاكي البيئة المحلية لجميع بلدان الوطن العربي.

جوائز

• حصدتم العديد من الجوائز، كان آخرها جائزة «أنا والصين» وجائزة عميد الأدب العربي عن القصة القصيرة، ما الذي أضافته إليكم؟

- أرى أن الجائزة الأبرز التي تضيف لأي كاتب تتوقف على مدى مقدرة إبداعه على إحداث تغيير في مجتمعه إلى الأفضل. كذلك ترتبط الجائزة بشكل أساسي بقيمة من يمنحها، لأننا أصبحنا نعيش حالياً حالة فوضى عارمة من الجوائز والألقاب الأدبية التي تمنح بالمجان لانصاف الموهوبين الذين يتصدرون المشهد الإبداعي في أماكن عدة، وهذه دلالة قاطعة على شحوب الحياة الثقافية.

back to top