هانوي مصابة بـ«متلازمة بكين»

نشر في 08-11-2022
آخر تحديث 07-11-2022 | 18:51
 ذي دبلومات كان أمين عام الحزب الشيوعي الفيتنامي، نغوين فو ترونغ، أول زعيم أجنبي يزور الصين بعد فوز شي جين بينغ بولاية ثالثة كأمين عام الحزب الشيوعي الصيني، فثمة علاقة طويلة ومتضاربة بين البلدين، لكن يبدو أن القيادة في هانوي تراهن على حصد منافع مزدوجة من الظروف المستجدة، فقد أدت نزعة الشركات الغربية إلى تنويع مواقعها وعدم حصر نفسها بالصين إلى تدفق استثمارات جديدة إلى فيتنام، وفي ظل تصاعد التوتر بين بكين وواشنطن، انتقلت المصانع التي كانت تقع في الصين إلى فيتنام في الفترة الأخيرة، مما أدى إلى تحسين الفرص الاقتصادية في فيتنام.

في الوقت نفسه، يبدو أن القادة الشيوعيين في فيتنام يعتبرون بكين حصناً منيعاً للحفاظ على نظامهم الاستبدادي، حيث ذكرت افتتاحية نشرتها صحيفة «غلوبال تايمز» الصينية الحكومية، يوم الخميس الماضي، أن العلاقات بين الولايات المتحدة وفيتنام لها «سقف معيّن» رغم مساعي واشنطن الحثيثة لاستمالة هانوي إلى محورها، فهذه الصحيفة القومية معروفة بأسلوبها اللاذع عموماً، وهي تعكس الواقع حين تذكر أن «هانوي لن تتقرب من واشنطن أكثر من اللزوم على الأرجح، نظراً إلى اختلاف البلدَين من الناحية الأيديولوجية».

التزمت الحكومة في هانوي الصمت بعد إقدام روسيا على غزو أوكرانيا بسبب هذا العامل الأيديولوجي تحديداً، إذ تسود مشاعر من الحنين إلى حقبة الاتحاد السوفياتي ويتضامن البلد مع بكين على نحو غريب، وامتنعت الحكومة الفيتنامية هذه السنة عن التصويت على جميع القرارات التي تؤكد سيادة أوكرانيا في الجمعية العامة التابعة للأمم المتحدة، رغم اهتمام فيتنام الواضح بالاصطفاف مع نظام دولي حيث تحترم الدول ميثاق الأمم المتحدة وتمتنع البلدان الكبرى عن مضايقة جيرانها الأصغر حجماً.



يقال إن نغوين فو ترونغ تعهد برفض جميع التحالفات العسكرية وعدم السماح بنشر أي قواعد أجنبية على أراضي فيتنام مراعاةً منه لبكين، فعملياً، لطالما اتخذت فيتنام هذا النوع من المواقف، لكن بالغ ترونغ في مواقفه أكثر من أي زعيم فيتنامي شيوعي آخر حتى الآن، لا سيما في إصراره على إعطاء الأولوية للصين، وعلى عكس التصريحات المتكررة سابقاً، يَعِد أحدث بيان مشترك بين الطرفَين بالدفاع عن الحزب والنظام الاشتراكي في كل بلد في ظل الظروف المستجدة.

منح شي جين بينغ «وسام الصداقة» إلى ترونغ لهذه الأسباب على الأرجح، وأصبح ترونغ عاشر شخصٍ فقط يتلقى أعلى وسام من جمهورية الصين الشعبية، فكانت ردود الأفعال على مواقع التواصل الاجتماعي في فيتنام لاذعة، حيث كتب أحد مستخدمي «فيسبوك» التعليق التالي: «كنا نظن أن ترونغ سيذهب إلى هناك للمطالبة بإعادة جُزُرنا، لكنه ذهب لتسلم وسام»، وانتقد آخرون تذلل ترونغ الذي اتّضح حين صافح شي جين بينغ بيديه معاً، إذ تشير هذه الحركة في الثقافة الفيتنامية إلى سلوكٍ يقوم به مسؤول مبتدئ عند الترحيب بشخصٍ أعلى مرتبة منه.

من المعروف أن «الشارع الفيتنامي» يعارض الصين، لا سيما جماعات الناشطين، ويميل هذا الفريق إلى اعتبار الصين تهديداً خطيراً على سيادة فيتنام وعائقاً أمام انفتاح البلد سياسياً، فوفق استطلاعات أجرتها منظمات خارجية مثل «مركز بيو للأبحاث» وقناة «بي بي سي» لمعرفة آراء الناس حول الصين، اقتصرت نسبة الفيتناميين الذين يحملون نظرة إيجابية إلى الصين على 10% كحد أقصى.

لكن يحمل الحزب الشيوعي الفيتنامي رأياً مختلفاً على ما يبدو، فعندما غادر نغوين فو ترونغ فيتنام للتوجه إلى الصين، في 30 أكتوبر الماضي، حَضَر معظم أعضاء المكتب السياسي للحزب الشيوعي إلى المطار كي يتمنوا له رحلة ناجحة، وقدّم رئيس الدولة ورئيس الحكومة باقة كبيرة من الأزهار إلى ترونغ تعبيراً عن دعمهما له، فبالنسبة إلى القيادة الشيوعية في فيتنام، من المفيد أن يحافظ البلد على علاقات وثيقة مع الصين برئاسة شي جين بينغ.

* «دوي هونغ »

back to top