حكومات متعاقبة وفرص ضائعة

نشر في 28-07-2023
آخر تحديث 27-07-2023 | 18:53
 محمد خلف الجنفاوي

منذ مجلس 1921 إلى مجلس 1938 حتى العمل بالدستور بداية الستينيات كان لدى حكام الكويت مشروع دولة المواطنة والحقوق للجميع، وتحويل الكويت إلى ورشة عمل ضخمة لبناء الإنسان ثقافياً وفكرياً وصحياً وتعليمياً ورياضياً في مجتمع ينشد التغيير بوجود برنامج وخطة وشغف وإدارة وإرادة ومتابعة ومحاسبة وتشجيع والتركيز على العمل والإنجاز.

وهي حقبة حتى الآن نعيش على إنجازاتها، ومع التوسع والتغيير الطبيعي للبشر وتصادم الأفكار والأشكال والمميزات بدءاً مما حدث عام 1967 وعام 1976 وصولاً إلى ديوانيات الاثنين عام 1986 وتباعد الفهم للعملية السياسية، برزت قوى وفعاليات تريد توجيه المشهد لمصالحها، وهذا يعطل البلد ومصالحه.

لذلك نشد على يد الحكومة بتقديمها مشروع الهيئة العامة للانتخابات، ونشد أيضاً على يد أعضاء المجلس الذين قدموا مشروع الأحزاب السياسية، والسعي لإشهار التجمعات بشرط ألا تكون بلون واحد، ولا يكون لها امتداد خارجي يشكل خطراً على تجربة الكويت كلها.

باختصار يجب أن يشمل التجمع السياسي عدة شرائح، ويصوّت عليه لتحقيق البرنامج النجاح بنسبة جيدة، ويمدد له أو يتم تغييره لفشله فتكون المحاسبة الحقيقية حاضرة بعيداً عن الفوضى الحالية، ومن لا يرغب بدخول الحزب لأنه يريد اللون الواحد فلينزل الانتخابات مستقلاً، فالديموقراطية أساسها الأغلبية التي تشرع قوانين لمصلحة الوطن والمواطن، وتتم مراقبة البرنامج وتنفيذه من الناخب صاحب الرقابة الحقيقية.

ومع أن المشاريع والدراسات مليئة بالأدراج لكن القرار الذي يعمل من خلال تضامن حكومي غير موجود، فأين الإدارة المنسجمة وعمل الفريق الذي يعرف المطلوب منه، والأهم المتابعة والمحاسبة؟

لذلك أعتقد أن إشهار تجمعات على أسس فكرية ومنع إنشاء تجمع بلون واحد هو بداية عهد مهم سينقل العمل السياسي الديموقراطي إلى واقع آخر بعيداً عن العمل الفردي، حتى لو كان هناك من الأعضاء مبدعون فكراً وأداءً ونزاهة، وكما قال تشرشل باختصار «الديموقراطية صوتان مقابل صوت»، أي أغلبية تمرر برنامجاً ومعارضة حقيقية تقدم حلولاً من خلال ثغرات البرنامج الحكومي، وهدف الجميع تنافس الأفكار وتقديم الحلول وحل المشكلات لا الجدل حولها، وهو الذي أضاع فرصاً تعليمية واقتصادية ورياضية وثقافية وعلمية.

فمشاكل الديموقراطية حلها يكون بالمزيد منها وتنظيمها لا التجني عليها كما يتمنى البعض، لا سيما أن الديموقراطية قائمة على احترام الآخر واحترام الاختلاف، وهي ثقافة قبل أن تكون صندوقاً أخرج «هتلر» وأصحاب الفكر واللون الواحد.

«لا كرامة من غير حرية ولا حرية من غير كرامة». (الشيخ عبد الله السالم الصباح، رحمه الله).

back to top