الزبيدي ملك الأسماك
يعد الزبيدي من أشهى الأسماك البحرية لمذاقه اللذيذ وخلوه من الشوك الضار، وهو ملك الأسماك دون منافس، وإقبال المواطنين عليه كبير، وينعكس ذلك على سعره العالي، ولا يقتصر علو الطلب على الزبيدي في الكويت والخليج، لكنه مطلوب أيضا وسعره مرتفع في الهند وشرق آسيا والصين وكوريا الجنوبية، وعلى ضوء أهمية الزبيدي الذي يطلق عليه علمياً اسم (Pampus argenteus) قام معهد الكويت للأبحاث العلمية بتجارب على استزراعه من عام 1998 حتى 2017، ومن نتائج هذه التجارب عرفنا الكثير عن طرق تكاثره ونموه وتحركاته في المياه الكويتية.
نرى على بسطات سوق السمك يافطات مدون عليها زبيدي محلي وإيراني، وفي بعض أوقات السنة يطرح زبيدي باكستاني وبنغالي، فهل هي من نوع الزبيدي المحلي نفسه؟ وما الفرق بينها؟ فمن المعروف أن الأسماك تتنقل من منطقة إلى أخرى لسببين: إما الرعي أو التكاثر، وهي مناطق مختلفة عند معظم الأسماك، فتتجمع الأسماك في هذه المناطق المحدودة نسبيا بكثافات عالية، حيث يتم صيدها بوفرة، وقد تكون مناطق الرعي قريبة من مناطق التكاثر أو قد تبعد مئات الكيلومترات، وذلك يعتمد على نوع السمك. فسمكة الميد على سبيل المثال تتنقل بين المياه حول جزيرة كبر لوضع بيضها في الشتاء وبين السواحل الكويتية بما فيها جون الكويت للرعي في الصيف، وهو وقت وفرتها في السوق.
أما الزبيدي في شمال الخليج العربي فيضع بيضه في فصل الصيف، حيث تتنقل كمجموعات صغيرة من مناطق رعيها إلى مياه جون الكويت، والمنطقة بين جزيرتي فيلكا وبوبيان، ومجموعات صغيرة أخرى تضع بيوضها حول السواحل الشمالية الإيرانية، وفي جنوب الخليج العربي هناك مجموعة أخرى من الزبيدي تضع بيوضها في فصل الخريف حول جزيرة قشم والسواحل الإيرانية الجنوبية، ويعتقد أن كل أسماك الزبيدي الخليجي سواء التي تضع بيوضها في فصل الصيف شمال الخليج أو التي تضع بيوضها في الخريف جنوب الخليج تتجمع في الشتاء للرعي في مناطق عميقة في عرض مياه الخليج العربي، حيث المياه فيها أدفأ من المياه الضحلة القريبة من الساحل، وعندما يحل فصل الربيع ويدفأ البحر تتفرق هذه المجموعات وتتجه كل مجموعة إلى مناطق تكاثرها القريبة من السواحل.
فالأكيد أنه لا فرق بين الزبيدي الإيراني أو الكويتي في الشكل، لكن قد يفرق في درجة طراوته عندما يطرح في السوق نتيجة طرق تخزينه، فالكويتي يكون أكثر طراوة بسبب قصر المسافة بين مناطق صيده ونقله الى السوق، ويمكن تمييزه عن الإيراني بوجود القشور الفضية الصغيرة (السفط) على جسمه وميل لونه الى البياض الفضي، أما الزبيدي الإيراني فيفقد جزءاً كبيراً من هذه القشور، ويميل لون أطراف زعانفه إلى الأسود بسبب طول مدة وضعه في الثلج.
وموسم وفرة الزبيدي في الكويت يتزامن مع قربه من السواحل للتكاثر، فمن المعروف أن الأسماك تكون سمينة ولذيذة قبل وقت تكاثرها، وذلك بسبب زيادة مستوى الزيوت في أجسامها، والذي يتناقص بشكل كبير بعد وضع البيض، فالزبيدي الذي يحتوي على البيض أو (الحُبل)، دائما ألذ من الأسماك التي انتهت من وضع البيض، ولذا يطلق مصطلح «موسمه» على نوع من السمك ليدل على أنه سمين وفيه (حَبَل) ولم يضع البيض بعد.
أما الزبيدي الذي يطرح في السوق ومصدره خارج الخليج العربي فمن الصعب التأكد من أنه الزبيدي الخليجي نفسه، فهناك عدة أنواع أخرى تشبه الزبيدي الخليجي وتستوطن خليج البنغال وبحر الصين الجنوبي وحتى جنوب اليابان، ولا توجد دراسات على حقيقة طرح هذه الأنواع في سوق السمك.
تخزين السمك
تقوم الهيئة العامة لشؤون الزراعة والثروة السمكية بإدارة مصايد أسماك الزبيدي والميد والربيان من خلال السماح لصيد هذه الأنواع في شهور قليلة من السنة، والمنع في الشهور الأخرى، حيث يفتح موسم صيد الزبيدي في شهر يوليو والميد في مايو والربيان في أغسطس، وتطرح هذه الأنواع بوفرة في موسمها في السوق، وترغب معظم ربات البيوت بشراء الأسماك أو الربيان بكميات كبيرة خلال موسم صيده للاستفادة من سعره المناسب عند وفرته في السوق وبقائه على المائدة خلال وقت المنع.
وكثيراً ما يتساءل بعض المهتمين عن أفضل طريقة لتخزين السمك أو الربيان؟
من الأفضل، حسب الدراسات، أن يتم تنظيف السمك جيداً من الأحشاء والأعضاء الداخلية قبل تخزينه في الفريزر، حيث تحتوي الأحشاء على نسبة عالية من البكتيريا، ويساعد إزالة جزء كبير من هذه البكتيريا على الحفاظ على جودة السمك لمدة طويلة عند تخزينه، وكذلك بالنسبة إلى الربيان فمن الأفضل إزالة الرأس والأحشاء التي تقع كخيط رفيع تحت القشرة في أعلى جسم الربيانة، كما يجب وضع السمك أو الربيان بعد تنظيفه وغسله بكيس بلاستك وإغلاقه بإحكام قبل تخزينه حتى لا يفقد طراوته.
* مدير دائرة الزراعة البحرية والثروة السمكية بمعهد الكويت للأبحات العلمية سابقا.