ما الإرادة الشعبية؟ وكيف نعرفها؟

نشر في 28-07-2023
آخر تحديث 27-07-2023 | 20:31
 عمر العبدلي

قد يكون مصطلح الإرادة الشعبية أحد أكثر المصطلحات المتداولة في المجال السياسي المحلي في يومنا هذا، فما الإرادة الشعبية؟ ولماذا هي مهمة؟ وكيف نعرف أنها تحققت؟ ومتى تحققت؟

تكمن أهمية هذا المصطلح بسبب تحوله من مصطلح قياسي إلى مصطلح معياري، بمعنى أن المصطلح يمكن أن يساعدنا في وصف ما حدث لنتمكن بعد ذلك من بحث الأسئلة التالية: لماذا حدث؟ وكيف حدث؟ وماذا يعني؟ إلا أنه تحول من كونه مقياساً ومصطلحاً وصفياً إلى أداة معيارية، بمعنى هل ما حدث صحيح؟ وهل يجب أن يستمر؟ ومن ثم فرز المجال السياسي على أساسه بين حلفاء وأعداء.

تبحث هذه المقالة عن المصطلح واستخدامه في مجالنا الكويتي، منطلقة من السؤال التالي: هل يمكن لمصطلح الإرادة الشعبية أن يكون أداة معيارية، ومن ثم التمييز بين الصحيح والخطأ أم أنه أداة للقياس ومعرفة الحدث، وهل تحقق أم لا؟

يمكن تعريف الإرادة الشعبية بأنها رأي الشعب، ويمكن قياس هذا الرأي بطريقتين: الأولى الاستفتاء العام، والأخرى نتائج الانتخابات، وذلك من خلال معادلة بسيطة، وهي حساب نسبة التصويت ومن ثم مخرجات الناخبين لأعضاء البرلمان، فإذا كانت نسبة التصويت 70٪ وكانت مخرجات البرلمان 25 عضواً محافظاً، أمكننا أن نقول إن الإرادة الشعبية تميل للمحافظين بنسبة 35٪ من مجمل المقترعين.

لنأخذ مثالاً على ذلك للإجابة عن السؤال التالي: ماذا كان رأي الشعب من دعوى المقاطعة في انتخابات مجلس الأمة في ديسمبر 2012، هل تحققت الإرادة الشعبية في هذا المجلس، وذلك بعدما أعلنت قوى المعارضة قرار مقاطعة الانتخابات؟

يمكننا أن نعرف الإجابة عن هذا السؤال وعن رأي الشعب وتحقق الإرادة الشعبية من عدمها من خلال حساب نسبة المشاركة في تلك الانتخابات، وقد كانت المشاركة ضعيفة بنسبة 39٪، وهنا يمكن القول إن الرأي الشعبي رفض المشاركة في الانتخابات، أو بلغة شاعرية أخرى، وهي أن الإرادة الشعبية انتصرت لقرار المقاطعة.

وبالمقارنة فإن مجلس الأمة لعام 2016 قد عبر عن الإرادة الشعبية تعبيراً قوياً، حيث بلغت نسبة المشاركة فيه 68٪، مساوياً لنسب المشاركة في الانتخابات اللاحقة ومتجاوزا بعضها الآخر، وهي مجالس الأمة المتتالية مجالس 2020، و22، و23.

على الرغم من هذه الحقائق الإحصائية فإن هذا الوصف الإيجابي سحب من مجلس 2016، حيث وصفه النائب الشاهين بأنه مجلس مختطف في مقابلة أجراها عبر برنامج الطريق إلى البرلمان 2020، وكثرت هذه المقولات التي تصف مجلس 2016 بأنه مسلوب الإرادة ولا يمثل الإرادة الشعبية، على العكس من مجلس 2022 و2023، حيث وصفا بأنهما مجلسان تحققت فيهما الإرادة الشعبية، وقد بارك أحد أكثر نقاد مجالس الأمة في فترة ما بين مجلس ديسمبر 2012 (المبطل الثاني) وحتى مجلس 2016-2020 النائب السابق فيصل المسلم بتغريدة نشرها في يونيو 2023 تعليقاً على نتائج الانتخابات لمجلس الأمة 2023 واصفا إياها بأنها استرجاع وفرض للإرادة الشعبية.

يتضح من هذا أنه يمكن معرفة تحقق الإرادة الشعبية من عدمها عبر طريقتين هما الاستفتاء وحساب نسبة الاقتراع في الانتخابات ومخرجاتها، وهذا التحليل يؤكد أن مجلس الأمة 2016 هو انعكاس لهذه الإرادة، كما هي الحال بالمجالس اللاحقة له ما دام قياسنا هو نسبة تصويت الأغلبية ومخرجاتها، وعليه فالصحيح أن نتعامل معه كما هو، ثم محاولة فهم أسباب تحول الرأي العام من معارض إلى حكومي ثم العكس في الفترة ما بين 2012 و2023.

back to top